ماهر المهدي
(زمان التركية)- أعط الخبز إلى الخباز ولو أكل نصفه. ربما كانت هذه هي الرسالة التي يرسلها شعب يتمسك بشخصية صعبة داكنة الألوان حادة الطباع ملبدة السماء.
فليست المسألة كلها مسألة مشاعر، ولكنها مسألة القدرة على القيام بالمهام المطلوبة وتحقيق الأهداف المأمولة التي يتعلق بها الأمان والسلام والتقدم الشخصي والجماعي. فالإنسان كتاب كبير متعدد الألوان والموضوعات ما بين المحبب والمكروه والغريب والمنفر والجذاب المثير للإعجاب. وكلما كان الإنسان مليئًا بالتجارب وبالقصص والأحاجى والألغاز والحكايات والأسئلة والإجابات المعتادة وغير المعتادة، كلما كان إنسانًا مثيرًا للفضول جاذبًا للآخربن وللعلاقات وللتحديات وللفوز أيضًا. فالخبرات الكثيرة الجيدة والسيئة، السهلة والصعبة، الواضحة والرمادية، النزيهة والمثيرة للتساؤل قد تحمل حلولًا جيدة وتقدم اقتراحات مفيدة فى كثير من الأحوال، وخاصة فى أوقات المخاطر والأزمات. أما الكتب البسيطة والأشخاص اللطفاء المهذبون أنقياء الصفحات بالغو النظافة والأناقة أسيرو الضمير، فهم أحب الناس وأرقاهم وأفضلهم ولكنهم قد يترددون فى بعض المواقف ويحتارون فى مواقف أخرى ويفضلون البعد فى مواقف أخرى، إلا اذا كانوا وأضحى الرؤية قوى العزيمة. فليست كل الطرق واضحة المسار والتفاصيل والنهايات، وما الوقت بالمخزون المتاح في كل حين، ولكن طلبات الإنسان وأحلامه وتحدياته تفور وتتكاثر وتولد الأزمات التي تستعر نيرانًا وبراكينا وترسم وجوهها زلازلًا وهزات واشتباكات واضطرابات وتطلب الرأي السديد والقرار السريع والتصرف الناجز الذي يخطو بالجميع إلى الأمام -ولو بالألم- ويأتي بالنجاة رغم الصعاب، ويهزم الخوف ولو كان محدقًا. فإذا كنت أنت لا ترغب في التحدي فسوف يطاردك التحدي حتى تواجهه أو تسقط صريعًا مهزومًا لا ثمن لك. فالحياة امرأءة لا تحب المهزومين.
وإذا كنت لا تطمح في شيء، فسوف يطمع آخرون فيما في يدك ويحاربونك على في يدك ظلمًا عدوانًا، فتحاربهم وتهزمهم أو تخسر ما لديك ولو كان قليلًا زهيدًا حقيرًا. ولذلك، ليست الطريقة المثلى لتقدم الصفوف وطلب القيادة أن تبين للجمهور ما لديك من اللين ومن الدماثة ومن الأدب، وتطرح حلولًا أضعف من أن تقبل، وتدعو إلى أساليب لا تطمئن أحدًا، وتجلس مقوس الظهر إلى طاولة رخيصة خلف جدران باهتة الألوان.