بقلم: ماهر المهدي
القاهرة (زمان التركية)ـ كيف تكون هناك جهود للمصالحة إذا وضع متخاصمان شروطًا أو أسسًا يرفضها الآخر تمامًا ويصر على ما يناقضها من أجل التصالح المزعوم؟ ألا يشترط التصالح وجود النية نحو التصالح؟ فإذا وجدت النية للتصالح بين خصمين، فهل يتوقع أن تكون شروط الطرفين قابلة للتقارب؟.
هل يمكن للمتخاصمين أن يضعوا من الشروط المستحيلة ما يريدان دون حساب للخصم الآخر ودون حساب للوسطاء الذين يبذلون جهدًا ومالًا ووقتًا -تحت ضغوط من كل جانب- للمساعدة في التوصل إلى مصالحة حقيقية؟ هل يحق لأحد المتخاصمين أن يشترط للتصالح زوال الخصم الآخر من الوجود؟ ما هي حدود الخصومة وأين تبدأ حدود العداء؟ وإذا اشترط طرف من طرفى أو من أطراف الخصام زوال بعض أو كل الخصوم، فماذا يجعل من هؤلاء خصومًا ولا يجعل منهم أعداء.
لا مانع من اللقاءات، ولا مانع من الاجتماعات كلها بكل أنواعها: على إفطار وعلى شاي وعلى قهوة وعلى غداء وعلى عشاء، والحديث وتبادل الكلمات الطويلة والقصيرة، وبعض اللوم وبعض المجاملة وبعض العتاب وكثير من المناورات الحوارية ومن الابتسامات المثلجة ومن الضحكات المريرة وتكرار ذات الكلمات والجمل في محاضر لا حضور فيها ولا حياة.
وتنتهي الاجتماعات الصغيرة والكبيرة على الشاطئ الصخري للصلف والأنانية والطمع الضال بمزيد من الكلمات والضحكات والسلامات والأمنيات الفارغة من كل شيء، لأن الأمنية الصادقة لا تصدر إلا عن قلوب صادقة الهدف والجهد والتفكير وليس عن قلوب منقسمة الهدف والمصلحة .
هل تقرب الخسائر المتلاحقة جانبي الخصام ولو قليلًا؟ أبدًا لم تغير الخسائر شيئًا حتى الآن. هل غير الزمن شيئا فى اتجاه التفاهم بين المتخاصمين؟ لم يغير الزمن شيئًا في اتجاه إيجابي، بل ربما حمل الزمن قلبي الخصمين بمزيد من المرارة والنفور حتى أن أحدهما ليرمي أتباع الآخر من فوق أسطح المباني أحياء ليذوقوا العذاب قبل الموت ولو كان ذلك بغير حق .