لندن (زمان التركية)ــ بعد الانتخابات التركية التي شغلت الكثيرين حول العالم فكذلك يظل الاقتصاد التركي يحظى بمتابعة كل وسائل الإعلام الدولية فخلال العشرين عاما السابقة مر الاقتصاد التركي بمراحل مختلفة، وبينما حقق تطورًا كبيرًا في فترة من الفترات إلا أن الاقتصاد التركي ونتيجة لقرارات اقتصادية ليست دقيقة تدهور خلال الثلاث سنوات السابقة بصورة دراماتيكية، ولكن اليوم وبعد أن رفع الرئيس التركي يده عن الإدارة الاقتصادية مع فوزه في الانتخابات، فإن تركيا تدخل مرحلة جديدة.
توجهت أنظار وكالات الأنباء الدولية والمحلليلين السياسيين والاقتصاديين للتغييرات الوزارية وما سيتبعها من قرارات، الكاتب بول كيربي كتب لشبكة بي بي سي مقالا يتناول بالتحليل أثار قرار البنك المركزي التركي برفع سعر الفائدة.
وجاء في المقال: رفعت تركيا سعر الفائدة الرئيسي من 8.5٪ إلى 15٪ مما عكس إحدى السياسات الاقتصادية غير التقليدية للرئيس رجب طيب أردوغان، وكان الارتفاع بمقدار 6.5 نقطة أقل بكثير مما كان يتوقعه الاقتصاديون، لكنه كان بمثابة تحول كبير في السياسة من قبل فريقه الاقتصادي الجديد الذي تم جلبه لمعالجة التضخم المتفشي.
فبينما كان يصر الزعيم التركي على إبقاء أسعار الفائدة منخفضة، فقد بلغ معدل التضخم 40٪ والأتراك في قبضة أزمة تكاليف المعيشة. وقد تم تعيين رئيس البنك المركزي التركي حفيظة غاي إركان، والتي جاءت من الولايات المتحدة فقط هذا الشهر في أعقاب إعادة انتخاب أردوغان كرئيس، ويمثل قرارها أول ارتفاع في أسعار الفائدة منذ ديسمبر 2020 بعد فترة مضطربة أقيل خلالها ثلاثة محافظين للبنك المركزي في أقل من عامين .
وعلى الرغم من أن الزيادة تضاعف تقريبًا معدل سياسة تركيا إلى 15٪ إلا أنها أقل بكثير مما توقعه العديد من الاقتصاديين، وكان بنك مورغان ستانلي الاستثماري في الولايات المتحدة قد اقترح أن سعر الفائدة يجب أن يرتفع إلى 20٪ بينما صرح بنك جولدمان ساكس متوقعا بأن سعر الفائدة قد يصل إلى 40%، ولقد أوضحت لجنة السياسة النقدية بالبنك في بيانها أن تحرك يوم الخميس كان بداية لعملية تدريجية بهدف خفض التضخم إلى معدل 5٪، وقال أعضائها إنهم “قرروا بدء عملية التشديد النقدي من أجل تحديد مسار التخلص من التضخم في أقرب وقت ممكن … والسيطرة على التدهور في سلوك التسعير”.
الجدير بالذكر في هذا المجال أن مشكلة الرئيس أردوغان تكمن في أن معدل التضخم في تركيا لا يزال مرتفعاً، أضف إلى ذلك انخفاض احتياطيات بنكها المركزي إلى مستويات غير مسبوقة، بعد أن أنفقت مليارات الدولارات في محاولة لدعم الليرة.
وكانت قد انخفضت أسعار الفائدة من 19٪ قبل عامين إلى 8.5٪ في الأشهر الأخيرة، وسيكون للتغيير فيهذا الاتجاه تداعيات على بلد يعاني بالفعل من أزمة اقتصادية، وكما صرح أوزجي زينيوغلو، كبير محاضري السياسة في جامعة ليفربو معلقا “إنها مخاطرة، لكنها دائرة يصعب تلافيها” وأضاف قائلا فعلى أردوغان “أن يفعل شيئًا من أجل الاقتصاد، لكن التحول الواضح إلى السياسات الاقتصادية التقليدية من شأنه أن يضرب قطاعًا كبيرًا من المجتمع ولن يرغب في أن يكون لهذا التأثير على الانتخابات المحلية” العام المقبل.
الجدير ذكره في هذا السياق أن الاقتصاد التركي نما بشكل كبير في السنوات الأولى من قيادة الرئيس أردوغان، لكن في السنوات الأخيرة، تخلى عن الحكمة الاقتصادية التقليدية من خلال إلقاء اللوم على ارتفاع التضخم في تكاليف الاقتراض المرتفعة والسعي لتحفيز النمو الاقتصادي، وخلال السنوات الخمس الماضية فقدت العملة التركية أكثر من 80٪ من قيمتها وتراجع الاستثمار الأجنبي، و يحاول الأتراك الآن إخراج النقد الأجنبي من البنوك المحلية.
وقد تم تعيين المصرفي والاقتصادي السابق محمد شيمشك وزيراً للمالية، على الرغم من كونه عضوًا سابقًا في حكومة أردوغان، فقد أوضح السيد شيمشك أن الخيار الاقتصادي الوحيد لتركيا هو العودة إلى “الأرضية العقلانية” و “الامتثال للمعايير الدولية” ثم تم تعيين حفيظة غاي إركان كأول امرأة في منصب محافظ البنك المركزي، وهي شخصية معروفة في وول ستريت، ولم يكن لها دور في تركيا من قبل، وكانت الرئيس التنفيذي لبنك فيرست ريبابليك الأمريكي، وتركته قبل نحو عام من انهياره.
وبينما صرح أردوغان الأسبوع الماضي إن موقفه من أسعار الفائدة لم يتغير،لكنه علق قائلا “قبلنا أن يتخذ السيد شيمشك الخطوات اللازمة بسرعة ودون عناء مع البنك المركزي”.
ومن جهته فقد حذر المتخصص في الأسواق الناشئة تيموثي آش قبل القرار من أنه إذا لم تقم السيدة إركان “برفع أسعارالفائدة” فإنها تخاطر “باللعب دائمًا للحاق بالركب بينما تنتظرفي القصر الرئاسي للمطالبة للسماح لها برفع سعر الفائدة ”
بينما صرح بارتوش ساويكي، المحلل في شركة Conotoxia fintech المالية إنه على المدى القصير ستعاني الأسر التركية من زيادة حادة في أقساط القروض وسياسة مالية أكثر تحفظًا، ولكن لا توجد طريقة أخرى “لإطفاء حريق التضخم في غضون عامين إلى ثلاثة أعوام”.