بقلم: دانيال حنفي
القاهرة (زمان التركية)- إن عملية تفجير أجهزة الاستدعاء أو البايجر بما تحمله من اسم تجاري وما تقود إليه من أسماء قد يعني أشياءً كثيرة، ومن هذه الأشياء الهامة عنوان هام مقتضاه أن “مصلحة بعض الدول تأتي قبل وفوق علاقات الصداقة التي تربطها بدول أخرى هامة وتأتي فوق كل الاعتبارات الإنسانية أيضًا”.
والسبب واضح: إن استخدام أجهزة أو معدات مدنية الاستخدام بالأساس ومعدة للاستخدام المدني بالأساس في شن هجمات عسكرية جماعية وقاتلة على حملة تلك الأجهزة وعلى مستخدميها وعلى من قد يكون الى جوارهم في سوق أو متجر أو مطار أو غير ذلك من الأماكن العامة -ودون تمييز حتى بين الأطفال وبين البالغين- لهو عمل عسكري يلتبس بالجريمة الموجهة عمدًا ضد مدنيين -بصرف النظر عن جنسيتهم- في بلد آخر.
وليس نداء بعض الدول إلى إجراء تحقيق دولي في هذا العمل العسكري الذى يستخدم أجهزة مدنية في الاعتداء على المدنيين في بلد آخر وقتلهم وتشوبه أجسادهم وأجساد أطفالهم على مستوى البلاد الا نداء محقا وجديرا بالاعتبار والاهتمام .وهذا بالطبع، اذا كانت هناك إرادة دولية في الحفاظ على الحد الأدنى لنظام عالمي يصارع الموت تحت وطأة عدم الاحترام والتجاهل للقرارات الأممية التي تسعى إلى استيعاب النزاعات والعمل على التوصل الى حلول أو تسويات مقبولة للصراعات، من أجل الوصول إلى الاستقرار وإلى النماء والى حقن دماء الجميع دون تمييز .
إن استخدام أجهزة دارجة الاستعمال المدني في المقام الأول على مستوى العالم منذ عشرات السنين في الهجوم العسكري على بلد معاد، هو عمل يحتاج فعلا الى تحقيق دولي لأنه، على مستو عال من اللامبالاة بمن قد يقتل أو يصاب أو يشوه من مواطني دولة ثالثة أو رابعة أو من عدة دول أخرى لا صلة لها ولا لمواطنيها بالصراع العسكري بين الدول المتحاربة أصلا . وليس التجاهل -لعوامل المصلحة الخاصة وللحسابات العسكرية وغير العسكرية الضيقة- بالحل الأفضل أو المقبول، لأن هذا التجاهل قد يظهر في شكل تصريح أخضر للمعتدى الغاشم ليكرر هجماته القاتلة على الشعوب والدول بنفس الأسلوب أو بأسلوب آخر وباستخدام جهاز مدنى آخر، ما دامت خططه تنجح في اصابة الأهداف المرغوبة دون ثمن.
إن الكبار المتمتعين بقيادة النظام العالمي المصرين على قيادة النظام العالمي ملزمون أيضًا- بمقتضى دورهم القيادي الذي يتمسكون به هم أنفسهم ويحاربون دون التنازل عنه -بأن يثبتوا لشعوبهم وللعالم أنهم جديرون حقا بهذه القيادة العالمية من كافة النواحي وليسوا قراصنة يستولون فقط على ما يريدون ثم يولون الأدبار فرحين بما نهبوا، ويديرون ظهورهم للحقيقة حينما يقوم شريك أو شركاء لهم بالاعتداء على كل القيم وعلى كل القرارات الشرعية. فإن لم يفعلوا، فليعلموا أنهم يكتبون سقوطهم ونهايتهم بأيديهم ويخربون بيوتهم بأيديهم وهم ينظرون.