بقلم: هيثم السحماوي
(زمان التركية)ــ بداية المقصود بهذه الجرائم هو: كل الأفعال التي تشمل الاستخدام غير المشروع للتقنية الاتصالاتية أو المعلوماتية للهاتف المحمول بهدف الاعتداء على مصلحة الغير. كما يذكر الدكتور محمود عمر محمود في أطروحته للدكتوراة المعنونة (المسؤولية الجنائية الناشئة عن جرائم المحمول).
ولهذه الجريمة مكونات أو أركان لا بد من توفرها وهي: الأول منها هو الركن المادي المتمثل في عمل غير مشروع يتم بواسطة موبايل. فالهاتف المحمول هنا هو وسيلة مشروعة والمجرم هو الفعل غير المشروع الذي يتم باستخدامه، كما تقول الدكتورة هدى قشقوش أستاذة القانون الجنائي بجامعة عين شمس في كتابها “شرح قانون العقوبات”، فمثلًا موظف البنك الذي يتجول في حسابات العملاء هو أصل فعله مشروع إذا كان ملتزم بمقتضيات وظيفته بمعنى أنه يفعل ذلك بغرض تنظيم الحسابات أو القيام بعمل آخر من صميم عمله، أما إذا فعل ذلك بغرض القيام ببعض الأفعال غير المشروعة مثل الاختلاس فيكون فعله حينئذ اعتداء على الأموال غير مشروع.
أما الركن المعنوي لهذه الجريمة فيقول الدكتور علي راشد، في كتابه “الإرادة والخطأ والعمد والسببية في إطار قانون العقوبات” هو المسلك الذهني أو النفسي للجاني باعتباره محور القانون الجنائي، وفي هذا الإطار قيام المسؤولية الجنائية من إسناد وأذناب مع إقرار حق الدولة في العقاب.
والحقيقة أن في الغالب الأعم ترتكب هذه الجريمة بتوفير القصد الجنائي فيها intention criminal ، ولا عبرة فيما إذا كان هذا القصد أو هذه النية تجاه شخص محدد أو غير محدد، مثال في حالة القصد الغير محدد لشخص المجني عليه إذا ما تم إرسال رسالة غير مشروعة لشخص معين فوصلت إلى آخر دون قصد الأخير.
وقد يتسائل البعض هنا عن ما إذا وقعت الجريمة هنا عن طريق الخطأ فهل يكون الجاني في هذه الحالي مُدان وتقع عليه المسؤولية أم لا؟
الإجابة هنا نعم .. حتى ولو بالخطأ فالجاني مسؤول، ومن أمثلة هذه الحالات التي يقع فيها الفعل غير المشروع بطريق الخطأ حالة ما يسمي بالرعونة في استخدام الموبايل (inconsiderateness) مثال: أن يرسل شخص رسالة بها سر حربي إلى كل قائمة الاسماء المخزنة على جهازه (s phone’ memory) وكذلك حالة الإهمال (desuetude) وأيضًا حالة عدم الاحتياط في الاستخدام (promiscuousness).
وكذلك من حالات الخطأ التي تقام فيها المسؤولية على الجاني حالة عدم اتباع اللوائح والقوانين الخاصة باستعمال الإنترنت (inobservance) ففي الطعن رقم 723 لعام 14 في الجلسة التي كانت بتاريخ 22/5/1944 قضي بأن عدم مراعاة اللوائح والقوانين تمثل في حد ذاتها خطأ يُدان مرتكبه ولو لم يقع منه خطأ آخر.
الحقيقة أن كون الشخص يحمل هاتفًا فهذا يشكل عليه التزامًا قانونيًّا فضلًا عن الالتزام الأخلاقي والأدبي، وليس كما يُخيل للبعض أن بلا أية التزامات وأن من حقه أن يفعل به ماشاء. ومن هذه الالتزامات التي تقع على عاتق مالك الموبايل عدم تصوير أحد بدون علمه.
وفي شهر يونيو عام 2021 نشرت عدة صحف مصرية واقعة اعتداء حدثت بمطار القاهرة تمت بموبايل أحد موظفي المطار، حيث قام الأخير بتصوير فتاة كانت قادمة من بيروت إلى القاهرة دون علمها عدة صور من الخلف، وفور علم الفتاة عن طريق إحدى صديقاتها، قامت بتحرير محضر ضد هذا الموظف، الذي قامت الشرطة بالقبض عليه وصدور قرار وقفه عن العمل إلى حين تقديمه للنيابة والانتهاء من التحقيق في الواقعة.
يسعدني التواصل وإبداء الرأي