بقلم: ماهر المهدي
(زمان التركية)_ ربما كانت بطولته التي حلم بها وتمناها وضفر جهوده لسنوات طويلة وعقود متصلة من السنين، أن يكون الرجل الصعب والرجل الذي تسقط وتكسر حوله الأشياء والأفكار والنساء والرجال كل يوم حتى النهاية المفتوحة.
ما من أحد يريد الرجل الصعب الذي يختال فخرًا بتحجر إرادته وصلابة عزمه واستحالة التفاهم معه، حتى ولو كان ناجحًا في شيء. فكل النجاح النائم على زراعي الرجل الصعب قد يصب المصالح والأموال والصلف والأبهاء فى جيوب وعلى أجساد من حوله -من الأعوان ومن المريدين- ويصب الخوف في قلوب المقهورين والفارين من الظلام إلى النور. ولكن نجاح الرجل الصعب لا يعني من حوله من الشركاء كثيرًا، بل يضمر النيران في ثقتهم فيه وفي أملهم في تعاونه معهم وفي أن يصبح يومًا شريك الكفاح ورفيق الطريق.
كل صعب نافع ثمين، وكل صعب ضار لا خير فيه ولا رجا فيما ينفق حوله من وقت ومن جهد. ولين الطبع في اعتدال حسنة، أما العنت والصلف فلا يولدان ولا يخلفان إلا خسارة يتبعها نفور. وفي أحوال، قد يخلفان مواجهات صعبة وتكلفة عالية. والكل يترقب النتائج ويستفسر ويستبشر بفرج قريب يذهب بالغصب ويذهب بالصعب وتأتي بأناس لا يرجى منهم الكثير، ولكن يرجى منهم حسن التعامل. إن صعوبة المراس فيما هو شخصي قد تقبل على مضض لأنها تفسد المودة. أما فيما هو عام فهي قد تحقق نجاحات كثيرة، لأن المهام الجسيمة لا تلين جوانبها إلا لصعب يعرف ما يريد ويصر عليه ويشبث به. ولكن صعوبة المراس لا تخلو من مساوئ قد لا تسعد كثيرين إذا تحولت إلى استبداد. والحياة شراكة وليست استبدادًا. كما أن الاستبداد في وجه الخارج قد يورث عداء ويغلق الطرق على المصالح، والأمثلة على كفى التاريخ كثيرة. الكل في الخارج يترقب ويرجو أن يرى الرجل الصعب يرحل في سلام ويترك مكانه لمن يحتاط للزمن وبأس الحوادث، ويعرف للناس قدرها ويقدم المودة على المواجهة، فإذا واجه لم يتجاوز حدود الضرورة، لأن للحياة اتجاهان.