بقلم: هيثم السحماوي
القاهرة (زمان التركية)_ كان للسفراء، أو للرسُل كما كان يسمون في عهد النبي محمد صلي الله عليه وسلم وضع مميز، نظرًا لأهمية المهام التي كانوا يحملونها. فكان هناك شروط لاختيارهم، وأوراقًا لاعتمادهم، وقواعد لضبط القيام بالأعمال التي يكلفون بأدائها، ويتمتعون أثناء القيام بعملهم بحصانة دبلوماسية، بما يضمن لهم القيام بأعمالهم على أكمل وجه، ويحكمهم في تصرفاتهم أن يكون وفقًا لقواعد كلا من البروتوكول والإتيكيت، وبه فن المجاملة.
وكل نقطة من هذه النقاط سأتناولها بشيء من التوضيح المناسب، بداية مع شروط إختيار هؤلاء الرُسُل:
- توفر العلم اللازم في السفير: كان من الشروط الواجب توافرها في السفير، توفر العلم والمعرفة اللازمين. العلم بتاريخ الأمم وخصائص الشعوب، إضافة إلى العلم بالقرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.
وكان أيضًا جزء من العلم والمعرفة اللازمين في السفير العلم بلغة البلد الموفد إليها، وللعلم أهمية بالغة وعظيمة في الإسلام.
- دماثة الخلق: وما يعبر عن أهمية حسن الخلق للمسلم بشكل عام، قول النبي محمد صلي الله عليه وسلم معبراً عن أهمية الأخلاق ومكانتها في الإسلام قول النبي محمد صلي الله عليه وسلم (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق).
ومن حسن الخلق احترام الكبير، والعطف على الصغير، والتبسم في وجه الغير، والتواضع.
- الفطنة والكياسة: فلا بد من توفر الذكاء والقدرة على التصرف في كل المواقف.
- العدل: قال تعالى في سورة الأعراف( قُل أمر ربي بالقسط)، وقال النبي محمد صلي الله عليه وسلم (من ابتلي بالقضاء بين المسلمين، فليعدل بينهم في لحظه، وإشارته، ومقعده، ومجلسه).
- الأمانة وحفظ الأسرار: فأساس عمل الدبلوماسي هو حمل أسرار الدولة وحفظها، وعكس ذلك تكون خيانة لدولته ولعمله الذي أؤتمن عليه.
وقال تعالي( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها)
- حسن المظهر: يقول الرسول محمد (إذا ابردتم إلي بريدا فليكن حسن الوجه حسن الجسم) – أي إذا أرسلتم أحد برسالة.
- ويقول ابن الفراء في كتابة رسل الملوك تمام القد وعبالة الجسم حتى لا يكون قميئا ولا ضئيلا … فأعين الملوك تسبق ذوي الرداء من الرسل.
- الثبات الانفعالي وعدم الغضب، وهي فضيلة في غاية الاهمية للمسلم أن يتحلى بها، ففي الحديث الشريف ( لا تغضب لا تغضب) وقوله (ليس الشديد بسرعة الغضب ولكن الشديد من يملك نفسه عند الغضب).
- المحافظة على كرامة المبعوث الدبلوماسي وكرامة دولته في كل معاملاته وتصرفاته.
وأختتم المقال بجزء من الحوار الذي كان بين سفير النبي محمد صلي الله عليه وسلم حاطب بن أبي بلتعة مع المقوقس عظيم القبط في مصر، الذي سأل سفير النبي ( ما منع محمد إن كان نبيا، أن يدعو علي من خالفه وأخرجه من بلده؟ فكان جواب مبعوث النبي سؤالاً ( وما منع عيسى، وقد أخذه قومه ليقتلوه، أن يدعوا عليهم ويهلكهم؟ فكان رد المقوقس ( أحسنت …فأنت حكيم جاء من عند حكيم.
قائمة المراجع :
القرآن الكريم
السنة النبوية المطهرة
أبو علي حسن بن محمد بن الفراء ، كتاب رسل الملوك ومن يصلح للسفارة، تحقيق صلاح الدين المنجد، بيروت دار الكتاب الجديد.
د/ عبد العزيز كامل ، الدين والحياة، الجزء الأول، دار مطابع الشعب، القاهرة.
مجلة دعوة الحق، الصادرة عن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية، العدد 84.