أنقرة (زمان التركية) – سلّطت الأضواء على المرشح القومي لرئاسة الجمهورية التركية، سنان أوغان، بعد أن اتجهت الانتخابات إلى جولة ثانية للمرة الأولى خلال 100 عام من تأسيس الدولة الحديثة.
وحصل أوغان على نسبة 5.17% من الأصوات ليس إلا، لكن فشل كلا المرشحين الآخرين في تجاوز نسبة الـ 50+1% الحاسمة لهوية الرئيس من الجولة الأولى، جعله مقررا في الجولة الحاسمة.
وحصل كل من مرشح حزب العدالة والتنمية، الرئيس رجب طيب أردوغان على 49.5% من الأصوات، مقابل 44.88% لمنافسه زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليجدار أوغلو.
السؤال الأساسي هو لمن سيمنح أوغان أصواته. وقال الأخير بعد الإعلان عن النتائج يوم الإثنين، إنه لم يصل بعد إلى قرار نهائي بشأن تأييد أي منهما، مضيفا أنه يتوقع التوصل لقرار نهائي بحلول نهاية الأسبوع المقبل “لتجنب الغموض”.
وفقًا لتقرير أعدّته (bbc) عربي فقد ولد أوغان لعائلة من أصول أذربيجانية تعمل في الزراعة، في ولاية إغدير على الحدود مع أرمينيا وأذربيجان وإيران في عام 1967، وأكمل تعليمه الابتدائي والثانوي في المدينة قبل أن يدرس إدارة الأعمال في جامعة مرمرة.
حصل على درجة الماجستير في القانون المالي عام 1992، والدكتوراه في العلاقات الدولية والعلوم السياسية من جامعة موسكو الحكومية للعلاقات الدولية عام 2009.
عرف أوغان كأكاديمي متمرس، وأسّس عام 2004 مركز العلاقات الدولية والتحليل الإستراتيجي.
أما سياسيا، انتمى لحزب الحركة القومية وانتخب عام 2011 نائبا في البرلمان، وفي عام 2015، أعلن ترشحه لمنصب رئيس الحزب، ولكنه طرد منه قبل أن يعود إليه بقرار من المحكمة.
وفي مارس/آذار 2017 طُرد من الحزب مرة أخرى مع ثلاثة من نواب الحزب، لإعلانهم التصويت بـ”لا” في الاستفتاء على التعديل الدستوري، وقيامهم بحملة نشطة في صفوف الحزب للدعوة لذلك، فقرر مجلس الانضباط المركزي في الحزب معاقبة الأربعة بـ”الطرد النهائي”.
من دعم أوغان في الانتخابات الرئاسية؟
أوغان هو مرشح تحالف “الأجداد”، المكون من أحزاب يمينية صغيرة هي حزب الظفر، حزب العدالة، التحالف التركي وحزب بلدي.
ولكن ما هي قدرة أوغان على توجيه مقترعيه لانتخاب أحد الطرفين يوم 28 مايو/أيار؟
يقول الباحث السياسي المتخصص في الشؤون التركية جو حمورة، في مقابلة مع بي بي سي عربي إن أوغان “لا يملك الكتلة الناخبة التي صوّتت له، من صوّت له هم من أنصار الأحزاب الأخرى ومن الناخبين الذين وجدوا فيه بديلا عن الاصطفافين القائمين في المجتمع بين حزب العدالة والتنمية وحزب الشعب الجمهوري”.
يتفق المحلل السياسي التركي فوزي ذاكر أوغلو مع هذا الرأي. ويقول: إن غالبية الذين انتخبوا سنان أوغان في الجولة الأولى ليسوا بالناخبين ‘المخلصين’ له الذين يمكنه أن يوجّههم لانتخاب مرشح آخر. أغلبهم انتخبوه لعدم رضائهم عن المرشحين الآخرين”.
بين كليجدار أوغلو وأردوغان.. من يفضل أوغان؟
يعلن أوغان بوضوح رفضه للعلاقة مع الأحزاب الكردية عموما وبشكل أساسي حزب الشعوب الديمقراطي الحليف الوازن لكليجدار أوغلو. كذلك تلقى أردوغان دعما من الأكراد متمثلين بحزب هدى بار الإسلامي.
كما يعرف أوغان بمطالبته بإعادة اللاجئين بالقوة إلى بلدانهم، وهو يتفق في ذلك مع كليجدار أوغلو الذي وعد بإعادة اللاجئين، واختلف في ذلك مع أردوغان الذي يرى أن عودتهم يجب أن تكون طوعية مع توفر الظروف لها.
يعتقد حمورة أن ما سيغلب على أوغان هو مصلحته، “لذلك لديه أحد الخيارين: إما أن يترك الحرية لمناصريه في الانتخاب، مع إجراء اتفاق مع أردوغان في الحصول على بعض المكاسب، كمنصب نائب رئيس للجمهورية والحصول على تعيين وزراء أو إداريين كبار يختارهم هو، من دون أن يخسر الكتلة الشعبية التي يمثلها”، أو أن “يعلن التحالف بشكل واضح الوقوف مع أردوغان مقابل هذه المكاسب”.
لا يشترط في الجولة الثانية من الانتخابات حصول المرشح صاحب الأصوات الأعلى على نسبة الـ 50+1. وإذا ما تمكن أردوغان من الحفاظ على تحالفه متماسكا، فمن المرجح أن يحصل على النسبة نفسها التي نالها في الجولة الأولى، وهو ما يجعله أقرب من منافسه للفوز بخمس سنوات جديدة في سدة الحكم.
وفي هذا السياق، يشير حمورة إلى أن أوغان “يضمن الفوز إذا ما تحالف مع أردوغان، وهو ما لن يكون محسوما إذا ما تحالف مع كليجدار أوغلو”.
كما أن فوز تحالف الجمهور – الذي يضم أحزاب العدالة والتنمية، الحركة القومية، الرفاه والاتحاد الكبير – بأكبر كتلة برلمانية، قد يشجع أوغان للتحالف مع أردوغان، كونه سيكون قادرا على تمرير التشريعات في مجلس النواب، والأمر ليس نفسه مع كليجدار أوغلو في حال فوزه.
يوضح حمورة أن “الرهان على أردوغان يعطي أملا أكبر بالفوز، كون شعبيته أكبر، ولقدرته على منح مكاسب أكبر لأوغان على شكل مواقع في الدولة. ما يعطي الأخير قدرة للبناء من أجل الفوز بالانتخابات القادمة، فالسلطة تفتح له مجالات للتأثير وبناء العلاقات”.
إلا أنه ورغم أن الأحزاب التي تنتمي إليها قاعدة أوغان الانتخابية، قد لا تلتزم مع خياره في الجولة الثانية “لكن ذلك لا يمنع أن يتحالف مع أحد، ليبقى لاعبا في الحياة السياسية”، وفق حمورة.
لكن ذاكر أوغلو يتوقع أن لا يشارك ناخبو أوغان في الجولة الثانية، وهو ما يصب في مصلحة أردوغان إذا لم يتقاعس ناخبيه عن المشاركة.
تكتسب الانتخابات التركية أهمية كبرى دوليا، لأهمية المتغيرات في البلاد على سياستها الخارجية كدولة وازنة في الشرق الأوسط وعضو في حلف شمال الأطلسي، بعد 20 عاما من حكم أردوغان.