بقلم: ماهر المهدى
القاهرة (زمان التركية)ــ ما هى العلاقة بين حديث الوعظ وحديث السياسة؟ أعتقد أن الوعظ ينصب على توعية الناس بأمور دينهم، وحض الناس على التزام أومر الدين والبعد عن نواههيه وتذكير الناس بالثواب والعقاب، وتشجيع الناس على الصبر على البلاء وعلى الشدة والعمل من أجل الفوز برضا الرب فى الدنيا والآخرة، مع الاستعانة بكلمات الله التامات وبالحديث الشريف، وغير ذلك من قصص الصحابة وأقوال الصالحين وأثرهم، ومدح بعض أعمال الناس وربما تقبيح بعض أعمال الناس لعلهم ينصرفون عنها.
فلا يوجد فى الوعظ خطة للحاضر أو المستقبل، ولا تشتمل كلمات الوعظ على برنامج عمل أو أهداف محددة، ولا تقدم رسالة الوعظ حسابا للناس عما مضى، ولا يدين الواعظ لأحد بتفسير لما حدث، ولا يعلن الواعظ عن مسؤولية أحد، وهذا عدل معقول لا ضير فيه اذا كنا بصدد واعظ، أما اذا كنا نتوقع أن نستمع إلى كلمات رجل سياسة وزعيم مسؤول فقد نتوقع أكثر من كلمات الوعظ والمواساة والرثاء والحث على المزيد من التضحية.
عندما نستمع إلى كلمة رجل سباسة فمن الطبيعى أن نتوقع خطة واضحة للحاضر وللمستقبل لتحقيق أهداف مشروعة مناسبة للمرحلة الراهنة ومقبولة لدى عامة الشعب- ليعرف كل منا الى أين نسير وماذا نتوقع على المستوى العام خلال السنوات الخمسة القليلة القادمة على الأقل – وليس فقط قرارات لا يعلم حيثياتها الا من اتخذها فى حينه، ومزيد من الوعود والدعوات بالنصر وبالفرج القريب.
فليس فى السياسة معابد وليس هناك كهنوت وليس هناك كهنة يعملون فى ظلمات المعابد وفى غموضها. فالغموض فى السياسة قد يولد الشك ويضعف العزيمة ويفتح الباب للتكهنات والاشاعات ويعطى انطباعا بضبابية الرؤية.
إن المسؤولية العامة مسؤولية مشتركة بطبيعتها والأفضل أن تظل شركة بين جميع أبناء الوطن فى إطار من الشفافية الهامة الكاشفة للطريق الجالبة للثقة وللاطمئنان.
ومن الظلم للنفس أن يتصدر المرء المشهد لتحمل مسؤولية نفسه ومسؤولية الجميع من حوله ومسؤولية كافة القرارات، لأنه يحمل نفسه ما لا طاقة له به ولا حاجة به إليه مطلقا، وقد لا ينجح فى الوفاء بتبعات هذه المسؤولية العامة العارمة لأنها لم تولد ليحملها انسان واحد.
الوعظ يرتقى بالقلب والعقل والسلوك وله مكانه، والسياسة تقدير للمسؤولية وعدم استخفاف بالناس.