بقلم: هيثم السحماوي
القاهرة (زمان التركية) –يوجد ملامح وضوابط للسلوك الدبلوماسي في الشريعة الإسلامية، يلتزم بها المبعوث الدبلوماسي الذي يمثل دولة الإسلام في دولة أخرى، وبالمثل يلتزم بها ممثل الدولة أو الأمة الأخرى على أرض الإسلام، ومن بين هذه القواعد، قاعدة المعاملة بالمثل، وقواعد المراسم والبروتوكول والإتيكيت.
وبالنسبة لمبدأ المعاملة بالمثل، فكما نوهت قبل ذلك كان موجودًا ومعمولًا به قبل الإسلام أيضًا، وعندما جاء الإسلام أقره وعمل به، قال الله تعالى في القرآن الكريم في سورة النحل ﴿…فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ …﴾ (سورة البَقَرَةِ: 2/194)
وعمل بهذا المبدأ النبي محمد صلى الله عليه وسلم في تعاملاته، وكان قد أرسل لقريش عثمان بن عفان رسولًا عنه، فلما احتبسته قريش لديها، احتجز النبي محمد بالمثل رسولهم حتى أفرجوا عن سيدنا عثمان؛ فأفرج عن رسولهم حينذاك.
وفي بعض الأحيان يكون من الأولى عدم رد الإساءة بإساءة والتجاوز عن خطأ المخطئ، وفقًا لقول الله تعالى: ﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ﴾ (سورة النَّحْلِ: 16/126)
أما فيما يتعلق بقواعد السلوك الدبلوماسي من البروتوكول والمراسم والإتيكيت.
ففيما يتعلق بقواعد البروتوكول والمراسم، فكان يتمسك بها الإسلام في إيفاد الرسل، واستقبالهم، وأوراق اعتمادهم، واللغة المستخدمة في التعامل، طرد السفراء، ملابس السفراء، الأسبقيات بينهم، مراسم تبادل الهدايا… الخ.
وبالنسبة لحسن الخلق والإتيكيت في التعامل، فإنها وإن كان مأمور بها المسلم بوجه عام إلا أنها كانت بالنسبة للرسول المسلم التزامًا، ومن ذلك آداب السلام والتحية، وآداب الحوار مع الغير، وآداب تناول الطعام، وآداب الزيارة، احترام الكبير وتوقير الصغير، تبادل الهدايا، والمواساة في الحزن، والتهنئة في الفرح… الخ.
وقبل نهاية المقال يسعدني أن أجيب على سؤال جاءني من إحدى القارئات للسلسلة، وهي تسأل عن حصانة المباني الدبلوماسية في الإسلام؟ حيث أنه في المقال السابق كان الحديث عن حصانة الرسول أو الدبلوماسي في الشريعة الإسلامية، وفاتني فعلاً أن أوضح هذه النقطة محل التساؤل في المقال. بالنسبة لحصانة المباني الدبلوماسية(السفارات)، فلم تكن موجودة حينذاك، لعدم وجود سفارات وأماكن دبلوماسية بالشكل الذي وجد في العصر الحديث، وإنما كان يتم استضافتهم في (مساكن الضيافة)، التي كانت يملؤها الكرم.
يسعدني التواصل وإبداء الرأي