بقلم: ماهر المهدي
القاهرة (زمان التركية)ـ الحياة فيها كثير من التحديات، ومن أكبر التحديات التى تواجه الإنسان القدرة على الكذب والقدرة على تفادى الكذب والبعد عنه والقدرة على تحمل الكذب والعيش معه.
وتحدى الكذب هو تحد عظيم أمام كل الناس، بصرف النظر عن الجنسية والعقيدة والعمل والعمر والجنس، لأن الكذب يصيب الروح بالغثيان ويشوه المناظر الجميلة بلون الكذب المنفر سقيم الرائحة ويحيل الحياة الى ماء راكد عفن لا نماء فيه ولا خير ولا يطيب لأحد، لهذا فمن الغريب أن نجد اليوم شعبا عانى من الاضطهاد والقتل والتعذيب والمطاردة والنفور – حول العالم وليس فى بقعة واحدة – يقتات على الكذب اليومى لحكومته التى تغتال شعبا آخرا وتفعل في أطفاله ونسائه ومرضاه وأرضه كل ألوان الحرمان والعنف والقتل والتخريب حتى قطع الرؤوس والتجويع المخطط المقصود للأطفال الرضع قبل الكبار، بينما القتلة يبيعون الوهم لأنفسهم بزعم الدفاع المشروع الدفاع عن النفس.
ولو أن هذه الحملة العسكرية المجرمة تستطيع القضاء على شعب ما لربما كان للمجرمين المرضى القائمين عليها حق فى تنفيذها واستكمالها، ولكن هيهات لهذه الحملة الآثمة ولأمثالها من الحملات أن تحقق غرضها فى الواقع والا لاستحالت الحياة ولما بقى أحد على وجه الأرض . ولا يحقق هولاء المرضى نجاحا الا فى الوصول الى درجات أكثر دناءة وانحطاطا – على المستويين الشخصى والمهنى – فى أعين العالم أجمع حتى فى أعين أنصارهم وتابعيهم الذين لا يجد بعضهم حرجا فى الخروج على العالم بالصراحة والحقيقة الفاجعة، لعلهم ينقذون شيئا من كرامة ويحققون انسانيتهم.
فالإنسان إنسان مع الجميع وتجاه جميع البشر – دون شروط – وليس تجاه أناس بعينهم دون الآخرين ولو كره المرضى هذه الحقيقة التى تفزعهم وتقض منامهم وتلطخ صورهم المنتشرة بلا معنى سوى النفاق واللامبالاة.
والحقيقة أن الحملة المجرمة التى تهدف إلى تصفية شعب فى وضح النهار فى صلف وبرود قد تصرف الأنظار الى الكراهية التاريخية التى لاحقت شعبا يشتكى كل يوم مما عاناه من الطرد والحصار والنفور والقتل ، إذ قد يبدو أن تلك الكراهية التاريخية لم تنبع من فراغ رغم أن الكراهية ليست عملا حميدا ولا محبوبا.
إن خطورة الحملة الراهنة من القتل والتصفية الغادرة ضد شعب محاصر مقهور محروم من الحياة فى سجن مغتوح لن تقتصر على فضح الحقيقة القبيحة لأصحاب حملة القتل وزعيمهم ، ولكنها ستغير التاريخ وستجعل من عظيم مخاوفهم حقيقة من دم ولحم يرونها أمامهم رأى العين ولا يصرفها عنهم نوم ولا يقظة.