بقلم: هيثم السحماوي
الحقيقة أن البعثة الدبلوماسية لها وظائف متعددة وهامة، وليس الأمر مجرد ما يعتقده البعض من أن دورها ينحصر في إعطاء الإذن لمن يود السفر للدولة التي تمثلها، إنما هذه واحدة فقط من مهام القنصلية.
بداية وردت هذه الوظائف في اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية- التي كما انتهينا في المقال السابق أنها الآن المرجع في كل ما يتعلق بالعمل الدبلوماسي وتبادل البعثات بين الدول- وقد وردت مهام البعثات الدبلوماسية في المادة الثالثة من الاتفاقية. محددين في خمسة وظائف، وهم في كلمات:
التمثيل، والحماية، والتفاوض، والتعزيز، والمتابعة.
ما معنى هذا الكلام؟؟
من أولى مهام البعثة الدبلوماسية هي التمثيل الرسمي لدولة البعثة في الدولة التي تعمل بها. ولذلك حالات وأشكال متعددة، مثلًا إذا أرادت الدولة المصرية أن تقوم بزيارة أو تعمل اتفاق مع دولة تركيا، هي لا تلجأ لأي مجموعة من الأتراك أو مكتب تجاري يتبعهم أو غيرهم وإنما فقط تلجأ للبعثة الدبلوماسية التركية بمصر.
أما المهمة أو الوظيفة الثانية من وظائف البعثة الدبلوماسية فهي حماية مهام ومصالح دولة البعثة في الدولة التي تعمل بها، وأيضًا رعاية ومصالح مواطنين دولة البعثة المقيمين في الدولة التي تعمل بها البعثة، شريطة أن تكون هذه الحماية والرعاية وفق للقانون الدولي.
والسؤال الهام هنا – من يرعى هذه المصالح في حالة قطع العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين؟؟
بداية أوضح أنه يمكن أن يحدث نتيجة لأوضاع أو ظروف معينة قطع العلاقات الدبلوماسية بين دولتين، بمعنى سحب أعضاء السفارة التي تمثل الدولة، وإذا هذا الوضع يكون الواقع أن هناك مواطنين هنا وهناك، وبعض المصالح التي تخص الدولتين التي لا بد من رعايتها… الخ ، وهنا تقوم بهذا الدور سفارة دولة يتم اختيارها بالتراضي بين الدولتين خلال الفترة التي تكون بلا تمثيل دبلوماسي بينهم.
والمثال على ذلك ما حدث عام 1967 من قطع العلاقات الدبلوماسية بين الاتحاد السوفيتي وإسرائيل، بسبب رفض إسرائيل وقف إطلاق النار مع العرب.
فحينذاك كانت المسؤولة عن رعاية مصالح إسرائيل في الاتحاد السوفيتي وكل ما يتعلق بها هي سفارة دولة هولندا. وهو أمر يكون لصالح كلا الطرفين.
وبالنسبة للمهمة الثالثة للبعثة الدبلوماسية فهى تعزيز وتقوية العلاقات بين الدولتين. ويتم ذلك بعدة طرق منها، عقد الاتفاقيات والتعاون على أعلى مستوى بين الدولتين في مختلف المجالات. مثال هناك دولة( س) ودولة( ص) وتوجد زيارة لوزير العدل مثلا من أحدهما للأخرى فهنا على البعثة الدبلوماسية التي سيأتي منها الوزير أن تفكر في عقد الاتفاقيات بين دولته والدولة التي تعمل بها والتي سيزورها الوزير، إبرام الاتفاقيات التي تعزز وتقوي العلاقة بين كلا منهما، مثل اتفاقيات تبادل تسليم المجرمين وغيرها، وهكذا الأمر لو كان الوزير القادم هو وزير التجارة فتفكر البعثة في عقد اتفاقيات تعزز وتقوي العلاقات التجارية بين الدولتين… الخ.
ومن وسائل تقوية وتعزيز العلاقات بين الدولتين أيضًا عن طريق اللجان المشتركة، التي تتم بين وزارة الخارجية في كل دولة من الدولتين، برعاية وتنسيق السفارة.
ويكون دور هذه اللجنة الإنعقاد بشكل دوري، مرة في هذه الدولة والمرة الأخرى في الدولة الثانية وهكذا، على مستوى ليس وزاري ولكن مستوى مثلًا الوكلاء والأمناء في الوزارة، وتقوم هذه اللجنة ببحث سُبل تقوية العلاقات بينهم في مختلف المجالات، والمشاكل الموجودة وطرق حلها، ووسائل التعاون الأخرى التي يمكن أن تتم بينهم… الخ.
وأيضًا من وسائل تعزيز العلاقات بين الدولتين، تعزيز التبادل التجاري بينهم.
وتقوي العلاقات أيضًا عن طريق الزيارات الرسمية التي يمكن أن تقترحها السفارة على كافة المستويات، سواء مستوي الوزير أو رئيس الوزراء أو رئيس الدولة.
–
أُكمل باقي الحديث عن مهام البعثة الدبلوماسية في المقال القادم بإذن الله.
يسعدني التواصل وإبداء الرأي[email protected]