هيثم السحماوي
القاهرة (زمان التركية)ــ الحقيقة أنه إذا كانت جريمة التحرش عمومًا بالغير سواء كانت إمرأة أو كان رجل هي فعل غير أخلاقي ومخالف لكل القوانين، فضلًا عن كونه مُضر بالضحية، فإن الخطورة تزداد ويكبر الضرر إذا كانت الضحية الواقع عليها جريمة التحرش طفلة أو طفل.
وخلال السطور التالية أحاول الإجابة على تلك التساؤلات الأساسية الخاصة بهذا الموضوع وهي: ما هو مفهوم هذا الفعل؟ وما هي آثاره على الأطفال؟ وكيف يمكن الحيلولة دون وقوع أطفالنا ضحية لهذا الضرر الكبير؟ وما هو التوصيف لهؤلاء المتحرشين بالأطفال؟ أعني ماذا عن وضعهم النفسي والعقلي؟ وما هو الحل إذا ما تعرض أحد أطفالنا فعليًّا لهذا الضرر الكبير؟ وهل الحل الأكثر جدوى هو رفع الوعي أم تغليظ القوانين المناهضة لهذا الفعل؟ وكيف يتم الحماية من الظروف الصعبة الأخيرة التي تُعرض الأطفال للخطر أكثر مثل ما كانت أعلنته شركة ديزني من كونها ستتضمن أفلامها وألعابها وجود للمثلين؟
بداية يُعرف مختصون التحرش الجنسي بالأطفال، وفقًا لدراسة بحثية أجرتها بي بي سي وهو يطلق عليه أيضًا “الغلمانية”، أو “بيدوفيليا” Pedophilia أو الاشتهاء والوَلَعُ بالأطفال، يُعرف على أنه من الاضطرابات الجنسية الشهيرة، وأنه اضطراب يتميز بوجود محفزات جنسية شديدة، أو خيالات جنسية مثيرة، مرتبطة بالأطفال غير البالغين، الذين تقل أعمارهم عن 13 سنة.
والقيام بهذا الفعل من قبل المجرمين الجُدد يعني إتيان الفعل باستخدام وسيلة من الوسائل الإلكترونية سواء Facebook Instagram, أو غيرهم من المواقع الإلكترونية الأخرى.
وكما يقول مختصون بالتربية، فإن مهمة الآباء صارت أكثر صعوبة، في ظل تحديات الطفرة الكبيرة الحالية في وسائل الاتصال والإنترنت، ففي الوقت الذي كانوا يجهدون فيه، في حماية أطفالهم في عالم حقيقي، يدركون تفاصيله، بات الأمر صعبًا في ظل عالم إلكتروني، مفتوح أمام كل شيء وأمام كل شخص.
فالأمر لم يعد مقتصر على خروج الطفل للخارج وتعرضه لهذا الفعل من قريب أو غريب ولكن هؤلاء المجرمين يأتون الي بيت الطفل بل إلى غرفته عن طريق الجهاز الذي يحمله بين يديه.
والآن ماذا عن حقيقة الوضع النفسي والعقلي لهؤلاء المرتكبين لهذا الفعل الشاذ ضد الأطفال؟ وكيف أصبحوا هكذا؟
أدرجت الجمعية الأمريكية للطب النفسي APA، الاعتداء الجنسي على الأطفال، في دليلها التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية، منذ عام 1968.
ويرى الدكتور راي بلانشارد، أستاذ الطب النفسي المساعد في جامعة تورنتو، إن الأشخاص الذين يعانون من هذا الهوس الجنسي، يتم تشخيصهم بأنهم مصابون باضطراب عقلي، يدفعهم إلى إشباع دوافعهم الجنسية، بالاعتداء على الأطفال.
ويقول أيضًا الدكتور إبراهيم مجدي، استشاري الطب النفسي، وأستاذ المخ والأعصاب بكلية طب جامعة عين شمس، إن التحرش بالأطفال يعتبر اضطرابًا نفسيًّا يعرف باسم “بيدوفيليا”، ويحاول المصاب به إشباع رغباته الجنسية بالاعتماد على صغار السن.
وفي الإجابة عن تساؤل كيف أصبح هؤلاء مصابون بهذا المرض؟ قال الدكتور مجدي إن التنشئة الاجتماعية غير السوية هي المتهم الأول في الإصابة باضطراب البيدوفيليا، مشيرًا إلى أنه قد يكون ناتجًا أيضًا عن وجود خلل كيميائي في الدماغ أو تعرض المريض لنفس الواقعة في سن صغيرة.
ولعل من بين الوقائع العديدة التي وقعت لهذه الجريمة الخطيرة والبشعة ما أعلنته السلطات في بريطانيا واستراليا والولايات المتحدة الأمريكية يوم (الخميس 16 يناير/عام 2014) أن المحققين ضبطوا عصابة دولية تبث صور حية لأعمال تحرش بالأطفال في الفلبين. وقالت الوكالة الوطنية البريطانية لمكافحة الجريمة في بيان لها إن العصابة كانت تعد لتصوير التحرش الجنسي بالأطفال مقابل أموال.
وفي قضية رقم 8952 جنح معادي لسنة 2008 بقسم إدارة مكافحة جرائم الحاسبات بوزارة الداخلية، كشف أنه خلال عام 2005 قام أحد الأشخاص بتصوير كريمته البالغة من العمر خمس سنوات، وقام بعرض صورها على الإنترنت مع دعوته لممارسة الفجور والفسق معها مقابل المال، وبعد أن تم ضبطه وبعد اعترافه بجريمته قال أنه كان يمزح بهذا الفعل. وتم تقديمه للمحاكمة بجلسة 2008/10/16 وحُكم عليه بالحبس سنة وكفالة 1000 جنيه.
وغيرهم من حوادث عديدة من حالات التعدي على الأطفال من قبل هؤلاء المُجرمون الجدد في كثير من البلدان والتي هي في ازدياد مع زيادة أعداد الأطفال المستخدمين الأجهزة والمواقع المتصلة بشبكة الإنترنت، في الوقت الذي فيه الرقابة الأسرية أما غير موجودة أو ليست كما يجب في ظل غياب الوعي اللازم لدى الآباء والأمهات بالدور التربوي والإشرافي اللازمين القيام بهما.
وقال القاضي الدكتور جمال السميطي مدير معهد دبي القضائي سابقًا، إن الاستغلال الجنسي الإلكتروني للطفل لا يقلل من فداحة الجريمة، لأنه لا يختلف عن الاعتداء عليه في الواقع، لافتًا إلى أن «الجريمة واحدة». وشرح أنه (حتى في حال اختلفت الوسيلة التي استخدمها الجاني للتغرير بالطفل، يكون الفعل الناتج في النهاية واحدًا، و يجرمه القانون، وهو هتك العرض بالإكراه)
يسعدني التواصل وإبداء الرأي