بقلم: دانيال حنفي
القاهرة (زمان التركية)- لماذا وقعت كافة الاغتيالات على جانب واحد اذا كان هناك تكافؤ في القدرات بين الجانبين: الذراع العسكري والدولة؟ لماذا نجح طرف في تصفية عدد كبير من قيادات الطرف الآخر جسديًّا، بينما لم نر شيئًا من ذلك على يد الطرف الأخير الذي يطلق الخطب والشعارات والدعوات حتى مقتل زعيمه نفسه ومقتل عدد كبير من كبار قادته؟.
إن متابعة هذا السجال الدائر على أسنة التهديدات المتبادلة بين الجانبين بالقتل والإبادة دون تمييز لهو أمر محزن حقًّا لما يعبر عنه من وصول المنطقة إلى حالة من الغليان الخطير الذى يهدم كثيرًا من الخطوات السابقة في اتجاه حالة من السلام الشامل ويعيد العالم إلى الوراء وإلى الدم وإلى مزيد من الشقاق والانقسام. وتشى هذه المتابعة أيضًا بوضوح بعدم وجود تكافؤ بين الجانبين، على الأقل في بعض الجوانب المؤثرة وفي خبرة ومهارات القيادة نفسها. فلكل مجال عمل خبراؤه ورجاله، ولا تكفي المحبة ولا يكفي الإجلال كبديل للخبرة العسكرية مثلًا أو كبديل للخبرات القتالية أو لمهارات القيادة. ولا تكفي المكانة الدينية لرجل الدين كبديل للخبرات السياسية اللازمة للقيادة وخاصة على مستو اتخاذ القرار.
أو هكذا تشير الأمور والأحداث والنتائج التى وضعتها والتي تضعها الأيام أمام أعيننا كل ساعة، إن فصول الأحداث حتى الآن تشير إلى سوء تقدير للأمور وتشير إلى عجز عن وضع الأمور في نصابها ووزنها كما ينبغي لها، وفى إطار الأهداف والخطط قصيرة الأمد والخطط الإستراتيجية. فهناك كلام كثير ووعود لا حصر لها مما لا يعبر عن ثقل حقيقي، بل ويعطي للغير صورة مجحفة ومبررة للعدوان المضاد على الذراع العسكري والدولة التي يتواجد بها. وهناك قدرات لدى الذراع العسكري، ولكنها أقل بكثير -على ما يبدو- من حجم الأهداف المعلنة والتي تحاك حولها الأحاجي. فالقدرات التي أشهرت على مدار السنين والعقود القليلة الماضية لم ولا تعبر إلا عن توازن غائب بين مستوى الخطاب السياسي والإمكانات الفعلية، الأمر الذي يدفع ثمنه آخرون غالي الآن. كما أن الأهداف الحقيقية للأذرع العسكرية ليست أهدافًا وطنية، ولكنها أهداف مفتوحة الآفاق والآجال وتمثل جزاء من مخطط أجنبي لفرض واكتساب الهيمنة الإقليمية والدولية بالقوة العسكرية المؤيدة بالولاء الديني الصناعي المسيس.
ولا تخدم الطموحات الشخصية الكبيرة لبعض القادة المسؤولين عن بعض الأذرع العسكرية مشروعهم، لأن المشاريع كافة والكبرى منها خاصة تحتاج إلى صبر ومثابرة وجهد وفير متصل ولا تحتاج إلى تسرع من أي نوع ولا تقبل الوقوع في براثن الخيلاء والغرور الشخصي. والتسرع وتآكل الصبر قد يؤديان في النهاية الى سلسلة من النتائج السلبية المتمثلة في الأحداث الحزينة من القتل والدمار التي يراها العالم الآن. إن هذا الكم الهائل من الخسائر ومن الدمار على جانب واحد، لا يعبر -حسابيًّا وتقديريًّا- إلا عن تفاوت كبير في ميزان القوة بين الجانبين من ناحية، ويدعو الأذرع العسكرية المختلفة إلى احترام حقوق الشعوب المتوجعة واحترام السيادة الوطنية للدول التي أصبحت وهي في وجه وابل من الرصاص والنار دون ذنب أو جريرة، ولكن فقط باسم مساندة الأشقاء. والمساندة لا بد وأن تكون سببًا صحيحًا وطريقًا مشروعًا إلى البناء وإلى الحياة وليس إلى مزيد من الخراب ومن القتل ومن التدمير وتوسيع نطاق دائرة الموت.