بقلم: جولسن سولاكر
برلين (زمان التركية) – تثار بين الحين والآخر ادعاءات حول تأثير مرتقب من روسيا على الانتخابات في الولايات المتحدة والدول الأوروبية، ولكن هل تسعى موسكو للتأثير أيضًا على الانتخابات في تركيا عبر المبادرات المتتالية التي تتخذها؟
عقب انطلاق الحرب الأوكرانية أثيرت أحاديث حول ما إن كانت تركيا وروسيا أصبحتا أكثر اعتمادا على بعضهما البعض وما إن كان التناسق في العلاقات قد اختل خلال الآونة الأخيرة أم لا، غير أن الخبراء يرون أن المبادرات الروسية المتزايدة بمرور الوقت هي دعم من موسكو كي تفوز السلطة الحاكمة في تركيا بالانتخابات مرة أخرى.
وتعمقت علاقات أنقرة بموسكو خلال أشهر الصيف بعدما بدأت في اتباع سياسة متزنة عقب بضعة أشهر من اندلاع الحرب الأوكرانية.
وترى بعض الأوساط أن الخطوات الأخيرة التي اتخذتها روسيا كإرجاء سداد تركيا لديون الغاز الطبيعي لا تخدم فقط السياسة الخارجية بل أنه دعم من بوتين لأردوغان خلال الانتخابات المقبلة.
التطورات على الساحة كتدفق رأس المال إلى محطة الطاقة النووية أكويو واتفاقية ممر الحبوب وإرجاء ديون شركة خطوط النفط التركية بوتاش وفكرة تحويل تركيا لمركز لتصدير الغاز الطبيعي الروسي إلى أوروبا هو انعكاس لسياسة روسيا للتقارب مع تركيا ضد الغرب من جهة ومن جهة أخرى قد يخلق نتائج من شأنها التأثير على الانتخابات المقبلة في تركيا.
خبير السياسة الخارجية والطاقة، أيضن سزر، يرى أن موسكو اختبرت خلال البضعة الأشهر الأولى من انطلاق الحرب الأوكرانية ما إن كانت تركيا ستتخذ موقفا محايدا أم لا قائلا: “روسيا أدركت إصرار تركيا على هذه السياسة من خلال المفاوضات الروسية الأوكرانية في إسطنبول نهاية مارس/ آذار وعدم إغلاقها لمجالها الجو أمام الطيران الروسي رغم الضغوط الغربية. ومنذ ذلك الحين تزايد اهتمامها بالانتخابات التركية، فروسيا أدركت أن بقاء أردوغان على رأس السلطة في تركيا سيخدم مصالحها انطلاقًا من أن الحرب الأوكرانية أو المشاكل مع الغرب قد تستمر لفترة طويلة. وقامت باتخاذ الإجراءات اللازمة في هذا الصدد”.
وتؤكد البروفيسور، هاندا أوران أوزداغ، أن العلاقات بين روسيا والعدالة والتنمية أفضل وأكثر قوة من علاقات السلطة التركية مع الغرب وأن التقارب الفعلي بدأ عقب المحاولة الانقلابية الغاشمة قائلة: “الحرب الأوكرانية أيضا خلقت فرصة لحزب العدالة والتنمية لتعميق العلاقات الاقتصادية مع روسيا دون المشاركة في العقوبات الغربية وكان الحزب الذي بدأت شرعيته في التراجع قبل الانتخابات بحاجة لهذا الأمر. لهذا نعم يمكننا القول إن بوتين أجرى مبادرتين مهمتين تحتاج إليهما السلطة التركية قبل الانتخابات ألا وهما الدعم الاقتصادي فيما يخص الغاز الطبيعي والشرعية السياسة عبر اتفاقية ممر الحبوب”.
ووصف أوزداغ هذه الإجراءات بالدعم المهم المقدم من روسيا للعدالة والتنمية لتمكينه داخل تركيا قائلة: “استمرار حكم العدالة والتنمية الذي يواجه مشاكل مع الغرب مهم جدا بالنسبة لروسيا التي تقاتل أوكرانيا في البحر الأسود، فروسيا دعمت العدالة والتنمية ومنعت تقارب تركيا، التي تعرقل اتساع نطاق حلف الناتو بالوقت الراهن، من جديد مع الغرب بسبب الأوضاع الاقتصادية القاصية”.
وشهدت الأيام الأخيرة استجابة من انقرة لدعوات روسيا التي توجهها إلى تركيا للتطبيع مع الحكومة السورية منذ عام 2018، حيث كان لقاء وزراء الدفاع الأخير هو أعلى لقاء يتم عقده بين البلدين منذ 11 عاما ومن المنتظر أن يعقبه مزيد من اللقاءات الجديدة.
وتشير الأحاديث إلى كون الانتخابات أحد العوامل الدافعة لأنقرة لتطبيع العلاقات مع روسيا، حيث يرى سزر أن عام 2023 سيشهد إجراءات مهمة فيما يخص القضية السورية.
ويفيد سزر أنه ليس من المنتظر أن تسفر هذه الإجراءات عن نتائج عاجلة غير أنه قد يتم اتخاذ بعض الإجراءات الرمزية قائلا: “انسحاب تركيا من سوريا سيشكل مكسبا للأسد، لكن هل قد تنسحب تركيا من سوريا قبيل الانتخابات؟ وكيف سينعكس هذا على صناديق الاقتراع؟ قد يضمن هذا عودة بضعة آلاف من اللاجئين السوريين إلى سوريا، لكن الموازين بالقضية السورية معقدة للغاية ومن الصعب ترقب تطبيع تام للعلاقات قبيل الانتخابات”.
وعلى صعيد الداخل الروسي يشير أستاذ العلوم السياسية والخبير بالشأن السوري، أوميت نظمي هزر، إلى عدم صدور تصريحات من الجهات الرسمية الروسية بشأن الانتخابات التركية وفقا للمبدأ العام غير أن الموقف العام بالرأي العام يرى أن مواصلة المسيرة مع أردوغان سيكون أكثر إيجابية.
وأوضح هزر أنه بالنظر من منظور روسيا يتبين أن بقاء أردوغان في الحكم سيضمن بعض التسهيلات قائلا: “على سبيل المثال سيكون المخاطب الأول في البلاد شخص واحد. أي أن يمكن تحديد السياسة مع تركيا عبر أردوغان مباشرة. في حال فوز المعارضة بالانتخابات ستتقلص العلاقات الثنائية لروسيا وقدرتها على توجيه تركيا بسبب العديد من العوامل.
جدير بالذكر أن اتفاقية ممر الحبوب تم توقيعها في مدينة إسطنبول بين كل من تركيا وروسيا وأوكرانيا والأمم المتحدة بضيافة تركيا.
المصدر: دويتشه فيله النسخة التركية