دبي (زمان التركية)_ نشر عدد من الكتاب والباحثين الأكاديميين وأساتذة الجامعات العرب، رسائل نعي حزينة وتعازي في وفاة المفكر الإسلامي التركي فتح الله كولن مؤسس حركة الخدمة، الذي وافته المنية في الولايات المتحدة، بعد معاناة من أزمة صحية، وأثنوا على علم فتح الله كولن وفكره وفلسفته ودوره الدعوي والإنساني.
كولن الوريث المحمدي
نعى الأستاذ الدكتور فتحي عبد الرحمن حجازي، عضو هيئة التدريس بكلية اللغة العربية جامعة الأزهر، الأستاذ فتح الله كولن بكلمات مؤثرة، جاء فيها ” الحمد لله الذي قال لحبيبه (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ ميتون)، و(وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ ۖ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ)، كل نفس ذائقة الموت. والصلاة والسلام على سيدنا محمد الذي علمنا الحياة بقوله (عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ماشئت مجزي به) صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا وقد رحل عن دنيانا هذا الوريث المحمدي العلامة المجاهد (محمد فتح الله كولن) رحمه الله تعالى رحمة واسعة وألحقنا به تحت لواء سيد الأولين والآخرين صلوات الله وسلامه عليه في جنات النعيم بلا سابقة عذاب، وعزاؤنا فيه أنه عاش من وراء رسول الله وريثا محمديا مجاهدا خادما للإسلام والمسلمين في جميع بلاد العالمين، عابدا لمولاه حتى أتاه اليقين. فاللهم أسكنه فسيح الجنات في أعلى الدرجات ونحن معه في صحبة سيد السادات… اللهم آمين.
وقال الأستاذ الدكتور محمد الشرقاوي، أستاذ العقيدة والفلسفة بكلية دار العلوم جامعة القاهرة في رثاء كولن “انتقل اليوم رجل من رجالات الأمة والإنسانية الكبار (الأستاذ الداعية إلى الله تعالى على بصيرة. والمربي.. والعالم المفكر.. والمعلم العظيم محمد فتح الله جولن) إلى رحمة الله تعالى ومغفرته ورضوانه اليوم.
عوض الله الأمة والإنسانية فيه خيرًا. لقد عرفت وعاينت -بنفسي – ثمار حركته العالمية المباركة.. في تركيا.. وبلدان أفريقيا.. وآسيا.. وأستراليا،
ورأيت إنجازات حضارية عظيمة تعليمية وتربوية وثقافية، وفكرية، وإعلامية، واقتصاديه. في خدمة الإنسانية كلها؛
انطلاقًا من رؤية الإسلام العالمية الوسيعة، فرسالة الإسلام الحقيقية هي:
تحقيق الرحمة للعالمين؛ تجسيدًا للبيان الإلهي القدسي (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)؛ فحيثما كان الإسلام كانت الرحمة!!
لم يشأ الله لي أن ألتقي بالأستاذ الكبير، لكني عرفته- عن قرب – من خلال آثاره وكتبه وفكره وأطروحاته ومشروعاته الإنسانية العالمية، والأهم من خلال تلاميذه ومريديه ومحبيه،
وقد أسعدني الأستاذ كثيرًا حين أرسل لي من بنسلفانيا نسخة من كتابه البديع عن سيرة رحمة الله للعالمين، صلى الله عليه وسلم، المعنون ب (النور الخالد)، والذي قدم لترجمته العربية مفكرنا الكبير الدكتور محمد عمارة، رحمه الله تعالى،
وكتب الأستاذ فتح الله جولن إهداء جميلا ليطلب مني فيه: الدعاء له!!
رحمة الله عليك ورضوانه ومغفرته، يا أستاذ الأساتيذ!!”.
كولن مضى نقيا شامخًا
وقال الدكتور جمال الحوشبي، المشرف العام على مركز رؤية الثقافي، السعودي، ناعيا فتح الله كولن “عاش نقيا شامخًا ومضى نقيا شامخًا.. رحمه الله رحمة الأبرار
جبر الله المصاب.. وغفر الله للأستاذ مغفرة المقربين الأطهار. نعزيكم ونعزي أنفسنا ونعزي كل قلب طاهر وشخص منصف بفقده. إنا لله وإنا إليه راجعون. اللهم أبدله دارًا خيرًا من داره وأهلا خيرًا من أهله.. واجعل ما قدمه للإسلام والمسلمين وللإنسانية جمعا في موازين حسناته يوم يلقاك.
وقال الدكتور ناصر سنة الكاتب والباحث أكاديمي، من مصر فى رثاء الأستاذ فتح الله كولن “ويترجل الداعية المفكر المصلح المربي المتصوف المجدد العلامة الأستاذ محمد فتح الله كولن. لقد نذر حياته المديدة في خدمة الإسلام ورفع لواء سنة نبيه صلى الله عليه وسلم. وذلك عبر التطبيق العملي الذى يلامس حياة الناس فى شتى بقاع العالم (من تركيا إلى وسط آسيا إفريقية وأمريكا) من تعليم ومدارس، وصحة ومشافى، وتوعية ودور نشر. ومن بين نحو ٨٥ كتابا للاستاذ (ترجم العديد منها لأكثر من ثلاثين لغة) تحتفظ مكتبتي ب ٢٥ عملا منها وعلى رأسها السفرين الخالدين:
-(البيان الخالد ، القرآن الكريم, لسان الغيب فى عالم الشهادة).
-النور الخالد، محمد ، صلى الله عليه وسلم.
ومن بين العديد من رسائل الماجستير والدكتوراه والدراسات والبحوث التى أجريت حول حياة الرجل وفكره وجهوده الانسانية المباركة.. شرفت بكتابة دراستين عنه هما نشرتا في مجلة “نسمات” هما:
– الذائقة الجمالية عند فتح الله كولن.
– وكولن، والحوار مع الآخر.
لقد تعلمنا الكثير من هذا الأستاذ الفضيل.. علما وفكرا، تجردا واخلاصا، زهدا وورعا، عطاء وتسامحا، خدمة وتعايشا.
وعزاؤنا أنه – بقبضه كعالم داعية مرب، ولا نزكي على الله أحدا- قد ترك آثارا وعلما ينتفع به وهى فى ميزان حسناته. كما ترك مدرسة وتلامذة ومريدين يحملون المشعل، ويتابعون المسيرة المباركة.
غفر الله له ورحمه وأسكنه فسيح الجنات، وألهمنا جميعا الصبر والسلوان، وإنا لله وإنا إليه راجعون.”.
كولن خزينة علم
وقال الدكتور صابر المشرفي، رئيس تحرير مجلة حراء الدولية، الكاتب والباحث الأكاديمي المصري، ناعيا فتح الله كولن “إنا لله وإنا إليه راجعون، فقدنا اليوم خزينة من خزائن العلم، وكنزًا ثمينًا من كنوز الإصلاح، ورائدًا من رواد الدعوة إلى الله على بصيرة. تغمده الله بواسع رحمته، وأسكنه الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء، وحسن أولئك رفيقا. وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إنَّ اللَّهَ لا يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ العِبَادِ، ولَكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بقَبْضِ العُلَمَاءِ…” نسأل الله أن يلهم الأمة الصبر، وأن يعوضها خيرًا في مصابها الجلل”.
وقال الداعية الإسلامي المصري الدكتور يحيى سلام الأزهري: “رحل اليوم عن عالم الدعوة عالم ومفكر كبير وولي من أولياء الله …الداعية الإسلامي التركي الشيخ محمد فتح الله كولن.. جزاه الله عما قدم للدعوة خير الجزاء وأجزل له المثوبة والعطاء”.
وقال محمد ياسين، الكاتب والباحث الأكاديمي، المصري “رحمك الله أستاذي وشيخي العالم الجليل الأستاذ / محمد فتح الله كولن
لا يعرف قدر هذا الرجل إلا من قرأ له، أو تتلمذ عليه، أو عايش آثار حركته
إنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا بالله”.
وقال الدكتور سمير بو دينار رئيس مركز الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية بالمغرب “ما أعظم فقد الكبار.. رحم الله الاستاذ وجزاه بما قدم في حياة عريضة خير الجزاء، وعظم أجور أبناء هذه الأمة في فقده، وعوضها فيه خيرا من الرجال الذين رباهم. إنا لله وانا اليه راجعون”.
كولن خلد إرثًا غنيًا
وقالت الأستاذة الدكتورة مريم آيت أحمد وعلي، المتخصصة في حوار الأديان والثقافات والدراسات المستقبلية الإطار، وأستاذة التعليم العالي بشعبة الدراسات الإسلامية كلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة ابن طفيل، في المملكة المغربية.”انا لله وانا اليه راجعون انتقل الى رحمة الله الاستاذ المربي فتح الله كولن. وبقلوب مؤمنة بقضاء الله نسأل الله أن يرحمه ويغفر له، وأن يتقبله بواسع رحمته ويجعل مثواه الجنة. كان علمًا من أعلام الفكر والدعوة، ونسأل الله أن يلهم أهله ومحبيه الصبر والسلوان.
فتح الله كولن، العالم والمفكر الإسلامي التركي، تركنا الى رحمات الله الواسعة؛ ليخلد لنا إرثًا غنيًا من الأعمال العلمية والفكرية التي أثرت في العالم الإسلامي وخارجه. حياته كانت مليئة بالعطاء في مجالات التعليم، الفكر، والدعوة إلى الحوار بين الثقافات والأديان.
1. الإرث العلمي والفكري:
الكتب والمقالات: ترك كولن أكثر من 60 كتابًا تناولت مواضيع متعددة منها الفقه الإسلامي، التربية، الروحانيات، والدعوة. كتبه مثل “النور الخالد” و”المفاهيم الأساسية في الإسلام” تعتبر مراجع أساسية في الفكر الإسلامي المعاصر.
الحوار بين الأديان والثقافات: كان كولن من أوائل الداعين إلى الحوار والتفاهم بين الأديان المختلفة. سعى لتعزيز التعايش السلمي بين المسلمين والمسيحيين واليهود، ودعا إلى تجاوز الخلافات والعمل من أجل المصلحة المشتركة للإنسانية.
التعليم والتربية: يعتبر كولن مؤسس حركة “الخدمة” (حركة غولن) التي ركزت على التعليم كأساس لإحداث التغيير الاجتماعي. أنشأت الحركة آلاف المدارس في مختلف دول العالم، تهدف إلى تقديم تعليم متوازن يجمع بين العلوم الدينية والعلوم الحديثة.
2. المساهمة في المجال التربوي والاجتماعي:
إنشاء المدارس والمؤسسات التعليمية: ترك كولن إرثًا كبيرًا في مجال التعليم من خلال دعم إنشاء مئات المدارس حول العالم. هذه المدارس تهدف إلى تعزيز القيم الأخلاقية والإيمان بالعلم والبحث العلمي.
المجتمعات الخيرية: من خلال حركة “الخدمة”، ساعد في إطلاق العديد من المشاريع الخيرية التي توفر الدعم للفقراء، وتنظم أنشطة اجتماعية وثقافية تهدف إلى تعزيز القيم الإنسانية.
3. الدعوة إلى اللاعنف والسلام:
كان فتح الله كولن من أبرز الأصوات الداعية إلى اللاعنف والسلام. رفض العنف بأي شكل من الأشكال، وأكد أن الحوار والتفاهم هما السبيل لتحقيق الأهداف النبيلة. كان يؤمن بأن الإسلام دين سلام وتسامح، ويجب أن يكون المسلمون دعاة خير ومحبة في العالم.
4. التأثير الدولي:
أصبحت أفكار كولن ذات تأثير عالمي، حيث انتشرت حركة “الخدمة” في أكثر من 160 دولة بمؤسسات تعليمية ومدارس. كانت رسالتها تدعو إلى الأخلاق العالية، والتعليم المتوازن، وخدمة المجتمع بروح المحبة والسلام، مما جعلها تحظى باحترام واسع.
إرث الاستاذ فتح الله كولن الذي تعلمت منه أجيال مصدر المحبة والوئام بين الشعوب سيبقى مصدر إلهام لاجيال متعاقبة، فقد كرّس حياته رحمه الله بمعاناة العالم الصابر المحتسب لنشر العلم والخير والدعوة إلى السلام والتفاهم بين البشر.
كل العزاء لمحبيه وأهله وذويه وتلاميذه من حول العالم. وإنا لله وإنا إليه راجعون”.
حياة كولن ملحمة حضارية
وقال صفوان غيدوني الكاتب والباحث الأكاديمي، في رثاء كولن “لا إله إلا الله، سبحان من قهر عباده بالموت.. لم أبرح مكاني منذ وصلني الخبر..
تقفز الذكريات تترى دون إذن أو ترتيب أمامي..
المقال الأول:
صورة قلمية لرجل القلب..
التسجيل الصوتي الأول:
الجوشن الكبير
الفيديو الأول:
غربة القرآن
التلميذ الأول:
فريد الأنصاري رحمه الله
لاحول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
لن يصرخ العندليب بعد اليوم!
كانت حياة أستاذنا الغالي محمد فتح الله كولن رضوان الله تعالى عليه مشهدا من مشاهد الصدق والإخلاص والتفاني والصبر العالي..
كانت دموع مواعظه ينابيع للطهارة كنا نتوضأ عند عتباتها النقية..
كانت شلالات العطاء تتدفق من قلبه الشفاف في كل اتجاه،
عاش رمزا وأفقا شاهقا للإنسان..
كانت له قدرة مؤيدة مسددة على مخاطبة الإنسان في قلب كل إنسان..
كانت حياته ملحمة حضارية مزجت بنور القرآن الكريم، والتجربة، والمعاناة، والألم..
كان رجل المكابدة والإنجاز،
جعل من رسول الله صلى الله عليه وسلم نوره وهديه وهاديه، كان به صلى الله عليه وسلم يقيس الأمور وإليه يحتكم، وبأخلاقه يستضيئ..
استطاع بتوفيق من مولاه وهو العبد الصادق أن يتعالى ويتجاوز حدود الجغرافيا والتاريخ واللغة والحيز الضيق..
رغم أن اللحظة حرجة ومعقدة،
إلا أن أفضل تكريم لهذا السيد المبارك الجليل، هو أن تستمر هذه المسيرة العظيمة التي نذر لها حياته وزهرة شبابه حتى لقي الله..”
وقال الشاعر المصري، العربي السيد عمران “هذا الرجل لم يكن مجرد داعية أو عالم ومفكر إسلامي، فقد عاينت في كتبه عن قرب دعوة وعلما وفلسفة وفكرا وروحا متميزة عن غيره، وكان فكره فكرا إنسانيا شاملا، رحمه الله تعالى رحمة واسعة”.
وقال الأستاذ الدكتور خالد فهمي أستاذ العلوم اللغوية بكلية الآداب، جامعة المنوفية، الخبير بمجمع اللغة العربية بالقاهرة “فتح الله كولن، في ذمة الله. رحل واحد من المفكرين ذوي السهمة المعتبرة في المجال الإسلامي. لقد تأسس منهج الرجل على البناء الروحي والحضاري للإنسان من أوسع أبواب التزكية وهو خدمة الخلق.
رحم الله الراحل الكريم”.