القاهرة (زمان التركية)ــ أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي ونظيره الجزائري عبد المجيد تبون، أن مصر والجزائر متفقتان تماما بشأن تطورات الأوضاع في غزة، داعين إلى وقف إطلاق النار، كما عبرا عن رفض التدخل الأجنبي في ليبيا والسودان، ودعم الحلول السياسية للبلدين.
وخلال المؤتمر الصحفي مع نظيره الجزائري، كشف الرئيس السيسي أن مصر تعمل منذ أيام على مبادرة لوقف إطلاق النار يتم بموجبها تبادل أربعة أسرى إسرائيليين لمدة يومين بعدد من الأسرى الفلسطينيين كنقطة بداية لوقف إطلاق نار أطول.
وأكد موقف مصر الثابت ضد أية محاولة لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة.
وأضاف الرئيس المصري أن مصر والجزائر أكدتا على الحاجة الملحة لوقف إطلاق النار في لبنان لضمان عدم تحول الصراع إلى حرب إقليمية، كما اتفقا على بذل الجهود لتحقيق الاستقرار في منطقة مضطربة للغاية.
وحذر السيسي من أن اندلاع حرب إقليمية أوسع “قد يجلب مخاطر أعظم مما نشهده حاليا”.
من جانبه، أكد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أن قطاع غزة يشهد إبادة جماعية شاملة، مشددا على أهمية التوصل إلى هدنة.
وأشار تبون إلى أن مصر، بسبب قربها الجغرافي، هي الدولة العربية الأكثر تأثرا بالأحداث الجارية في غزة.
وحيا صمود الشعب الفلسطيني الذي تحمل مشاق لا يمكن تصورها من أجل البقاء على أرضه، رافضًا التهجير بثبات.
وأكد الرئيس الجزائري أن الجزائر تتعاون مع مصر لحل هذه الأزمة، معربا عن امتنانه للرئيس السيسي على جهود مصر في التوسط لوقف إطلاق النار الذي يسمح بدخول الإمدادات الأساسية إلى غزة كخطوة نحو الحل الدائم.
وأكد تبون أن الحل النهائي لا يمكن أن يتحقق إلا عندما يحصل الفلسطينيون على الحكم الذاتي الكامل على أراضيهم، ربما تحت إشراف دول صديقة وحليفة مثل مصر، دون إدخال قوات جديدة لحكم غزة بعد كل ما حدث.
وقال إن الجزائر، بصفتها عضوا حاليا في مجلس الأمن الدولي، تبذل كل جهد ممكن لحل الوضع في غزة أو على الأقل وقف الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني.
السودان وليبيا
وشدد السيسي على ضرورة وجود حكومة قائمة في السودان قادرة على قيادة البلاد نحو الانتخابات وضمان الاستقرار.
وأشار إلى أن مصر والجزائر لديهما موقف مشترك بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للسودان، والسعى إلى تخفيف التوترات إلى أقصى حد ممكن.
وفيما يتعلق بالأزمة في ليبيا، أكد السيسي على ضرورة وجود حكومة قادرة على تنظيم انتخابات تأتي بقيادة شرعية تتحمل مسؤولية الوطن.
وأكد أن مصر تدعم هذا المسار، ومستعدة للتعاون من أجل تحقيق وحدة ليبيا واستقرارها، وهو المبدأ الذي تتمسك به مصر بقوة.
وأكد تبون أيضا نفس الرأي، مؤكدا أن الحل لا يمكن أن يأتي إلا من خلال عملية يقودها الليبيون من خلال الانتخابات.
أعرب الرئيس الجزائري عن حزنه إزاء الوضع في السودان، وقال: “ما يحدث في السودان يؤلمنا بشدة، ونسعى إلى إيجاد توافق بين مواطنينا”.
وأضاف “إننا نشعر بحزن شديد لما يحدث بين إخواننا في السودان، وما يحدث هناك أمر غير مقبول في ديننا وأخلاقنا”.
واختتم بالقول: “الجزائر ومصر لن تتدخلا بين أشقائنا في السودان إلا من أجل المصالحة، ومن يؤجج الخلاف في السودان سيحاسب أمام الله”.
التعاون الاقتصادي
وأعلن السيسي، أن الدورة التاسعة للجنة المشتركة المصرية الجزائرية ستعقد في القاهرة قريبا.
وأوضح أن اللجنة ستعمل على توسيع مجالات التعاون المشترك بين البلدين، حيث أن مجال التعاون كبير سواء في الاستثمارات أو المشاريع المشتركة.
وأشار السيسي إلى أن الشركات المصرية تحظى بقبول جيد في الجزائر سواء عند الاستثمار أو تنفيذ المشروعات، مضيفا أن مصر لديها أكثر من خمسة آلاف شركة قادرة على العمل في مختلف القطاعات في مشروعات البنية الأساسية.
وتشمل هذه المشاريع الطاقة ومحطات الكهرباء ومرافق المياه والأنفاق والطرق والجسور والإسكان، مع وجود عدد كبير من الشركات التي تتيح تبادل الخبرات مع الجزائر.
من جانبه أكد الرئيس تبون أن مصر والجزائر لديهما رغبة مشتركة في التعاون والاستثمارات الجديدة.
وأوضح أن الجزائر تعتبر مصر الشريك التجاري الأكبر لها في المنطقة، حيث بلغت الواردات الجزائرية من مصر نحو مليار دولار.
وأشار إلى توسيع الاستثمارات في قطاع الطاقة واستكشاف الغاز في المناطق الجنوبية والبحرية للجزائر.
وأشار تبون أيضا إلى أن الشركات المصرية المعروفة بكفاءتها وإنجازاتها كانت نشيطة في الجزائر، لاسيما من خلال المشاريع التي نفذتها شركة المقاولون العرب.
وأعلن أيضا أن الجزائر تفتح أبوابها أمام الشركات المصرية، خاصة في مجال بناء المدن الجديدة، مؤكدا أن تجربة مصر في هذا المجال تتحدث عن نفسها.
وتعتبر القاهرة المحطة الأولى لتبون قبل أن يتوقف هناك في مسقط بسلطنة عمان.
رقم قياسي في التبادل التجاري بين مصر والجزائر
وشهدت التجارة الثنائية بين مصر والجزائر نمواً مطرداً في السنوات الأخيرة، حيث بلغ حجم التبادل التجاري نحو 1.2 مليار دولار في عام 2023، مقارنة بنحو مليار دولار في عام 2022، بزيادة قدرها 15 في المائة.
وبحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، بلغ إجمالي الصادرات المصرية إلى الجزائر نحو 850 مليون دولار في عام 2023.
وتشمل الصادرات المصرية الرئيسية إلى الجزائر المنتجات الزراعية مثل الحمضيات والبطاطس والمنتجات الطازجة؛ والمنتجات الكيماوية، وخاصة الأسمدة والمواد الكيماوية الزراعية؛ ومواد البناء مثل الأسمنت والأدوات الصحية؛ والمنتجات الغذائية مثل السكر وزيوت الطهي.
وفي الوقت نفسه، بلغت الواردات المصرية من الجزائر نحو 400 مليون دولار في عام 2023. وتشمل الواردات الرئيسية الغاز الطبيعي ومنتجات البترول المكررة مثل الوقود والزيوت الصناعية والتمور، حيث تعد الجزائر من أكبر منتجي التمور في العالم.
وتشارك الشركات المصرية أيضًا في مشاريع التنمية داخل قطاع البترول الجزائري. ووفقًا لوزارة الطاقة الجزائرية، فإن مصر شريك مهم في العديد من المشاريع وتستورد ما قيمته حوالي 200 مليون دولار من الغاز الطبيعي من الجزائر سنويًا.
كما تمتلك الشركات المصرية في الجزائر استثمارات كبيرة في مواد البناء مثل الأسمنت والصلب.
على سبيل المثال، تعمل شركة المقاولون العرب العملاقة في مصر على مشاريع كبرى في الجزائر تقدر قيمتها بأكثر من 100 مليون دولار، كما تساهم الشركات المصرية في قطاعي الأدوية والمنتجات الكيميائية في الجزائر.