بقلم: هيثم السحماوي
القاهرة (زمان التركية)_أوضحت في المقال السابق مدى أهمية دور القانون الدولي في مكافحة الجرائم الجديدة، ومدى أهمية تفعيل هذا الدور، إلا أن الأمر لا يخلو من التحديات الكبيرة لتفعيل هذا الدور، وإقامة تعاون دولي فعال يهدُف إلى القضاء على هذه الجريمة.
فعندما نتحدث عن مواجهة القانون الدولي للجرائم الجديدة، نجد أن التحديات تتسارع بسرعة مع تطور التكنولوجيا وتغيرات الديناميات الاجتماعية. ويواجه المجتمع الدولي اليوم تحديات معقدة تتطلب تحديثًا وتعزيزًا للأطر القانونية الدولية لضمان فاعلية العدالة ومكافحة الجريمة.
وفيما يتعلق بالتحديات التي تواجه القانون الدولي للتصدي لهذه الجرائم، فهي كثيرة منها المتعلقة بأساليب التحقيق الرقمية، حيث أنه مع التقدم في تكنولوجيا التحقيق الرقمي أصبح من الضروري تحديث أساليب التحقيق القانونية تتناسب والتحديات الحديثة التي تطرأ كل يوم على الجرائم السيبرانية أو الجديدة.
وهناك أيضًا تحديات جرائم الإرهاب الدولي الخطيرة، وجريمة التهريب والجريمة المنظمة، مثل جرائم تهريب البشر والأسلحة، وجميعهم يحتاجون الى إطار قانوني فعال، وتعزيز الإجراءات القانونية، والتعاون الدولي بشأن مكافحتهم.
وإلى جانب هذه التحديات هناك تحديات أخرى مثل تحديات جرائم الحروب الهجينة، وتحيات جرائم حقوق الإنسان وغيرهم .
وبالنسبة للتعاون الدولي، فبلا شك أضحى ضرورة ملحة، خاصة بعد أن نعرف أن من السمات الخاصة بالجرائم الجديدة كونها عابرة للحدود، فتحقيق تعاون دولي حقيقي وفعال بين الدول يهدف لتحقيق العديد من الأهداف على رأسها عدم إفلات أيا من المجرمون الجدد من العقاب، وبمعنى أوضح المشكلة التي تحدث هنا هي أن يرتكب أحد المجرمون الجدد جريمته في دولة، ثم ينتقل إلى دولة أخرى لا تعاقب علي هذه الجريمة أو بينها وبين الدولة التي أرتكب فيها جريمته مشكلة سياسية بحيث يؤدي في النهاية إلى عدم معاقبته على الجرم الذي ارتكبه.
والمثال على ذلك ماحدث من قيام مواطن بريطاني بارتكاب جريمة من الجرائم الجديدة، والتي تمثلت في قيامه باختراق وكالة الفضاء الأمريكية، وأنظمة الحاسوب الخاصة بالجيش الأمريكي، وهنا حاولت الحكومة الأمريكية بكافة السُبل مع الحكومة البريطانية أن تسلم هذا المجرم إلى يد الحكومة الأمريكية كي تحاكمه، ولكن كل المحاولات قد باءت بالفشل، ولا هي سلمته إليها ولا حتى حكومته أمام محاكمها.
ومن المشاكل الأخرى التي تظهر في هذا الجانب مشكلتي التنازع حول الاختصاص القضائي والولاية القضائية.
وفي إطار عملية إيجاد حل حقيقي لإقامة تعاون دولي فعال والتصدي للتحديات التي تواجهه، جاءت اتفاقية مجلس أوروبا بخصوص الجريمة السيبرانية التي صدرت في بودابست عام 2001، حيث أنها قد وجدت الحل المناسب في مثل هذه الاحيان السابقة، المتمثلة في التنازع حول الاختصاص القضائي أو مسألة الولاية القضائية.
حيث ذكرت الاتفاقية أن تقوم الدول الأطراف فيها في حالة الدفع بولايتها القضائية على ملاحقة الجريمة بالتشاور فيما بينهم بهدف التوصل لأفضل محكمة تختص بنظر الدعوى .ومما هو جدير بالذكر أن هذه الإتفاقية قد استحدثت اليات عديدة لمواجهة هذا النوع من الجرائم. وهي تعد أول اتفاقية دولية في مجال مكافحة الجرائم المعلوماتية ، ومثال يحتذى به في مجال مكافحة الإرهاب السيبراني بشكل خاص.
مراجع المقال:
- مقال الأستاذ الدكتور أيمن سلامة، أستاذ القانون الدولي، بعنوان لماذا يصعب التعاون الدولي في مجال مكافحة الجريمة السيبرانية، منشور بتاريخ 3 يوليو، بموقع إسكاي نيوز عربية.
- Goldsmith, J. L., & Posner, E. A. (2005). The Limits of International Law. The American Journal of International Law, 99(4), 769–802.
- Schabas, W. A. (2011). An Introduction to the International Criminal Court. Cambridge University Press.
- Zedner, L. (2009). Criminal Justice. In The Oxford Handbook of Criminology (4th ed., pp. 899–938). Oxford University Press.