نيويورك (زمان التركية)-نشر موقع “فوربس (forbes)” الأمريكي تقريرا تحليليا عن تأثير الحرب الإسرائيلية على غزة وإرسال الولايات المتحدة الأمريكية حاملة طائرات أمريكية للبحر المتوسط ومدى تأثير ذلك على علاقة الولايات المتحدة الأمريكية مع تركيا، وقد كتب التقرير التحليلي “بول إيدون (Paul Iddon)” المتخصص في الشؤون الشرق الأوسط، وقد جاء في التقرير:
لقد شعرت الولايات المتحدة مؤخرًا بالحاجة إلى تقديم توضيح إلى إحدى الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي (الناتو) بشأن نشرها مؤخرًا مجموعتين من حاملات الطائرات الضاربة في شرق البحر الأبيض المتوسط في أعقاب اندلاع الحرب بين غزة وإسرائيل في وقت سابق من هذا الشهر.
وقد صرح مسؤول من وزارة الدفاع التركية للصحفيين بأنه: “عندما أثرنا هذه القضية مع نظرائنا الأمريكيين، أخبرونا أن مجموعات حاملات الطائرات تلك أُرسلت إلى هناك كجزء من عمليات إجلاء غير مقاتلة للمدنيين في المنطقة”.
وقد انتقدت تركيا مؤخرًا النشر الأخير لحاملات الطائرات الأمريكية والذي أعقب الهجوم الذي شنته حماس والذي راح ضحيته 1400 إسرائيلي في 7 أكتوبر وما تبعه من إعلان إسرائيل الحرب على قطاع غزة والذي لازال مستمرًّا وقد راح ضحيته آلاف المدنيين على الجانب الفلسطيني .
وقد أعرب الرئيس التركي خلال زيارته للنمسا في 10 تشرين الأول/أكتوبر حيث التقى بالمستشار كارل نيهامر، عن شكوكه ومخاوفه من نشر حاملات الطائرات الأمريكية خلال مؤتمر صحفي مشترك، حيث صرح قائلًا: “الولايات المتحدة ترسل حاملة طائراتها إلى إسرائيل، ولكن ماذا ستفعل تلك الحاملات في إسرائيل؟ لماذا جائت لتفعله؟” وقال أردوغان، بحسب ترجمة باللغة الإنجليزية لوكالة أنباء تي آر تي وورلد التركية: “حاملة الطائرات، التي تأتي إلى هنا مع القوارب والطائرات على الحاملة، ماذا ستفعل؟” وأضاف متسائلًا هل: “ستضرب إيران وغزة وتدمرهما، هل ستكون خطوة نحو مجزرة خطيرة”؟.
وبعد أيام قليلة، أصدرت البحرية التركية برقية ملاحية (NAVTEX) تعلن فيها عن تدريب على إطلاق النار لمدة أربعة أيام قبالة سواحل قبرص في الفترة من 16 إلى 20 أكتوبر، وأشارت صحيفة “ديلي صباح التركية” التي تديرها الدولة إلى أنه على الرغم من أن هذا لم يكن رسميًّا أكثر من مجرد “تدريب روتيني على إطلاق النار” ، إلا أنه جاء “في وقت تتصاعد فيه التوترات” بين أنقرة وواشنطن بشأن نشر الأخيرة حاملات طائرات. وتكهنت المصادر التي استشهد بها موقع The Media Line بأن هذا النشاط البحري التركي يسعى إلى إيصال رسالة إلى سكان تركيا والعالم الخارجي بأن أنقرة لاعب في المنطقة الأوسع.
وهذه ليست المرة الأولى التي تعرب فيها تركيا عن استيائها من الوجود البحري الأمريكي في شرق البحر الأبيض المتوسط، فقد أصدرت وزارة الخارجية التركية بيانًا أعربت فيه عن “الدعم القوي” لجمهورية شمال قبرص التركية غير المعترف بها دوليًا عندما أدانت الحكومة هناك رسو غواصة أمريكية في ليماسول، جمهورية قبرص في أبريل الماضي .
ومن قبلها عندما أرسلت الولايات المتحدة حاملة الطائرات جورج إتش.جورج دبليو بوش في فبراير/شباط وعرضت المساعدة الإنسانية على تركيا، بعد أن دمر زلزال البلاد، انتشرت مؤامرات حول الطبيعة الحقيقية لانتشارها عبر وسائل التواصل الاجتماعي التركية، وروج بعض الصحفيين الأتراك لنظرية المؤامرة على تركيا، وهو ما دعى وزير الخارجية في ذلك الوقت إلى الإعلان بأن تركيا لن تسمح لحاملة الطائرات الأمريكية بدخول مياهها الإقليمية.
الجدير بالذكر أيضًا أن تعليقات أردوغان في 10 تشرين الأول/أكتوبر جاءت بعد يوم واحد فقط من قوله إن تركيا سترد في نهاية المطاف على إسقاط الولايات المتحدة إحدى طائراتها المسلحة بدون طيار فوق سوريا، والتي اعترضتها طائرة إف-16 تابعة للقوات الجوية الأمريكية بعد دخولها منطقة محظورة مع القوات الأمريكية في 5 أكتوبر.
وأعلن أردوغان: قائلًا “ليس هناك شكّ في أن الحادث محفور في ذاكرتنا الوطنية، ومن المؤكد أنه سيتم اتخاذ الإجراءات اللازمة عندما يحين الوقت” وفي افتتاحية حديثة وزير الخارجية التركي الأسبق، عملية إسقاط الطائرة تلك بنقطتين تاريخيتين منخفضتين في العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا، الأول كان في عام 1992 عندما أصابت صواريخ Sea Sparrow الأمريكية المدمرة التركية TCG Muavenet مما أسفر عن مقتل سبعة من أفراد الطاقم، بما في ذلك القبطان، وأصرت واشنطن على أن الأمر كان مجرد حادث وعوضت أنقرة، ومع ذلك، يعتقد العديد من الأتراك أن الأمر كان متعمدًا. أما الحدث الثاني فكان اعتقال القوات الأمريكية لجنود أتراك في شمال العراق ووضع أغطية على رؤوسهم، وهو ما يسمى بـ”حادث القلنسوة” ، في عام 2003 والذي أدانه الأتراك على نطاق واسع ويتذكرونه جيدًا.
ويؤكد ياكيس أن الوضع الحالي “يقودنا إلى التشكيك في قوة التحالف بين الدولتين” وكتب معلقًا: “إذا اعتبر حليفان بعضهما البعض تهديدًا محتملًا، فإن مثل هذا التحالف لا يستحق الصمود” .
ومع ذلك، تبدو الولايات المتحدة حريصة على التقليل من أهمية أي خلافات أو توترات، ووصف المتحدث باسم البنتاغون على الفور إسقاط الطائرة بدون طيار بأنه “مؤسف” وشدد على أنه لا توجد “مؤشرات” على أن الطائرات التركية بدون طيار سعت عمدًا إلى تعريض القوات الأمريكية للخطر. كما أن الولايات المتحدة لم تدين بشدة القصف التركي المستمر للبنية التحتية في شمال شرق سوريا واستهداف المقاتلين الذين يقودهم الأكراد الذين تعاونت معهم الولايات المتحدة ضد داعش.
علاوة على ذلك، يبدو أن التوضيح الذي قدمه المسؤولون الأمريكيون للحكومة التركية بشأن طبيعة الانتشار البحري الحالي يهدف أيضًا إلى تقليل أي توترات وسوء تفاهم محتمل بينهما.
لقد كانت هناك تكهنات معقولة بأن واشنطن لا ترغب في استعداء أنقرة في الوقت الحالي لأنها تعتمد على انضمام تركيا الوشيك إلى انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي، لذلك، ربما يكون أردوغان قد حسب أن هذه لحظة مناسبة لتغذية المشاعر المحلية والإقليمية المناهضة للولايات المتحدة – والتي وصلت حاليًا إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق بسبب الحرب بين إسرائيل وحماس – مع العلم أن واشنطن تريد تجنب أي مشادة مع حلفائها في الوقت الحاضر.