أنقرة (زمان التركية) – يتراج توزيع الدخل في تركيا منذ 10 سنوات، ففي عام 2013 سجل نصيب الفرد من الدخل القومي مستويات قياسية بتجاوزه 12 ألف و500 دولار، غير أنه أخذ في التراجع خلال السنوات العشر الأخيرة ليسجل 9 آلاف دولار بعدما كانت الحكومة التركية تسعى لرفع إلى 25 ألف دولار خلال عام 2023 الجاري.
وتشير إحصاءات توزيع الدخل لعام 2022 الصادرة عن هيئة الإحصاء إلى زيادة بنحو 1.3 في المئة مقارنة بالعام الماضي في حصة الفئة صاحبة أعلى دخل فردي والمقدرة بنحو 20 في المئة من إجمالي تعداد سكان تركيا ليسجل 48 في المئة.
وتراجع نصب الفئة ذات أقل دخل والمقدرة بنحو 20 في المئة بواقع 0.1 في المئة لتسجل 6 في المئة.
وارتفع متوسط الدخل السنوي للأسرة بنحو 28.3 في المئة ليسجل 98 ألف و416 ليرة بحسب نتائج استطلاع رأي عام 2022، غير أن القوة الشرائية للمواطن تراجعت على الرغم من ارتفاع الدخل بفعل ارتفاع معدلات التضخم الرسمية إلى 70 -80 في المئة.
واستندت بيانات دراسة الدخل والأوضاع المعيشية لعام 2022،د، على إحصاءات عام 2021.
وعند حساب الدخل يتم تحويل دخل الأسرة إلى دخل فردي يمكن لأسرة استخدامه بالأخذ في عين الاعتبار حجم الاسرة ومكانتها.
ويتم الاعتماد على المعامل الجيني في حساب عدم المساواة في توزيع الدخل، إذ يتم استخدام مصطلح عدم المساواة في توزيع الدخل مع اقتراب عدد الدرجات إلى الصفر في حين يتم استخدام مصطلح التدهور في توزيع الدخل مع اقتراب عدد الدرجات إلى الواحد.
وتشير أحدث دراسة إلى ارتفاع المعامل الجيني بنحو 0.014 نقطة مقارنة بالعام السابق ليسجل 0.415 نقطة.
وباستثناء جميع التحويلات الاجتماعية فإن المعامل الجيني سيسجل 0.487 نقطة وباستثناء جميع عائدات التحويلات الاجتماعية بما يشمل المعاشات ومعاشات الأرامل فإن المعامل الجيني سيسجل 0.423 نقطة.
في حساب المعامل الجيني يتم حساب عائد الأسرة بعد خصم التحويلات المنتظمة للأشخاص أو الأسر الأخرى والضرائب المفروضة في الفترة المرجعية للدخل من إجمالي العائد السنوي الذي يحصل عليها الأفراد والأسر.
وخلال السنوات الماضية تم حساب المعامل الجيني، الذي يُحسب بناء على دخل الفرد المكافئ لأسرة، بطريقتين مختلفتين لم تتضمنان جميع الإعانات الاجتماعية والتحويلات الاجتماعية الأخرى بما يشمل المعاشات ومعاشات الأرامل لرصد تأثير التحويلات الاجتماعية على توزيع الدخل.
وتشير بيانات هيئة الإحصاء التركية إلى أن الموظفين يحصلون على الحصة الأكبر من بين الدخل الإجمالي بواقع 46.2 في المئة متراجعين بنحو 0.9 في المئة عن العام الماضي. وجاء أصحاب الدخل الاستثماري في المرتبة الثانية بنسبة بلغت 21 في المئة بزيادة بنحو 3.5 في المئة عن العام الماضي، بينما كانت المرتبة الثالثة من نصيب دخل التحويلات الاجتماعية بنسبة بلغت 20.2 في المئة متراجعا بنحو 3.7 في المئة عن العام الماضي.
وبلغت نسبة الدخل الزراعي من إجمالي الدخل الاستثماري نحو 19.8 في المئة، بينما بلغت مخصصات المعاشات ومعاشات الأرامل من إجمالي التحويلات الاجتماعية نحو 89.8 في المئة.
وحصل خريجو التعليم العالي على أعلى متوسط دخل سنوي للأعمال الأساسية بدخل بلغ 87 ألف و451 ليرة تلاهم خريجي المدارس الثانوية بنحو 62 ألف و835 ألف ثم خريجي التعليم الأساسي بنحو 46 ألف و916 ليرة ثم من لم يكملوا تعليمهم بنحو 34 ألف و755 ليرة والأميين ممن يجهلون القراءة والكتابة بنحو 25 ألف و406 ليرة.
ويؤثر النمو والتضخم والفائدة والصادرات والارتفاع في نفقات الموازنة سلبا على مسار الاقتصادي، حيث يدفع التقلص في عائدات الموازنة الدول للبحث عن موارد جديدة.
وعلى صعيد تركيا فإن السلطات تبحث رفع عدد الدول التي تجمعها علاقات تجارية بها على الساحة الدولية يوما بعد يوم.
ولفت الأنظار بروز الدول الافريقية في هذا السياق خلال الآونة الأخيرة، إذ تعزز تركيا إجراءات لتقليص المشكلات الضريبية إلى أدنى مستوى لهدف دعم النشاط التجاري للمستثمرين الاتراك والأفارقة.
وتتجه رئاسة إدارة الدخل للتعاون مع إدارات الدخل بالدول الأخرى والمؤسسات الدولية، حيث تشير بيانات رئاسة إدارة الدخل إلى إجراء تركيا مباحثات مع كل من غانا والكاميرون والأوروجواي خلال العام الماضي في إطار اتفاقيات منع الازدواج الضريبي بجانب توقيع اتفاقيات منح الازدواج الضريبي مع كل من سريلانكا وبروندي كمبوديا.
واعتبارا من 31 ديسمبر/ كانون الأول من عام 2022 تتواصل المباحثات مع دول كأفغانستان وكوبا وليبيا ومالي وأنجولا وموزمبيق وتنزانيا للتوقيع على اتفاقيات منع الازدواج الضريبي.
وفي ظل استمرار الجدل في تركيا بشأن نظرية أن الفائدة المرتفعة هي السبب في ارتفاع التضخم يواجه المواطن حالة من التخبط بفعل الفجوة بين القطاعين الخاص والحكومي.
خلال اجتماعها الأخير قررت لجنة السياسات المالية بالمركزي التركي تثبت سعر الفائدة عند مستوى 8.5 في المئة.
وتشير البيانات الرسمية إلى إمكانية حصول المواطن والقطاع الحقيقي على قروض بنسب تصل إلى 70 في المئة حتى وإن تراجع التضخم إلى مستويات أحادية.
وسجل متوسط فوائد القروض الاستهلاكية أعلى مستوياته منذ أكتوبر/ تشرين الأول من عام 2018.
وتعكس بيانات البنك المركزي إلى ارتفاع متوسط فوائد القروض الاستهلاكية إلى 39.3 في المئة في الأسبوع الثالث من مايو المنصرم، بينما ارتفعت فوائد التمويل المقدمة من شركات بيع العملة إلى 70 في المئة وتراجعت فترات الاستحقاق إلى أسبوعين.
وفي فبراير/ شباط ارتفعت تكلفة الموارد التي استخدمتها شركات بيع العملة بفائدة بلغت 30 في المئة إلى 70 في المئة بإضافة مصاريف الشيكات والعمولات.
وفي المقابل تراجعت رغبة البنوك في منح القروض، فخلال الأسبوعين الأولين من شهر مايو تراجعت القروض التجارية والشخصية المقدمة من البنوك. وخلال أسبوع واحد تراجعت القروض الشخصية بنحو 3.8 مليار ليرة والقروض التجارية بنحو 9 مليار ليرة.
وعلى الرغم من ارتفاع تكاليف الفائدة فإن المواطن يعمل على سداد الفجوة بين العائدات والنفقات من خلال القروض الاستهلاكية نتيجة لتراجع القوى الشرائية بفعل التضخم مما أدى إلى تضاعف المعاملات ببطاقات الائتمان.
وتفيد بيانات هيئة التنسيق والرقابة المصرفية أن حجم القروض التجارية التي يتم تقسيطها تراجعت بنحو 5 مليار و566 مليون ليرة في الأسبوع الثالث من مايو المنصرم لتسجل ترليون و102 مليار و771 مليون ليرة.
وفي المقابل ارتفعت مستحقات البنوك من بطاقات الائتمان الفردية بنحو 275 مليون ليرة لتسجل 670 مليار و284 مليون ليرة، حيث شكلت المستحقات التي يتم تقسيطها نحو 360 مليار و353 مليون ليرة من إجمالي مستحقات بطاقات الائتمان الفردية وشكلت المستحقات التي لا تقبل التقسيط نحو 309 مليار و931 مليون ليرة.
ومع انتهاء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية اتجهت الأنظار صوب الأسواق، حيث يتابع الملايين وفي مقدمتهم القطاعان الخاص والحكومي مستقبل الدولار واليورو عن كثب.
وتتزايد التوقعات بارتفاع سعر صرف الدولار أمام الليرة إلى 25-30 ليرة بنهاية العام الجاري، حيث ستحدد سياسات الإدارة الاقتصادية مسار المرحلة.
وأدى تراجع احتياطي البنك المركزي إلى تزايد مخاوف الأسواق، إذ تشير بيانات البنك المركزي إلى تراجع الاحتياطي الإجمالي بمرور الوقت.
واعتبارا من الأسبوع الأخير من شهر مايو تراجع صافي احتياطي البنك المركزي بنحو 2 مليار دولار من إجمالي 3 مليار دولار. وتراجع الاحتياطي الإجمالي إلى ما دون 100 مليار دولار.
وبلغ الاحتياطي الصافي مستويات سلبية، إذ أسفر الطلب الشديد على العملة قبيل الانتخابات عن تراجع الاحتياطي بنحو 9 مليار دولار.
ويشير الخبراء إلى أن الاستثمارات الخارجية المباشرة ستلعب دورا مؤثرا في مسار العملة وأن تدفق الأموال الساخنة سيسفر عن نتائج قصيرة المدى فقط.
وفي هذا الإطار تسعى السلطات التركية لاستقطاب مزيد من الموارد من دول الخليج، إذ تجري مباحثات مكثفة مع الإمارات العربية المتحدة بجانب كل من قطر والسعودية.
وتسعى تركيا لرفع حجم التجارة مع الإمارات العربية المتحدة خلال الخمس سنوات القادمة إلى 40 مليار دولار.
هذا وتتزايد التوقعات يوما بعد يوم بشأن سعر صرف الدولار أمام الليرة، حيق توقع شركة كابيتال ايكونوميكس أن يسجل الدولار 26 ليرة بنهاية العام الجاري. ويؤكد ليام بيتش، خبير الأسواق الناشئة بالشركة، أنه من المنتظر أن يتجه الاقتصاد التركي إلى مزيد من عدم الاستقرار في الاقتصاد الكلي عقب الانتخابات وهو ما سيؤدي إلى تغييرات في الليرة.