أنقرة (زمان التركية) – تسعى روسيا لعقد اللقاء المرتقب بين تركيا وسوريا قبيل انعقاد الانتخابات الرئاسية الأمريكية، في نوفمبر/ تشرين الثاني القادم.
ويثير إعلان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، عن إمكانية دعوة الرئيس السوري، بشار الأسد، إلى تركيا في أي لحظة العديد من التساؤلات، حول ما إذا كان من الممكن عقد لقاء بينهما في أنقرة.
وخلال عودته من رحلته إلى برلين يوم الأحد، ذكر أردوغان في تصريحات للصحفيين المرافقين له على متن الرحلة أنه بمجرد أن يتخذ الرئيس السوري بشار الأسد خطوة نحو تحسين العلاقات مع تركيا، سيرد الجانب التركي وفقًا لذلك.
وأكد أردوغان أن أنقرة تريد إعادة العلاقات التركية السورية إلى “النقطة التي كانت عليها في الماضي”مفيدا أن “توجيه الدعوة إلى الأسد يمكن أن يحدث في أي وقت”.
وفي السياق نفسه، صرّح أردوغان يوم الجمعة أن بالإمكان عقد لقاء ثلاثي في أنقرة مع الأسد وبوتين.
وذكر الدبلوماسي التركي السابق، محمد أوجوتشو، بعد إعلان الرئيس أردوغان أنه سيدعو كلا الاسمين (فلاديمير بوتين و وبشار الأسد) أن الجميع يعتقد أن الاجتماع بين الرئيس أردوغان والأسد سيعقد في أنقرة بحضور بوتين، وأن زيارة بوتين لتركيا ستفتح مرحلة جديدة.
وأشار أوجوتشو إلى أن وسائل الإعلام السورية المقربة من حكومة دمشق سربت أخبارا تفيد بأن اجتماع أردوغان والأسد سيعقد في بغداد بعد أسابيع قليلة من الإعلان، بينما قيل في روسيا إن الاجتماع يمكن أن يعقد في موسكو في سبتمبر/أيلول.
أوضح أوجوتشو في تصريحات خاصة أن أنقرة ربما اعتقدت أن الاجتماع الذي سيعقد في بغداد سيبعث برسالة مفادها أن “العالم العربي وراء سوريا” غير أن زيارة الأسد لتركيا تبدو غير مرجحة منذ البداية، نظرا إلى أن بعض أراضي بلاده تحت سيطرة تركيا.
وأضاف أوجوتشو أن “خيار موسكو” ظهر كخيار أفضل في هذه المرحلة لأن الرئيس الروسي قادر على إقناع أردوغان بناءً على كيمياء جيدة بينهما، والتي تم اختبارها منذ سنوات، على الرغم من الاختلافات في المصالح والآراء، وامتلاك روسيا قواعد وقوات عسكرية في سوريا وعدم حاجة بوتين إلى تذكير الأسد بأنه أنقذ سلطته بالتدخل في اللحظة الأخيرة.
وفيما يتعلق بالأسباب التي دفعت روسيا إلى اتخاذ إجراءات لإحياء وفرض محادثات التطبيع بين أنقرة ودمشق، قال أوجوتشو إن النفوذ الروسي لا يزال قوياً، على الأقل في المناطق التي يسيطر عليها الأسد في سوريا، وسيظل كذلك في المستقبل المنظور، مشيرا إلى عدم رغبة بوتين والأسد تصدّر جهود الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي “المصطنعة” لتحقيق السلام في سوريا للمشهد.
وذكر أوجوتشو أن بوتين يحاول حل هذه القضية بتفاهم مشترك بين إيران وسوريا وروسيا وتركيا، وأضاف قائلا: “مما لا شك فيه أن بوتين هو الوسيط الأكثر إقناعًا وموسكو هي أفضل مكان للقاء في ظل الظروف الحالية، إن الديناميكيات مثل الغضب من اللاجئين السوريين، والمخاطر الأمنية التي يشكلها حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب في شمال سوريا، وحرق الأعلام التركية في المناطق التي تسيطر عليها جماعات المعارضة السورية المدعومة من تركيا، تجبر أنقرة على تحقيق سلام عاجل”.
ويرى الدبلوماسي التركي السابق أن سوريا، من ناحية أخرى، تسعى إلى السيادة الكاملة على أراضيها بعد التهديد التوسعي الإسرائيلي، وطرد القوى الأجنبية، وإعادة بناء الدولة المنهارة، والسعي إلى سلام مشرف مع تركيا.
من جانبها ترى زمرد يلماز من صحيفة يني عصر أن الموجة الاستفزازية التي بدأت في قيصري بسبب حادثة تحرش تورط فيها شاب سوري وانتشرت بسرعة البرق إلى البلاد ومناطق العمليات التي تسيطر عليها تركيا في شمال سوريا، ليست أكثر من محاولة لتخريب العلاقات الثنائية مع سوريا قبل أن تبدأ بعد إعلان نوايا التطبيع، مفيدة أن أولئك الذين يأملون في الحصول على مساعدة من الجماعات الإرهابية في شمال سوريا والذين يستغلون عدم الاستقرار ويستخدمون الناس هناك لمصالحهم الخاصة لن يكونوا غير مبالين بالتغيير في سياسة تركيا في سوريا.
وأشارت صحيفة حريات التركية في تقرير إلى وجود أولويتين أساسيتين لتركيا ألا وهما ضمان عودة اللاجئين السوريين إلى سوريا، وتدهور الهيكل الإداري المستقل الذي أنشأته وحدات حماية الشعب وحزب الاتحاد الديمقراطي، وتمدد حزب العمال الكردستاني في سوريا.
واعتبرت الصحيفة حركة تطبيع العلاقات بين تركيا ونظام الأسد، بوساطة روسية، محاولة لاتخاذ موقف ضد حركة قد تظهر على الجبهة الأمريكية بعد انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني، لافتة إلى أن الانفتاح المفاجئ لباب الحوار والمصالحة بين أنقرة ودمشق قبل الانتخابات قد يعني “تغييراً جذرياً لقواعد اللعبة” في سوريا.