بقلم : ماهر المهدي
القاهرة (زمان التركية)ــ الإنفاق بلا حساب قد لا يقتصر على المال فقط، ولكنه يشمل أشياءً أخرى، مثل الوقت ومثل الأحلام. فالوقت يحتاج إلى حساب وإلى التقدير وإلى الإنفاق الواعي، لأنه لا يعوض ولأنه الحياة ولأنه -بشكل ما- كل شيء.
والأحلام هي طاقة حيوية تحملنا إلى من نحب وإلى حيث نحب وإلى ما نحب وإلى اللحظات التي نتمناها في قلوبنا، وتجعل يومنا وغدنا أجمل وأبهى. ولكن الأحلام أيضًا ليست نهرًا بلا ضفاف ولا بحرًا بلا مصب ولا أمطار خير غير مقطوعة ولا ممنوعة، لأن قدراتنا -مهما بلغت- فهي محدودة بحدود الصحة والقوة والمشاغل والمسؤوليات والقوانين وحدود أخرى كثيرة. بل إن الأحلام وطبيعتها قد تكون مقياس الصحة النفسية ومقياس مدى رجاحة العقل وبعد البصيرة وإدراك الواقع وانعكاساته المختلفة. والواقع يختبر أحلامنا وقدراتنا وصدق رؤيتنا لأنفسنا، ويبين للجميع حولنا قوة عزمنا وثبات خطواتنا إلى المستقبل من عدمه. ويبين للناس ولمن يحبنا ولمن يكرهنا منا ما قد يسعد المحبين وبشقى الكارهين أو العكسلا قدر الله.
بوسعك أن ترسم سلمًا عظيمًا على الحائط، ولكنه لن يأخذك إلى أي مكان ولن يصعد بك درجة واحدة إلا في مخيلتك القوية الخصبة الفياضة التي ذهبت بك إلى هذا الحد.الأحلام هي ألوان الحياة الجميلة التي تتيحها خيالاتنا لنا لتزين الدنيا في أعيننا وتشجعنا على النهوض من مرقدنا كل يوم إلى الدراسة والى العمل والى المسؤوليات الصغيرة والكبيرة المتعلقة بحياتنا والمعلقة برقابنا. ولكنك تستطيع -بكل تأكيد- أن تجعل من الحائط ومن كل حائط لوحة ولوحات من الأمل ومن القوة اللذين تحسهما ويمليان عليك ما تكتب وما ترسم من تفاصيل، ويدفعانك رغما إلى ألوان دون ألوان، ويستخرجان من عمل يديك صورًا مكررة وصورا ربما لم يشهدها كثيرون من قبل. فالقلب لا يكذب لأنه البصيرة الحقيقية والنور الحقيقي الذي يأمنا في طريقنا، وهو الوحيد القادر على قيادتنا إلى أهدافنا والى كل الخير الذي نرجوه.