هيثم السحماوي
القاهرة (زمان التركية)_الحقيقة أن جرائم المجرمين الجدد، لا تقتصر على الجرائم الجنسية والسب والقذف والتشهير…الخ فقط، وإنما الموضوع يشمل جرائم أخرى كثيرة متعددة ومتنوعة ترتكب باستخدام شبكة الإنترنت والتي منها جرائم الاعتداء على الأموال أو سرقتها الذين يطلق عليهم البعض (مستريحين الإنترنت ) -مستريح في مصر تعني النصاب- وعن ظاهرة المستريح يوجد بحث هام للدكتورة هند فؤاد السيد أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، وكان مما تحدثت فيه الدكتورة، طريقة هذا المحتال أو النصاب في الإيقاع بالضحية حيث تقول :”أن المحتال أو النصاب عادة ما يستخدم ذكاءه ومعرفته بالضحية والكيفية التي يستطيع من خلالها النصب عليها وإيقاعها في شباكه، وذلك من خلال دراسته للضحايا ومعرفة خصائصهم ومداخلهم المختلفة، فهو يتمتع بقدرٍ عالٍ من الذكاء ويستخدمه بحيل مختلفة للإيقاع بالضحايا”.
وعندما ننظر إلى تاريخ مثل هذه العمليات نجد أنها كانت في البداية أو في شكلها التقليدي يعتمد على طُرق تقليدية مثل أن يظهر الشخص النصاب في صورة الرجل الملتزم دينيًّا والذي يخاف الله قد يحصل على القدر اللازم من الثقة من قبل ضحاياه فيدعون أموالهم لديه دون خوف، أو أن يظهر في صورة الرجل الغني الذي لديه أموال كثيرة وبالتالي يبعد الأنظار عنه والشك من ناحية كونه غير محتاج ولديه أموال وبالتالي يثق فيه البعض… الخ من الطرق الاحتيالية التقليدية التي كانت تحتاج مجهودًا وتكاليف ووقتًا، أما المجرمون الجدد الذين يستخدمون شبكة الإنترنت للحصول على أموال الناس ،فامهمتهم أصبحت أيسر من مهمهة المسترح أو النصاب التقليدي، من عدة نواحي، فمن ناحية أن النصب عن طريق استخدام شبكة الإنترنت لا يحتاج لا وقتًا ولا جهدًا ولا نفس التكلفة كما في الطريقة التقليدية، فمثلًا أن يظهر كونه غني وموثوق فيه وذو شأن الموضوع لا يحتاج أكثر من صور حتى ولو كانت مفبركة مع سيارة فارهة مثلًا وصور بصحبة بعض الشخصيات المشهورة أو صاحبة السلطة، وآراء وشهادات مفبركة عن احترامه وأمانته… الخ، وإضافة لكل ذلك فالمستريح الإنترنت يستطيع الوصول لعدد أكبر بكثير من المستريح التقليدي للنصب عليهم وليس مجرد مجموعة من الأفراد في مكان واحد أو دولة معينة.
ولعل من بين الوقائع وطرق النصب هذه التي اشتهرت مؤخرًا وتحدث عنها الكثير منهم الإعلامي المصري عمرو أديب منذ حوالي شهرًا في برنامجه الحكاية، طريقة تسمى بـ(هوج بول ) وهي طريقة استثمار عن طريق تعدين عملة البيتكوين، حيث استطاعت هذه الشركة جمع أموال من مصريين يرغبون في استثمارات أموالهم بلغ قدرها ستة مليارات جنيها مصريًّا، وادعت الشركة بنسبة خيالية ولا تصدق للأرباح، فمثلًا أن ألف جنيهًا مصريًّا أرباحه تكون أربعة دولارات في اليوم الواحد. وبالطبع تم القبض عليهم من قبل الشرطة المصرية والتي كشفت أنهم لم يوزعوا طبعًا الأموال على أصحابها كما وعدو من أودع لديهم، إضافة الى محاولات غسل هذه الأموال.
وغير ذلك من الطرق الأخرى التي يغلب عليها هذه الشكل، وهو باختصار شخص أو مجموعة أشخاص يظهرون بمظهر معين، ويوهمون الناس أنهم يمكن أن يحققوا لهم ارباحًا خيالية، وأمام رغبة البعض في الكسب السريع والغني بين ليلة وضحاها، يودع بعض الأشخاص أموالهم لدى هؤلاء، ويوقعوا بأنفسهم في مصيدتهم، وتذهب أموالهم دون عودة.
ويلاحظ هنا أمر هام أن الحصول علي الأموال في النصب بهذه الطريقة يكون برضا الضحية بل ليس برضاهم فقط بل ربما يكون برجاء منهم لهذا المستريح في أن يأخذ أموالهم رغبة وأملًا في تحقيق الربح الخيالي، وبناء عليه الحديث عن سُبل الحماية والوقاية من الوقوع فريسة في يد هؤلاء وتضيع الأموال أمر سهل ويسير، فيجب على الشخص تحكيم عقله دائمًا والمنطق العادي للأمور، فلا يعقل مثلا أن شخصًا يعد مثلًا أن أرباح مائة جنيها خمسين جنيها كل يوم، ويكون غير نصاب. هذه واحدة وأمر آخر وهو الأساس أن يتحقق الشخص من المكان الذي يستثمر فيه ويودع فيه أمواله، وكلمة (يتحقق) هنا أسفلها عشرة خطوط وليس خطا واحدا، فغير المقصود بالتحقق البحث في حساب أو ورق أو مستندات علي الإنترنت أو صور أ, شهادات … الخ من وسائل إثبات صحة كلام من يدعي الاستثمار بشكل معين سواء كان فردا أم شركة ، وإنما اقصد أذا قال مثلا بأنها شركة معتمدة من جهة معينة فأذهب لهذه الجهة واتاكد من كونها تابعة للدولة وأن هذه الكيان الذي يدعيه الشخص مرخص وموثوق به وحقيقي بالإضافة إلى عرض ما يقدمه من طريقة للاستثمار على هذه الجهة الموثوق فيها، كي تساعدني في معرفة ما اذا كان الامر جادا وأن اموالي مضمونه أم أن حقيقة الامر غير ذلك.
…. الخ من طرق أخرى حقيقية وجادة للتأكد من الطريق الذي أودع فيه أموالي مهما كانت هذه الأموال مبلغًا قليلًا أم مبلغًا كبيرًا.
كان هذا الحديث عن طريقة الاحتيال والنصب للحصول على الأموال برضا أصحابها بحجة استثمارها عن طريق الانترنت، أما عن طريق الاحتيال والنصب للحصول على الأموال بغير هذا الرضا (سرقة بطاقات الائتمان ) فسيكون محور حديثي في المقال القادم إن شاء الله.
يسعدني التواصل وإبداء الرأي