بقلم: ماهر المهدي
القاهرة (زمان التركية)_ المنطق يحكم العالم تقريبًا، والعقل زينة كل شيء تقريبًا. فليس بوسع المنطق أن يشمل كل شيء في حياة الإنسان المتعدد الثقافات المتعدد اللون المتعدد الشكل المتعدد الموقع المتعدد المستوى – من حيث التعليم ومن حيث التقدم ومن حيث التطلعات ومن حيث الصحة ومن حيث القوة وغير ذلك -وليس بوسع العقل أن يشمل كل أفكار الإنسان وأحلامه وتطلعاته على ما يبدو.
والناس – على كل المستويات الاجتماعية – قد تجتمع في تصرفاتها في وقت ما على الخروج على المنطق وعلى العقل في أحلامها وفي أمانيها وفي تصرفاتها، باسم الحب مثلًا أو باسم المشاعر الأبوية أو مشاعر الأمومة أو بدافع من حماية الوطن أو رغبة في تحقيق حلم كبير أو الوصول إلى مستو أعلى من طاعة الرب كل بحسب معتقداته.
وفى بلد أسيوي جميل ما اقتنعت فئة من السيدات المنتميات الى عقيدة ما بوجوب حلق شعر رأسهن الأسود الطويل الجميل تمامًا في المعبد الخاص بطائفتهن. ولم تتردد السيدات في تنفيذ ما يتلى عليهن من الوعظ والحكمة ورحن يعملن المقصات الحادة في شعورهن السوداء الطويلة الجميلة التي تميز رجال ونساء ذلك البلد الأسيوي الكبير، حتى امتلا المعبد بشعر السيدات المتدينات. ولما كانت لا حاجة للمعبد الى الاحتفاظ بشعور السيدات الملتزمات، فقد تخلص المعبد من الشعور المقصوصة الجميلة غير المرغوبة.
ولكن الناس في بلد مجاور أسيوي آخر -في ذات الوقت- كانوا في حيرة من أمرهم بشأن مشكلة جديدة ومؤرقة للمواطنين من الجنسبن فيها، ألا وهي مشكلة سقوط الشعر. ولم يطل الوقت طويلًا بمن حاروا في كيفية التخلص من شعور السيدات المقصوصة في معبد التقوى والورع حتى يكتشفوا أن هناك من يبحث عن شعر آدمي طبيعي جميل للزراعة في رؤوس العباد المتألمين من سقوط شعورهم في بلد كبير مجاور، لتبدأ تجارة جديدة مربحة بين الجانبين: الحالمين بالمال والحالمين بشعر أسود ناعم جميل يكسو وجوههم ورؤوسهم بالوسامة والجمال في المرايا وفى أعين الجميع. فلما سارت التجارة على ما يرام، تنبهت السلطات في البلد الأول إلى التجارة الجديدة القائمة على بيع شعور مواطناتها إلى بلد آخر وراحت تبحث وتنقب عن المسؤولين وراء تسهيل استيلاء الغير على مقدرات البلاد من الشعر الأسود الناعم الجميل والتربح من ورائه.
ومنعًا لمزيد من ” الخسارة المادية الوطنية ” أعلنت الدولة الآسيوية الأولى أن الاتجار في شعور سيداتها الأسود الطويل الناعم الجميل هي عمل من قبيل السرقة الاقتصادية، ليشهد العالم ما قد يعتبر أغرب سرقة اقتصادية .