بقلم: دانيال حنفي
القاهرة (زمان التركية)ــ لم تكن المرة الأولى التي يتعرض فيها المرشح المثير للجدل لمحاولة اغتيال من قبل شاب صغير أو على يد شاب صغير -وفقًا للتقارير المختلفة- ولكن هذه المحاولة كانت محاولة ناضجة متطورة لحد التنفيذ الدقيق الذي كاد أن يؤدي بحياة الرجل ويحقق لمن قام بمحاولة الاغتيال مرماه كاملًا. نعم، كاملًا وفى وضح النهار وعلى مشهد من كافة قوات الأمن المختلفة القدرات والمسؤولية.
التفسيرات كثيرة متنوعة، بحسب العوامل التي تأثر بها مقدمو التفسير: مثل وجود دافع أو دوافع أو صلات خاصة تجعل مقدم التفسير صاحب مصلحة بشكل ما، وخلفية وخبرة مقدم التفسير، ومصدر ونوع وكمية المعلومات المتوفرة لدى مقدم التفسير وخاصة في ضوء قصر البعد الزمني منذ وقوع محاولة الاغتيال الفاشلة حتى الآن.
فكل عمل دقيق معقد التركيب بالغ الخطورة يحتاج إلى وقت كاف بالضرورة لمعرفة تفاصيله وتاريخ نشأته وتطوراتها. وقد لا يمكن لجهة ما -حتى في ظل التقدم التكنولوجي الهائل في الدول المتقدمة وفي ظل المصادر الهائلة الكم العظيمة النوع- التوصل إلى كنه مسألة خطيرة بشكل عاجل أو خلال وقت جد قصير. بل ان العقود مرت على بعض الحوادث التي غيرت مجرى التاريخ في بلاد من دول العالم الأول ومن دول العالم الثالث ولم يتوصل أحد إلى كنهها حتى الآن، وما زالت تفاصيلها محض روايات متضاربة ومحض تكنهات. وفي ضوء ما رأى المرء من تقارير وتحاليل، فقد تنقسم الرؤى -فيما يختص بمحاولة الاغتيال الفاشلة التي وقعت على مرشح رئاسي هام حديثًا- بين المؤامرة والخطأ على جانب الجهات الأمنية أو فيما يختص بدور الجهات الأمنية التي كانت مسؤولة عن تأمين المرشح المستهدف.
وفى رأي الخاص وفي اعتقادي، أن ما حدث من قبل جهات الأمن في ذلك البلد هو تقصير ناتج عن الثقة الزائدة والاطمئنان المسبق اللذين تراخت معهما الجهود والاحتياطات اللازمة بشكل جسيم سهل مهمة شاب ضائع الفكر ينتمي إلى جيل مشوش الفكر مضطرب المشاعر يؤمن بالعنف ويكفر بالديمقراطية وتقلباتها ونتائجها، ويفضل الموت على قبول الرأي الآخر، ويفضل الموت على مواجهة صعوبات الحياة، ويفضل الموت السريع على التعب والشقاء في الحياة من أجل كسب قوت يومه بطريقة شريفة. اهمال جسيم فتح الطريق لشاب يريد الشهرة السريعة ويريد الموت، ولذلك لم يعبأ هذا الشاب بالاختباء ولم يعبأ برؤية جمهور المتواجدين في المكان له، ولم يعبأ بوجود القناصة وأسلحتهم الفتاكة حوله رغم صغر سنه ورغم بشاعة أسلحة القناصة.
أما نظرية المؤامرة التي تدور حول تورط الأجهزة الأمنية فهي في رأيي مجرد سخف يصعب قبوله حتى في إطار السيناريوهات السينمائية. فالدول لا تغتال أنفسها ولا تلقى بأنقسها إلى التهلكة على أعين الناس، وخاصة إذا كانت ترفل في حياة طيبة وفي نظام ناجح ويواصل تقدمه كل يوم في مختلف مسارات الحياة. لا يمكن لأحد أن يقتل ابنه ليتهم عدوًا أو خصمًا له بالشر وبمحاولة النيل منه، لأن الثمن أغلى وأقيم وأرفع بكثير من الهدف المرجو من عمل مشين كهذا. ومثل هذه الصور من صور المؤامرات لا تستحق حتى الدراسة.
إن وجود فرد منشق أو فرد خائن أو فرد مجرم في مؤسسات نظامية في دولة ما هو أمر ربما يحدث كل يوم في كل دول العالم، ولكن المؤسسات النظامية تختلف عن الأفراد .