بقلم: دانيال حنفي
القاهرة (زمان التركية)ــ بعيدًا عن السياسة، كان الزعيم العراقي الراحل صدام حسين خلوقًا محبًا شهمًا. ولم يخجل الزعيم الراحل صدام حسين من ترديد حكاية طريفة على لسانه وفى جلساته الخاصة وكلما كان حسن المزاج، لتدب روح من المرح في الحضور وترتفع معنوياتهم وتغادر أنظارهم المكان الى مصر، وإلى أهل مصر، وإلى شوارعها، وإلى شعبها المضياف الطيب العشرة، وإلى شبابه وأحلامه وأيامه الحلوة في مصر.
فكان الزعيم الراحل يروي كيف أنه عندما كان طالبًا يدرس بالجامعة في مصر كان يحب التردد على أحد المطاعم المصرية التي تقدم إطباقًا من الاستيك اللذيذ الطعم الشهي الرائحة. ولما كان الرئيس صدام حسين -في ذلك الوقت- طالبًا لا يعمل، فقد كان ينتظر ما ترسله إليه أسرته من معونة مالية لبتعيش عليها حتى تنفذ ويعاود الانتظار من جديد حتى يأتي فرج الله على يد أسرته الطيبة.
وكلما نفذت المعونة المالية في يدي صدام أوعز إلى أحد العاملين في المطعم المفضل لديه أن يستأذن صاحب المطعم في إبقاء الحساب الخاص بحضرة “الأستاذ صدام” إلى وقت لاحق ريثما يتلقى صدام الرسالة المالية من أسرته، ولم يمانع صاحب المطعم ولم يحتج على التماس بسيط من شاب عربي محترم. ومرت السنوات والأستاذ صدام يتردد على مطعمه المفضل حتى أنهى صدام دراسته الجامعية وعاد الى العراق.
واندمج الرئيس صدام -رحمه الله- في الحياة السياسية في العراق وانشغلت به الحياة السياسية في العراق حتى تبوأ منصب نائب رئيس الجمهورية العراقية، وفى لحظة تذكر الرئيس الراحل مطعمه المفضل في مصر وصاحبه الكريم، فأرسل الزعيم الراحل عشرة آلاف دولارًا أمريكيًّا إلى صاحب المطعم المصري، كعرفان لسباق جميله الذى مر عليه خمسة عشر عامًا. وعندما تسلم صاحب المطعم المبلغ الكبير سأل حامل الرسالة قائلًا: وهل وجد الأستاذ صدام عملًا الآن؟ فلم يكن صاحب المطعم يعرف شيئًا عن الزعيم الراحل ولا عن كافة أمور السياسة والمشتغلين بالسياسة.
فوجىء رسول الرئيس صدام بالسؤال وأغرورقت عيناه بالدمع -بسبب رغبته في الضحك- ولكنه تمالك نفسه وطمأن صاحب المطعم إلى أن الأستاذ صدام قد وجد عملًا أخير. وانصرف الرسول إلى حاله في سلام. وعندما نقل الرسول الدمث الخلق ما حدث إلى الرئيس صدام حسين انفجر الرئيس الراحل ضاحكًا ضحكته المجلجلة، وراح يضحك ملء شدقيه ويثني على صاحب المطعم الطيب الذي اهتم بالسؤال عنه حتى بعد مرور خمسة عشرة سنة كاملة ولم يلهه المبلغ الكبير الذي وصله عوضًا عن طبق طعام قدمه يومًا ما إلى ضيف كريم قبل سنوات بعيدة .