بقلم: هيثم السحماوي
(زمان التركية)- أتحدث في هذا المقال عن صور وأشكال الابتزاز الإلكتروني الذي يكون من الأشخاص، والآخر أيضا الذي يكون من أجهزة المخابرات في مختلف الدول.
بداية الابتزاز كما يكون من الرجل ضد المرأة يكون كذلك من المرأة ضد الرجل، والصورة النمطية المعروفة لعملية الإبتزاز هذه هي أن يقوم أحد الطرفين في علاقة إنتهت بابتزاز الأخر وتهديده بشئ معين يخصه تحصل عليه أثناء هذه العلاقة، من صور معينة تنال منه أو فيديو معين أو التهديد بنشر سر أو أمر معين يمسه وينال منه أو من احد أفراد اسرته، ويكون ذلك بهدف الحصول على منفعة جنسية كما هو الحال في الإبتزاز الجنسي أو منفعة أخري مادية أو القيام بعمل معين غير مشروع لصالح الشخص الذي يقوم بالابتزاز كما هو في أنواع الإبتزاز الأخري.
وهذه المادة التي يتم بها إبتزاز الضحية يمكن أن يكون تم الحصول عليها بمعرفة الضحية مثال فتاة أرسلت برضاها لشخص على علاقة به صور أو فيديوهات تخصها، ثم يقوم هذا الشخص باستخدامها ضدها فيما بعد. وهذه المادة قد يكون تم الحصول عليها من المجرم بغير معرفة الضحية أو رضاها والمثال علي ذلك فتاة تقوم بإيداع تليفونها المحمول لدي أحد المراكز المختصة بالإصلاح ثم يقوم أحد الأشخاص في المركز بأخذ صور وفيديوهات أو معلومات أخرى من جهازها يبتزها بها فيما بعد بنفسه أو يعطيها لأخر يقوم بابتزاز هذه الفتاة.
كما قد تكون هذه المادة التي يتم بها الإبتزاز حقيقية وقد تكون مفبركة، حقيقية بمعنى أنها بالفعل تخص الضحية سواء كانت صور أو فيديوهات تخصه أو معلومات معينة، وقد تكون مفبركة غير حقيقية، وهذا أمر يسير وسهل في العالم الذي نعيشه الآن (عالم الذكاء الإصطناعي)، فأصبح من السهل الذي لا يحتاج لخبير تكنولوجي أن يتم تقليد صوت لشخص معين أو يتم تركيب فيديو معين على أنه له، مثال وجود شخص معين في فيديو وهو يتحدث من البيت الأبيض على الرغم من كون هذا الشخص لم يزور أمريكا من الأساس ولم يتحدث إلا في بيته أمام أسرته.
وكان موجودا الفترة الأخيرة صور كثيرة تنسب لملك بريطانيا الجديد تشارلز الثالث، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي وهو يرتدي بدل ملونة ومزركشة على أحد الشواطئ وهو يرقص ويلهو، عٌلق عليها ببعض كلمات السخرية، وهي صورا لا تخصه أصلا لا من قريب ولا من بعيد غير أنها أعدت بإستخدام خاصية الذكاء الإصطناعي.
وقبلها كانت فيديوهات تمت بواسطة الذكاء الاصطناعي أيضا لرئيس الولايات المتحدة الأمريكية السابق دونالد ترامب وهو يرقص على إحدى الأغنيات المصرية وفيديوهات أخرى له مركبة مع صوت الإعلامي توفيق عكاشة … الخ.
والحقيقة عزيزي القارئ أنه إذا كانت الفيديوهات أو الصور السابقة أضحكتك ووجدت أنها في إطار الكوميديا، فإن الأمر لو كان لهذا الحد لما كانت المشكلة ولا كان هناك داعي للقلق ولكن الأمر أكثر خطورة وأهمية من ذلك، وهناك أشكال أخري يمكن أن تبكيك. إليك هذه الواقعة: أسمحلي عزيزي القارئ أن أخذك إلى الولايات المتحدة الامريكية وتحديدا ولاية بنسلفانيا حيث امراة تبلغ من العمر خمسين سنة أسمها رفائلا قامت بإرسال صور وفيديوهات لصديقات ابنتها بالمدرسة وهم بأوضاع مُخلة، بالطبع قام البنات بإبلاغ أسرهم وقامت الأسر بإبلاغ الشرطة فورا وبالتحقيق من قبل جهاز الشرطة وصلت لعنوان الجهاز الذي من خلاله تم إرسال هذه الصور لتليفونات البنات عن طريق أحد التطبيقات،وتم القبض علي هذه السيدة بتهمة التحرش والابتزاز الإلكتروني لهؤلاء البنات. وقال المدعي العام في هذه القضية أن الصدمة التي أصابت الجميع من كون من قام بعمل هذه الصور والفيديوهات عملها بإحترافية شديدة لم يكن متخيل من أن إنسان عادي مثل هذه السيدة يمكن أن يقوم بذلك،وأن هذا الأمر مؤلم ومقلق لدرجة شديدة علي هذا النوع من الجرائم.
تحدث عن هذه الواقعة الدكتور محمد الجندي خبير أمن المعلومات في منظمة الأمم المتحدة وصاحب برنامج (تك توك) على قناة القاهرة والناس.
وفي أحد الوقائع الأخرى في مصر وفقما جاء في المحضر رقم 7 أحوال قسم إدارة الحاسبات لعام 2020، قام أحد الأشخاص من أصحاب المراكز بالتعرف علي إحدي الفتيات بإحدى غرف المحادثة ونشأت العلاقة الإلكترونية بينهما وتطورت إلى أفعال جنسية عبر الإنترنت قام بها هذا الرجل إستجابة لطلب الفتاة التي طلبت منه فتح الويب كام والقيام بهذه الأفعال، قمت هذه الفتاة بتسجيل هذه الفيديوهات والصور وهددته بها إذا لم يقم بدفع مبلغ عشرة ألاف جنيه، قام هذا الشخص الذي يتم ابتزازه بتحرير محضر بالواقعة وقامت الجهات المختصة بتحديد مُرسل الرسالة الإلكترونية، وتم تكشفه أنه أحد الاشخاص (رجل) ينتحل إسم فتاة مستخدما بعض الصور والفيديوهات لفتاة حسناء يعتقد من يراسله بأنها هي، ويطلب ممن يقع في شباكه بفتح الكام والقيام ببعض الأعمال الجنسية مع نفسه، التي يقوم بتسجيلها علي جهازه ثم يبتز بها صاحبها بعد ذلك بقصد تكسب المال الغير مشروع.
والي جانب هذه الصور المعروفة في الابتزاز والذي يقوم بها شخص ضد آخر، هناك صور أخرى للإبتزاز خطيرة تتم على مستوى أكبر لأفراد أو جماعات أو دول مثلما يفعل جهاز الموساد الإسرائيلي.
حيث أعلنت أحد العضوات الكبار في الجهاز السيدة تسيبي ليفني وزيرة الخارجية الإسرائيلية ورئيس وزراء إسرائيل السابقة خلال مقابلة لها مع مجلة (التايمز الأمريكية) أعادة نشر الحوار صحيفة (يديعوت أحرنوت) قالت فيها: أنها قامت ببعض العمليات الخاصة أثناء عملها بالموساد والذي كان دورها يهدف إلى إسقاط بعض الشخصيات الهامة في علاقات جنسية بهدف ابتزازهم سياسيا لصالح الموساد، قائلة أنها لا تمانع من أن تمارس الجنس من أجل إسرائيل .
والحقيقة أن هذا العمل ليس احتكارا علي جهاز الموساد الإسرائيلي وإنما هو جزء من عمل المخابرات في كثير من البلدان .
عن عقوبة الإبتزاز أستأذن القارئ الفاضل أن يكون ذلك محور حديثي في المقال القادم بإذن الله … يسعدني التواصل وإبداء الرأي [email protected]