هيثم السحماوي
(زمان التركية)_ انتقل بالحديث مع حضراتكم في هذه السلسلة من المقالات والتي عن (المجرمين المرتكبين جرائمهم عن طريق الوسائل التكنولوجية الحديثة)، للحديث في هذا الموضوع الهام جدا والخطير للغاية وهو الإبتزاز الإلكتروني، الذي يصفه الكثيرون بأنه جريمة العصر، وهذه الأهمية وتلك الخطورة ليست في نطاق مصر وحدها ولا في الدول العربية، وإنما في العالم كله،
وتزداد هذه الخطورة يوما بعد يوم، مع تزايد استخدام خدمة الإنترنت ووسائل التواصل الإجتماعي من مختلف الأشخاص بمختلف أعمارهم واتجاهاتهم وثقافتهم وبيئتهم الاجتماعية.
لقد وصل عدد مستخدمي الإنترنت في يناير عام 2022 إلى خمسة مليار إنسان، ويزداد هذا العدد بشكل كبير كل يوم، حيث ازداد من عام 2019 إلى 2022 إلى حوالي 800 مليون مستخدم، وتكمن الخطورة هنا في أن هؤلاء المستخدمين بينهم أفراد يستخدمون هذه الخدمة (الإنترنت) مسرحا لارتكاب جرائمهم أو علي الأقل تسهيل ارتكابها ، وهناك العديد من الأبحاث التي تتحدث عن هذا الموضوع – علاقة التقدم التكنولوجي بالجريمة من حيث زيادة معدلاتها، وتغير شكل ارتكابها، وسببها … الخ – من قبل مختصين في علم الجريمة وعلم الاجتماع.
(يبدو روبرت روبين بعينيه الحزينتين ولحيته التي غزاها الشيب أشبه بشاعر أخبرنا بصوت كله أسى، إن وسائل التواصل الإجتماعي هي العدو المجهول، والقول المأثور) العصي والحجارة قد تحطم عظامي، لكن الكلمات لا يمكن أن تؤذيني أبدا (لم يعد صحيحا في اعتقادي ؛فالكلمات تقتل الناس في عصرنا الحالي).
هذه ليست كلماتي وإنما كلمات قرأتها في كتاب like war
The weaponization of social media
For: P.W.Singer and EmersonT.Brooking
ومن الحقائق التي يجب البوح بها هنا للقارئ العزيز ومصارحته بها أن الموضوع ليس بالأمر الهين أو الشئ الغير أخلاقي وفقط، وإنما نحن بصدد خطر حقيقي يهدد الجميع، جريمة قاتلة، نعم حضرة القارئ أنها جريمة قاتلة، وهو ليس تعبيرا للتهويل وإنما هو تعبير يصف الحقيقة كما هي، ولو بحثنا لوجدنا أن الابتزاز الإلكتروني راح ضحيته الكثير من الأفراد حول العالم، ولعلنا نتذكر ضحية إحدى أنواعه (الإبتزاز الجنسي) الأستاذة بسنت خالد – رحمها الله- التي انتحرت متأثرة بنشر شخصين صورا مخلة بمواقع التواصل الإجتماعي يدعون نسبتها لها، وغيرها من الكثير والكثير في مصر وغيرها من دول العالم سواء من ضحايا جريمة الابتزاز الجنسي أو غيره من أنواع الابتزاز الأخري.
لهذه الخطورة الكبيرة للموضوع، أتحدث عنه خلال المقالات القادمة بشئ من التوضيح والتفصيل، مشاركا في الدور المجتمعي الذي يجب أن يتم حيال هذه الجرائم والذي جزء منه هو العمل على رفع الوعي بخطورة هذه الجرائم، وكيفية حماية الفرد وأسرته من شرورها.
متحدثا عن تعريف هذه الجريمة؟ وأنواعها؟ وأسبابها؟ وأثارها؟ وعقوبتها الجنائية والمدنية؟ وسُبل الوقاية من الوقوع ضحية في هذه الجريمة؟ وكيف تتصرف أو يتصرف من يقع تحت إحدى محاولات الابتزاز من هؤلاء المجرمون القائمون بهذا النوع من الجرائم؟ وماذا عن حقيقة مخاوفهم (الفتاة أو الرجل الذي يتم ابتزازه) تجاه اتخاذ الخطوة الواجبة وهي الإبلاغ عن المجرم المبتز من أن يسبقهم المبتز ويقوم بفضحهم بالصور المفبركة أو الوقائع التي يريد نسبتها لهم على غير الحقيقة ؟ وماذا لو كانت المادة التي يستخدمها المبتز حقيقة وهي للشخص الذي يتم ابتزازه، مثال لو كانت صور وبالفعل هي صورحقيقية للفتاة أو للشخص الذي يتم تهديده وليست مفبركة فكيف يمكن إتخاذ خطوة الإبلاغ وفي ذات الوقت الحماية من المسائلة؟ وهل إتخاذ قرار التعامل مع المجرم المبتز والاستجابة لابتزازه خوفا من الفضيحة أو اي ضرر يمكن أن يمس الشخص في حالة أن قام بتنفيذ تهديده، هل هذا قرار صائبا ويمكن أن يجعل الإنسان بمنأى عن خطر هذا المجرم حقيقة أم ماذا؟
كل هذه وغيره بشئ من التفصيل والتوضيح سيكون محور حديثي لاحقا بإذن الله
بداية أوضح المقصود بالابتزاز الإلكتروني: (هو عملية تهديد وترهيب للضحية من المبتز بتسريب معلومات سرية أو نشر صور أو مواد فيلمية للضحية، أو غير ذلك من الافعال الاخرى التي من شأنها أن تضر به، التي يهدد المُبتز بإتيانها والإضرار بالضحية إذ لم يقم بفعل مايريده من دفع مبالغ مالية أو غير ذلك من القيام بأي عمل آخر غير مشروع، سواء كان هذا الشئ الذي يهدد به قد تحصل عليه هذا المجرم الذي يقوم بالابتزاز برضا الضحية أم بغير رضاه، و سواء كان هذا الشئ حقيقي ام مُفبرك).
أكمل الحديث في المقال القادم بإذن الله – يسعدني التواصل وإبداء الرأي