أنقرة (زمان التركية) – اعتبر ياسين أكتاي، المستشار السابق للرئيس رجب طيب أردوغان، أن أحداث مدينة قيصري ضد اللاجئين السوريين، ليست انفجارًا اجتماعيًّا، بل عملًا مدبرًا، وأن حزب العدالة والتنمية الحاكم يجني حاليا سلبيات تغيير سياسته تجاه اللاجئين، لأجل الفوز بالانتخابات.
وفي مقال بعنوان “هناك ثمن لهذه الحملة ضد تركيا” المنشور في جريدة (يني شفق) التركية، ذكر أكتاي أن الحزب الحاكم اعتقد أنه سيفوز بالانتخابات البلدية 2024، إذا ما تصدى للاجئين، على حساب تجاوز المعايير الإنسانية، وأن الإجراءات المشددة التي تم اتخاذها جعلت اللاجئين السوريين عاجزين عن الخروج للشوارع بالمدن الكبرى.
وأضاف أكتاي أن المشاعر المعادية للمهاجرين لا تملك القدرة على إثارة مثل هذا الغضب، ليس فقط في قيصري بل في سائر أرجاء تركيا قائلًا: “”ربما، بقدر ما تم تسييسه بشكل أكثر من اللازم، وبقدر ما يراه السياسيون مجالًا مربحًا ويخدشونه، تتحول الآراء الأولية إلى استياء جدي، ولكن ليس أبدًا إلى الحد الذي قد يؤدي إلى انفجار اجتماعي.”
وأشار أكتاي إلى فوز العدالة والتنمية في السابق بكل الانتخابات التي خاضها رغم تحويل المعارضة قضية اللاجئين إلى أحد أكثر القضايا أولولية بالانتخابات، قائلا: “في الواقع، اعتبارا من انتخابات عام 2019 أخذ الحزب الحاكم هذه التذمرات العنصرية المناهضة للمهاجرين على محمل الجد، ولأنه أعطى أهمية كبيرة لهذه المخاوف، للأسف، لم يتمكن من تجنب خسارة بلديتي إسطنبول وأنقرة، على الرغم من أنه حول خطابه وسياساته بشأن هذه القضية تدريجياً إلى سياسات قتال ضد اللاجئين“.
وأكد أكتاي أن سياسات اللاجئين الإنسانية لم تكن سببًا لخسارة الانتخابات، قائلا: “للأسف لم يتم تشخيص هذا الوضع وتمييزه جيدا أثناء الانتخابات البلدية الأخيرة. اعتقدوا أنهم سيفوزون بالانتخابات إن تصدوا للاجئين على حساب تجاوز المعايير الإنسانية. المدن الكبرى جعلت اللاجئين السوريين عاجزين عن الخروج إلى الشوارع بسبب الاجراءات المشددة المتخذة. بات الأشخاص الذين يبدون أبسط تردد بشأن الهوية يتم وضعهم على متن الحافلات وإرسالهم لمراكز الترحيل. وأقدم من يوظفون العمالة السورية على إغلاق محالهم في إسطنبول“.
وأوضح أكتاي أنه : “ومع اقتراب الانتخابات تم السعي لإرسال رسالة إلى الرأي العام من خلال تقليص ظهور الأجانب في إسطنبول وأنقرة، هذه السياسات لم تفلح في فوز -العدالة والتنمية- بأصوات كل من يكره السوريين ويرغب في رحيلهم بل وأفسدت موقف العدالة والتنمية الذي أكسبه عمق وقيمة لسنوات فيما يخص السياسة الإنسانية. هذه الاجراءات غير المبالية حففت الشرايين التي صنعت حزب العدالة والتنمية وربطته بالجذور الروحية لحضارتنا. كان دعاء اللاجئين والمظلومين والضحايا مع حزب العدالة والتنمية، الآن اذهبوا إلى قلوب اللاجئين والمظلومين إن استطعتم وشاهدوا بأنفسكم ماذا حل محل جسور الدعاء هذه“.
ولفت أقطاي إلى أنه “من خلال السياسات التي تم تطبيقها مؤخرا، بدا وكأن هناك محاولة للدخول إلى هذه القلوب وإرضاء هؤلاء العنصريين، ولكن في محاولة لإرضائهم، واجهنا خطر فقدان أرضيتنا الأخلاقية والإنسانية. والأسوأ من ذلك، أن هؤلاء العنصريين أصبحوا أكثر تماديا وبدأوا يطالبون بالمزيد. تأتي هذه العملية بعد يوم من إعلان بدء الاتصالات مع الأسد، الذي ارتكب جرائم لا إنسانية ضد شعبه، من أجل إعادة السوريين في النهاية”.
ويوذكر أنه “من الواضح أن مسلحي الحزب السياسي العنصري كانوا يجهزون لهذه العملية مسبقا، حيث قاموا قبل أيام برصد منازل وأماكن عمل السوريين في قيصري واحدا تلو الآخر ونشروا ذلك على وسائل التواصل الاجتماعي. تم نقل الأشخاص إلى موقع الحدث بالشاحنات، وحتى الفيديو الذي قيل إنه كان الشرارة لهذه الأحداث، تبين أن تصويره ونشره كان جزءا من العملية”.
وحول سلبيات الأحداث الأخيرة على تركيا، قال مستشار أردوغان السابق “فيما يلي بعض النقاط حول تكلفة هذه العملية على تركيا: تم استهداف جسور التواصل التي بنتها تركيا على مدار سنوات مع العالم العربي. وألغى عشرات الآلاف من السياح من الخليج رحلاتهم إلى تركيا بسبب هذه الصور. كما بدأ العديد من المستثمرين الجادين من الخليج بسحب استثماراتهم من تركيا وتحويلها إلى أماكن أخرى. وقد كتبت عن ذلك سابقا أيضا”.