أنقرة (زمان التركية) – يرى محللون أن إلغاء زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى الولايات المتحدة التي كان مقررا لها في مايو القادم، ألغيت بسبب الخلافات في الرؤى مع نظيره جو بايدن،حول عدة قضايا تخص الشرق الأوسط.
وفي الآونة الأخيرة تم تداول أنباء عن إلغاء الزيارة لينتهي الجدل القائم في هذا الصدد بإعلان المسؤولين الأمريكان إرجاء الزيارة.
وفي مقال بعنوان “لماذا تم إرجاء\إلغاء زيارة واشنطن”، أفادت الكاتبة الصحفية بارشين ينانش أن الأحاديث التي بلغت مسامعها أشارت إلى إجراء الاستعدادات للقاء أردوغان وبايدن خلال زيارة وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، إلى الولايات المتحدة في مارس/ آذار الماضي.
وأضافت ينانش أن بعض الدوائر في البلدين عارضتا اللقاء، وأن الطرفين أجريا مساومات بشأن سياسات الشرق الأوسط، قائلة: “من الممكن أن تركيا لم تمض على النهج نفسه مع الولايات المتحدة فيما يخص مستقبل العراق والعملية العسكرية، هناك احتمال خطير للغاية بأن يغادر الجنود الأمريكيون البلاد، ومن الممكن أن تركيا لم تلق الدعم الكافي لمطالبها بشأن وجود العمال الكردستاني في سوريا والعراق في ظل مساعيها لإقرار نفوذها بالبلدين محل النفوذ الإيراني، ومن الممكن أن تكون هناك مطالب مضادة من الولايات المتحدة في البعد الأمني لن تعجب أنقرة أو قد تكون ضاغطة من حيث السياسة الداخلية”.
وذكرت ينانش أن التوقعات الاقتصادية تشكل بعدا آخر للخلافات، مفيدة أنه في السنة الأولى من الحرب الأوكرانية، تم اتخاذ تدابير جادة ضد محاولات روسيا لاختراق العقوبات من خلال تركيا، والتي اشتكت منها الولايات المتحدة كثيرًا.
وأوضحت ينانش أن الولايات المتحدة وحتى الاتحاد الأوروبي لم يعد لديهم شكوك في الأمر كما كانوا من قبل، قائلة: “تتوقع تركيا بعض المبادرات في المقابل، على سبيل المثال، تريد إلغاء الرسوم الجمركية التي تفرضها الولايات المتحدة على منتجات الحديد والصلب، فقد تم اتخاذ قرارات مماثلة لدول أخرى، إلا أن القيمة لا تزال 25 في المئة بالنسبة لتركيا، وفي الوقت نفسه، تحتاج الولايات المتحدة إلى إعطاء الضوء الأخضر لتركيا لتترك القائمة الرمادية -المتعلقة بغسيل الأموال-، مما سيخلق إشارة رمزية ولكنها إيجابية للتعافي الاقتصادي”.
وزعمت ينانش أن أردوغان كان ليقتنع بزيارة أقل في الأهمية لو لم يخرج من الانتخابات البلدية بهذه الهزيمة المؤلمة.
أضافت قائلة: “لكنه ربما أراد نتيجة أكثر إيجابية حتى لا يتم تهميشه من قبل المعارضة، مثل هذه المفاوضات والخلافات قبل لقاء القادة أمر طبيعي، في الواقع، يرفع البيروقراطيون الأمور إلى مستوى محدد، ويحاولون إيجاد حل وسط، ويتركون حل بعض نقاط الخلاف للقاء القادة، ولكن يجب أن يكون كلا الطرفين على استعداد لتكون الزيارة إيجابية لتحقيق هذا، ويبدو أن المترددين قد انتصروا في كلتا العاصمتين”.
وأكدت ينانش أنه ليس من الواضح مدى تأثر هذه الزيارة بلقاء أردوغان مع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، في تركيا قائلة: “أعتقد إن كلا الجانبين وجدا العذر الذي كانا يبحثان عنه، فالولايات المتحدة قد تشير إلى زيارة هنية أما أردوغان فقد يبرر الأمر بقرار الكونجرس الأمريكي بإرسال مساعدات عسكرية إلى إسرائيل، بالإضافة إلى المساعدات لأوكرانيا، سيفيد بايدن اللوبي الإسرائيلي وسيفيد الرئيس أردوغان اللوبي المعادي لإسرائيل في تركيا”.
في السياق نفسه، رأي الكاتب الصحفي إبراهيم فارلي أن السبب وراء امتناع بايدن عن الاجتماع مع أردوغان، هو الخلافات بين العاصمتين حول القضايا الإقليمية.
وفي مقاله بعنوان ” لم يستطع الذهاب لا إلى غزة ولا إلى البيت الأبيض”، أوضح فارلي أن بايدن لم يكن ينوي لقاء أردوغان، مفيدا أن أردوغان يسعى إلى ترسيخ شرعيته مرة أخرى أمام المجتمع الدولي من خلال وضع قدمه في البيت الأبيض.
وأسرد فارلي أسباب رغبة أردوغان في زيارة البيت الأبيض على النحو التالي:
1- الدعم الاقتصادي والبحث عن الأموال الساخنة: يبحث لنظام التركي عن الأموال الساخنة والمستثمرين من جميع أنحاء العالم، بسبب الأزمة الاقتصادية العميقة.
نقص الأموال الخليجية دفع تركيا إجباريا إلى الغرب، إذ يرى السفير المتقاعد سليم كونيرالب أيضًا أن أحد الأسباب المهمة للزيارة هو الاقتصاد، بقوله: “من أين سيأتي المال؟ من الغرب والولايات المتحدة. لم تعد الأموال تأتي من دول الخليج، فقد توقف التدفق. لهذا السبب، كانت الزيارة مهمة”.
2- الحرص على لعب دور في الشرق الأوسط: يريد نظام التركي أيضًا تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية من أجل اتخاذ موقف أكثر نشاطًا في الشرق الأوسط.
كانت زيارة واشنطن مهمة لتركيا لفتح المجال لها بالمنطقة وخصوصا في سوريا ولأجل العملية العسكرية في العراق. هجمات تل أبيب على غزة، ومحاولات نتنياهو لنشر الحرب إلى الشرق الأوسط، والتوترات الإيرانية الإسرائيلية تجعل المنطقة متوترة للغاية.
وتواصل إدارة أردوغان، المستعدة للدور في مواجهة قوة إيران المتزايدة في المنطقة وصراعها مع إسرائيل، اتصالاتها منذ فترة طويلة.
المشكلات العالقة
وأشار فارلي إلى اختلاف الرؤى بين الدولتين في العديد من القضايا على النحو التالي:
– قضية حماس: أدت استضافة زعيم حماس إسماعيل هنية في إسطنبول إلى استنكار الولايات المتحدة، حيث اللوبي اليهودي قوي.
-أزمة إسرائيل: إن خطاب إدارة أردوغان المناهض لتل أبيب، رغم استمرار التجارة مع إسرائيل، هو أيضًا سبب لعدم ارتياح إدارة بايدن، وأنقرة غير راضية عن مبيعات الأسلحة الأمريكية إلى إسرائيل، في حين أن واشنطن غير راضية عن خطاب أنقرة.
-العلاقات مع روسيا: أزمة أخرى بين واشنطن وأنقرة هي العلاقات مع روسيا، حيث أن اتصال النظام بموسكو أمر مثير للقلق في الولايات المتحدة، وتحاول تركيا الاستفادة من الصدام بين الولايات المتحدة وروسيا، غير أن هذا الوضع ليس في مصلحة الولايات المتحدة، ويتوقع أن يتخذ عضو الناتو موقفًا أكثر وضوحًا.
– طائراتF-16 و F-35: على الرغم من موافقة أنقرة على عضوية السويد في الناتو، إلا أنها لم تحصل على النتيجة المرجوة فيما يتعلق بالطائرات المقاتلة F -16 وF -35، وتستمر المساومة الضيقة وضبط النفس.