*بقلم: د . حامد محمود
(زمان التركية)ــ بطبيعة الحال لم تأت سلسلة النجاحات التي حققتها مملكة البحرين، على صعيد المؤشرات الدولية، فى التنافسية، وبيئة الأعمال، وارتفاع مستوى الفرد، وغيرها العشرات من هذه المؤشرات، لم تأتي من فراغ، وإنما هي نتاج لرؤية وخطط ملك مملكة البحرين حمد بن عيسى أل خليفة، والذى عمل على تنفيذ خطط إصلاحية كبيرة في القطاع الاقتصادي، من خلال تأسيس بنية اقتصادية حديثة، ومتنوعة ساهمت بشكل كبير في تعزيز مكانة المملكة، إقليمياً، وعالمياً, عبر تحولها إلى مركز تجاري ومالي وسياحي مهم في منطقة الشرق الأوسط.
فكان لإطلاق الملك حمد بن عيسى في أكتوبر 2008 الرؤية الاقتصادية لعام 2030, التي جاءت بمثابة خريطة طريق مستقبلية، وتضمنت العديد من الأفكار والخطط، لتطوير اقتصاد المملكة، وتحسين المستوى المعيشي لمواطنيها. وهو ما كان له أثر كبير في تحول البحرين مركز تجاري ومالي واستثماري وسياحي رئيس في منطقة الشرق الأوسط، وتبوأت صدارة البلدان العربية في الحرية الاقتصادية، وموقعًا متقدمًا في التنمية البشرية
صعود البحرين في مؤشر المرأة عالميا ونجاح المملكة في تحقيق الاستقرار الاجتماعى
ما يعكس حالة الاستقرار الاجتماعي ومكانة المرأة داخل أسرتها، فيما ارتفع متوسط العمر المتوقّع للمرأة البحرينية عند الولادة إلى 82 عاما، بينما كان 78 عاما في 2001، وتراجعت وفيات الأمهات عند الولادة إلى 16.9 حالة، لكل 100 ألف مولود، بعد أن كانت 22 حالة في 2001، وتشارك المرأة بنسبة 43% من إجمالي القوى العاملة البحرينية، وتشكّل 48% من إجمالي الوظائف التنفيذية العليا في القطاع الحكومي، و64% من الوظائف التخصصية في القطاع العام، وغدت تمثّل 25% من عضوية مجلس الشورى، و20% من عضوية مجلس النوّاب، و18% من عضوية المجالس البلدية وأمانة العاصمة، كما برزت المرأة البحرينية في الحقائب الوزارية، وقفزت نسبتها في هذه الوظائف من 5% في 2001، بنحو 4 أضعاف، إلى 22% في 2022، وبلغت نسبة تمثيلها في المجال الدبلوماسي 37% وفي السلطة القضائية 11% من مجموع القضاة، وارتفعت نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل في القطاع الخاص، من 24% في 2001، إلى 35% في 2023، فيما حصدت البحرين 100% في مؤشرات المعاش التقاعدي والأجور، وبيّن التقرير أن البحرين من الدول الأسرع تنفيذًا للإصلاحات، في المؤشرات ذات الصلة بالمشاركة الاقتصادية.
تبسيط التشريعات والقوانين وخلق بيئة عمل مناسبة لاقتصاد ناجح
ولعل اشادة المؤسسات الدولية المتخصصة والمعنية بمؤشرات ومعايير التنافسية على مستوى العالم بما حققته المملكة لم يأت من فراغ، وإنما يظهر بوضوح فى التزام البحرين بتبسيط التشريعات، ومواصلة تعزيز السياسات والأعمال التجارية في بيئتها الاستثمارية المزدهرة، والتي تعمل على ضمان سلاسة كل جانب من جوانب دورة الأعمال للشركات المحلية والعالمية على حد سواء، بدءاً من سهولة تأسيس الأعمال، وحتى تحقيق الازدهار للبيئة الداعمة للنمو المستدام وتوسعة الأعمال.
وقد حصلت المملكة على تقدير واعتراف عالمي خلال عام 2023 من خلال تحقيق أداء متميزاً في عدد من المؤشرات، فبلغت المرتبة الرابعة عالمياً في مؤشر القوى العاملة الموهوبة، وتصدرت عربياً في نسبة الإناث ضمن قوة العمل، والعاشرة عالمياً في جاهزية المواهب، وأحرزت المركز الأول إقليمياً في المهارات المالية وتدريب الموظفين والمهارات اللغوية على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وذلك وفقاً لتصنيف المواهب العالمية 2023 الصادر عن مركز التنافسية العالمي، التابع لمعهد التنمية الإدارية «IMD»، بالإضافة إلى تصدر البحرين خليجياً ضمن المؤشر الفرعي المعنيّ باستدامة المواهب، وذلك وفق نتائج مؤشر تنافسية المواهب العالمي 2023 الصادر عن كلية “إنسياد”.
حكومة الأمير سلمان بن حمد نجحت فى رفع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي للفرد
ولعل من أبرز ما تحقق في الأعوام الماضية هو نجاح الحكومة البحرينية برئاسة الأمير سلمان بن حمد ال خليفة في رفع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي للفرد والذى ساهم بشكل كبير فى رفع مستوى المعيشة للمواطنين بشكل عام
ويمكن القول أن ترأس الأمير سلمان لمجلس التنمية الاقتصادية على مدار أكثر من 20 عاما، وهو المنوط به مهمة وضع الخطط والبرامج الاستراتيجية للتطوير الاقتصادي وتشجيع واستقطاب الاستثمارات., ساهم من خلال ترأسه للمجلس بدور فاعل في تعزيز الحوارات الوطنية وتدشينها حول العديد من القضايا والموضوعات الخاصة بالشأن المحلي في المملكة.
وفيما يصدر المنتدى الاقتصادي العالمي تقرير مستقبل النمو، الذي يسلّط الضوء على اتجاهات النمو، وإعادة تقييم مقاييس النمو الاقتصادي التقليدية، وتقديم إطار عمل جديد متعدد الأبعاد لتحقيق جودة النمو الاقتصادي، في 170 دولة حول العالم، اعتمادًا على 4 أسس رئيسية لقياس النمو: «الابتكار، والشمول، والاستدامة، والمرونة»، ولقد ركّز تقرير 2024 على استعراض 7 نماذج مميزة للنمو، من شأنها تحفيز السياسات، ودعم تطوير مجالات التحسن الشاملة، بما يتضافر مع تحليل البيانات، وفي هذا التقرير حصدت مملكة البحرين نقاطًا أعلى من المتوسط العالمي، على صعيد توافر المواهب، والمواهب الرقمية والتقنية، مسجلة 66 نقطة، و67 نقطة على الترتيب، في المؤشرين من أصل 100 نقطة، ضمن فئة البيئة الداعمة للمواهب، وحلّت البحرين الثانية خليجيًا في معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي للفرد، وفي مقاييس المرونة أظهر اقتصاد البحرين أداءً قويًا، في المؤشرات المرتبطة برأس المال البشري، لما تتميّز به المملكة من تركيبة سكانية شابة «90.1 نقطة»، وقدرة على ملئ الشواغر بقوى عاملة عالمية «75.6 نقطة»، والاستثمار في إعادة تأهيل المواهب «70.2 نقطة»، وفي كل هذه المؤشرات تجاوزت المتوسط العالمي، كما سجلت نقاطًا فاقت المتوسط العالمي في جودة البنية التحتية، ومرونة النظام المالي، والتكيف الحكومي على المستوى المؤسسي، وتركيز إمدادات التكنولوجيا، والبيئة المالية الداعمة للمدفوعات الرقمية والمشاريع الاستثمارية، وتوافر التمويل للمشروعات المتوسطة والصغيرة، والبيئة الداعمة للتكنولوجيا، وثقافة الأعمال
*باحث متخصص في شئون الخليج العربي