القاهرة (زمان التركية)ــ الأحداث فى مناطق النزاع المختلفة تدور حول خلط المنطق وتبديل أجزائه الجزء مكان الآخر – وفقا لرغبات أصحاب المصلحة فى المواقع المختلفة – بحيث لم يعد للمنطق وجه محدد يمكن التعرف عليه على السطح . بل ربما تبدل وجه المنطق تبدلا خطيرا بمبدأ أن الحق مع القوة : من يملك القوة يملك الحق ، وهذا هو التفسير الوحيد لأمور كثيرة على الساحة الدولية الآن.
ولذلك أيضا، لا تجد الجهود الدولية سبيلا الى حل مقبول أو جيد ولا تصل إلى شىء. فقط تدور الجهود الدولية حول نفسها وحول المصالح المباشرة والتهديدات الظاهرة والخفية بالمنع والقطع والمنح والشراكات الشاملة . فأين تجد الحقوق مكانا ؟ قد تبدو كل الادعاءات – من كل الجوانب – كاذبة، فلا يوجد من يهتم بقول الحقيقة، بل يوجد من يحاول خداع العالم كله وخداع قومه قبل الجميع وهو يعلم أن لا أحد يشترى محاولاته الفارغة المضمون، ولكنه يستهلك الوقت من أجل البقاء فى موقعه بينما يؤدى الزمان دوره المعتاد فى قتل البعض واظهار البعض واخفاء البعض الى ما لا نهاية من التغييرات فى عناصر صورة الواقع.
تماما كموج البحر لا نهاية له بين الشدة والرقة والعلو والانخفاض والذهاب والإياب من والى الشاطىء . فالموج لا يمل التكرار ولا يشعر بالزهق من دورته المستمرة الى الأبد . ولكن البناء والدمار يشيران كل باصبعه الى الحقيقة : فما أنتج نموا وزيادة وسلاما كان طيبا، وما أنتج دمارا وموتا وشقاقا كان شريرا وفقا لمنطق الأشياء وسنة الحياة . فكل عمل لابد له من هدف ولابد له من خطة ولابد له من جدول زمنى يبدأ به وبنتهى معه، ناجحا أو فاشلا، ولو كان الهدف مهما كان.
ولكن قد يبدو أيضا أنا فى عهد لم يعد البعض فيه يريد العمل، بل يريد الموت أو البحث عن شىء يقتله، ربما لأن الموت أسهل من كفاح الحياة. وما أسهل الأسباب المؤدية إلى الموت السريع الحاسم. ولكن النجاح معروف الطرق ومحدد الطلبات وصعب المراس على الجميع. المشكلة ليست فيمن يختارون الموت بديلا عن الحياة ، ولكن المشكلة والمأساة تكمن فيمن تم ومن يتم استدراجهم غصبا ورغم ارادتهم الحرة الى الحروب والى المواجهات القاتلة هم واسرهم وبيوتهم.
دانيال حنفى