بقلم: ماهر المهدي
القاهرة (زمان التركية)ــ الأرقام حقيقة على الأوراق، ولكن الواقع حقيقة أخرى أكثر فورانًا وانفعالًا، وأوقع أثرًا من كل ألوان الدعاية والإثارة.
فعندما نطالع الواقع تؤكد الأرقام والبيانات أو تكشف وتعرى ليخر الكثيرون على الأرض صرعى. وربما كشف الواقع حقائق تصورها البعض بعيدة ولربما اعتبرها البعض إهانة، خاصة عندما ينسى البعض ماذا قدمت أيديهم تمامًا وهم يعلمون مصائر الأمور ويمضون قدمًا في تنفيذ رغباتهم الخاصة إلى نهايتها. وعندما تدار الأمور هكذا على المستوى الشخصى أو العائلي فإنها تنذر بكارثة يمكن رؤيتها في الأفق بقليل من النظر. أما الأغرب، فهو أن تدار بعض الأمور الحساسة بذات المنهج والأسلوب على مستوى أكبر وأعم وعلى يد من يخوض مواجهات كثيرة يمينًا ويسارًا.
فالكل يتابع تفاصيل ودقائق القرارات والحركات. وما دمت بعيدًا فلا شأن للآخرين بك، أما إذا ملت على الغير ليثق بك وبقدراتك ويؤيدك ويتعاون معك فهذا أمر مختلف. فالغير يبحث وينقب في أرقامك وفي بياناتك ويرى على الأرض بعين رأسه ماذا تمتلك وماذا تفتقد وماذا يعلو ولا تقدر عليه. فإذا صدمت في الغير برفضك ورفض التعاون معك، فلأنك تنسى ماذا فعلت وماذا شيدت وماذا سحقت وتنسى أن الواقع لا يكذب وأن الواقع هو أصدق أنباء من بعض الصور ومن بعض الأرقام. ولذلك فبعض الهزائم المفاجئة ليست في الحقيقة سوى نتائج متوقعة، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
إن تجاهل الحقائق أو محاولة نسيانها لا يتحقق ببساطة إلا في أذهان من يحاولون النسيان أو يحاولون دفن الحقائق، لأن الحقائق تولد لتعيش رغم كل محاولات الاعتداء عليها ورغم مرور السنين الخفاف والثقال. والحقيقة تبقى، لتتحدى شجاعة الجميع، ولتثبت للناس أن الحق لا يموت.