أنقرة (زمان التركية) – أثار إعلان الجيش الأمريكي سقوط مسيرة بالبحر الأسود عقب تحرش مقاتلات روسية بها مخاوف من تصاعد التوترات بالمنطقة.
وأوضح الجيش الأمريكي أن مقاتلة من طراز MQ-9 “Reaper” سقطت بالبحر الأسود بعد تصادمها بمروحية مقاتلة روسية من طراز سوخوي 27.
من جانبها أفادت وزارة الدفاع الروسية أن مقاتلاتها تعقبت الطائرة المسيرة أثناء تحليقها أعلى البحر الأسود غير أنه لم يحدث اشتباك مباشر بينهما، مشيرة إلى سقوط المسيرة الأمريكية عقب مناورة عنيفة.
وعقب الحادثة استدعت الخارجية الأمريكية السفير الروسي لدى واشنطن.
ويعد تحرش المقاتلات الروسية بالمسيرة الأمريكية وسقوطها بالبحر الأسود، هو أبرز صدام ينعكس بالرأي العام بين الولايات المتحدة وروسيا منذ الاحتلال الروسي لأوكرانيا.
من جانبه ذكر منسق الاتصالات الاستراتيجية بمجلس الأمن الوطني الأمريكي، جون كيربي، أن الأسابيع الأخير شهدت تحرشات أخرى غير أن نتائجها كانت مختلفة.
وأوضح المتحدث باسم البنتاغون، بات رايدر، أن تصرفات الطيارين الروس لم تكن آمنة واحترافية مفيدا أن تصرفاتهم تكشف عن مكنونهم.
حسنا، هل تشير تصرفات الطيارين الروس الذين تزعم الولايات المتحدة إفراغهم بنزين في مسار المسيرة الأمريكية إلى تصاعد التوترات؟
يؤكد البنتاغون أن الواقعة استمرت لنحو 30 -40 دقيقة، بينما يوضح رايدر أنه خلال تلك الفترة لم يحدث أي اتصال مباشر بين الجيشين الأمريكي والروسي.
ويرى المسؤولون الأمريكيون أنه من المحتمل أن المقاتلة الروسية المتورطة في الحادث تعرضت لأضرار وهو ما يعكس أن هذا التصادم لم يكن عن عمد.
ولكن ماذا تعني هذه الحادثة لمستقبل عمليات الاستطلاع الأمريكية بالبحر الأسود والفائدة التي تقدمها لأوكرانيا؟
ذكر كيربي أنه في حال ما إن كانت روسيا ترغب من خلال تلك الواقعة بإرسال رسالة إلى الجانب الأمريكي مفادها عدم التحليق بالمجال الجوي الدولي أعلى البحر الأسود، فإن تلك الرسالة ستفشل لأن هذا لن يتحقق.
ويهيمن الحرص الشديد على تصريحات واشنطن بشأن ما حدث للمسيرة الأمريكية، فعقب الواقعة اضطر الطيارون الذين يتحكمون بها عن بعد في إسقاطها بالبحر الأسود ولم يقدم رايدر أية معلومان حول موقع سقوط المسيرة الامريكية أو ما إن كانت البحرية الروسية قد عثرت عليها أم لا.
بدون الشك لن تسعد واشنطن بسقوط تكنولوجيا رصد من هذا الطراز في قبضة روسيا لهذا فهذه اللحظة حساسة للرئيس الأمريكي، جو بايدن، العازم على دعم أوكرانيا حتى النهاية.
ولا تعد الأسلحة المقدمة من الغرب هو السبب الوحيد لصمود أوكرانيا أمام الغزو الروسي، فالبيانات المتزامنة بشأن الصواريخ التي تستهدف أوكرانيا وتحركات البحرية الروسية في البحر الأسود تشكل أهمية مصيرية بالنسبة لأوكرانيا.
ترغب واشنطن في مواصلة أنشطة الرصد هذه، غير أنها تتخوف من استخدام القوة والانقياد لصدام مباشر مع موسكو.
وفي حديثهم مع صحيفة نيويورك تايمز أوضح مسؤولون أمريكيون أن الحادث الأخيرة لا يشير إلى انتقال روسيا لمرحلة أكثر عنف.
وأفاد مسؤول أمريكي في حديثه مع الصحيفة أن اسقاط مسيرة أمريكية ليست حملة شطرنج خططت لها روسيا، في حين أكد مسؤول أمريكي آخر أن تلك الواقعة لا تعد بداية لاستراتيجية أضخم بشأن التحرش بطائرات الاستطلاع التابعة للولايات المتحدة وحلف الناتو.
وذكرت صحيفة نيويورك تايمز في مقالها أن الهجوم على المسيرة الأمريكية ليس حادثا وأن سكب البنزين أمام المسيرة كان حركة مقصودة غير أن المسؤولين الأمريكيين يرون أن الروس لم يتعمدوا فصل مروحية الطائرة المسيرة نظرا لكونه حركة خطيرة قد تتسبب أيضا في سقوط المقاتلة الروسية وليس فقط المسيرة الأمريكية.
وأضافت الصحيفة أن المسؤولين الأمريكيين يتخوفون منذ أشهر من أن تسفر واقعة أعلى البحر الأسود أو غياب التواصل بين الأطراف عن مشكلة أكبر.
وأشارت إلى تحرش المقاتلات الروسية بالطائرات التابعة للولايات المتحدة وحلف الناتو أعلى البحر الأسود باستمرار وأن المسؤولين الأمريكيين يؤكدون على التعامل مع غالبية تلك الوقائع باحترافية.
وفي السياق نفسه أشارت صحيفة وول ستريت جورنال في مقالها حول الإمر إلى استحالة استعادة الجانب الأمريكية للمسيرة الأمريكية مفيدة أن البحرية الأمريكية أوقفت عملياتها بالبحر الأسود بعد فترة قصيرة من الاحتلال الروسي لأوكرانيا وأن تركيا التي تتحكم في دخول السفن للبحر الأسود أغلقت مضيقها أمام عبور السفن الحربية عقب اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في الوقت الذي تواصل فيه روسيا استخدام سفنها الحربية بالبحر الأسود.
وفي حديثه مع موقع سي إن إن أوضح الجنرال المتقاعد، مارك هرتلينج، أن روسيا تقدم على مثل تلك التصرفات أعلى البحر الأسود باستمرار وأنها تعتبر البحر الأسود مرمى لها.
ووصفت قناة الجزيرة القطرية مثل تلك التصادمات بين الطرفين “بالاعتيادية”.
وفي المقابل نقلت وكالة الأنباء الروسية الرسمية عن السفير الروسي لدى واشنطن قوله إن المسيرة الأمريكية كانت تجري استطلاع في المنطقة بالنيابة عن الجيش الأوكراني وإنها كانت تجمع معلومات للهجمات التي سوف يشنها الجيش الأوكراني على الأراضي الروسية والجيش الروسي.
وأضاف السفير الروسي لدى واشنطن أن التصرفات المرفوضة للجيش الأمريكي بالمناطق القريب من حدود روسيا تثير مخاوف الجانب الروسي، الذي يعي جيدا الغرض من الرحلات الاستكشافية تلك.
وأضاف قائلا: “ماذا تفعل الولايات المتحدة على بعد آلاف الأميال من أراضيها؟ الجواب واضح، فهي تجمع معلومات لاستخدامها في هجمات نظام كييف على أراضينا وجيشنا. نريد المضي قدما انطلاقا من حقيقة أن الولايات المتحدة ستتجنب إثارة المزيد من التكهنات بوسائل الإعلام وستنهي أيضا طلعاتها الجوية بالقرب من حدود روسيا”.