هيثم السحماوي
(زمان التركية)ــ الحقيقة أن هذ أمر يستلزم وجوده بين أفراد المجتمع بعضهم البعض، وهو أن كلا من الآخر يلتزم في تعاملاته في المجتمع بشكل عامّ احترام حقوق الآخر وهذا يعتمد على عدة أمور، منها معرفة أن موضوع حقوق الإنسان لا يقتصر المطالبة باحترامه فقط من قبل السلطة الحاكمة وإنما يسود احترام هذه الحقوق بين البشر، بل أنه لا مجال ولا يستقيم المطالبة باحترام حقوقي من قبل الآخرين سواء كانوا أفرادًا أو سلطة حاكمة في الوقت الذي لا التزم فيه بواجباتي تجاه الآخر. الأمر الآخر أن حقوق الإنسان لا تختزل في الحقوق السياسية وفقط وإنما هي أعمق وأكبر وأشمل من ذلك بكثير.
والحقيقة أنني أرى أن التسمية الصحيحة هنا أو الكاملة هي أن نقول واجبات وحقوق الإنسان، و إذا اختصرنا وقولنا حقوق الإنسان فهذا يستلزم إدراكنا أن ذلك يستلزم الالتزام بالواجبات التي على الإنسان تجاه الآخر قبل المطالبة بالحقوق .
وهنا أشير الى نقطة ذات صلة وهي تسمية كلية الحقوق أم القانون، فالمعروف لدينا بالعالم العربي إننا نطلق عليها اسم كلية الحقوق أما في الدول الأجنبية بالتسمية بكلية القانون (faculty of law )
وهنا أذكر بحثًا قام به باحث عراقي، اسمه هادي نعيم المالكي، عام 2018، وكان عنوان البحث:
Is it a Faculty of Law or Faculty of Rights?
كان هدف البحث التعرف على المسمى الصحيح كلية القانون أم كلية الحقوق أيهما أصح؟ ولتحديد هذا اعتمد البحث على ثلاثة منهجيات، الأول المنهج المنطقي، موضحًا أنه من المعروف أن يطلق على الكليات أو المعاهد أو المؤسسات العلمية اسم العلم الذي تدرسه، وكذلك الحال بالنسبة لكلية القانون بما أنها تدرس القانون، وأنه ليس من الطبيعي أن نطلق اسم الكلية على جزء من اختصاصاتها وهو الحقوق. والثاني المنهج اللغوي المقارن، فكما هو معروف فإن كليات القانون لا توجد في الدول العربية فقط وإنما في مختلف البلاد، ولكن الخلاف على تسميتها نجده في الدول العربية فقط، وإذا اتبعنا المسمى من الناحية اللغوية العربية او الإنجليزية نجدها تعني القانون وليس الحقوق. والثالث المنهج التاريخي، الذي أوضح سبب تسميتها بكلية الحقوق. وخلص البحث بالقول بأنه من خلال المنهجيات العلمية التي تم التطرق إليها نستنتج أن التسمية الصحيحة هي كلية القانون، وإن تسمية كلية الحقوق غير صحيحة كونها ذات أصل تركي وليس عربي.
وعودة لموضوع المقال الأساسي واجبات الإنسان فهي كالأتي:
احترام كرامة الآخرين :
وهذا ما بدأ به الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهدين الدوليين ، ففي الإعلان العالمي لحقوق الإنسان النص على الآتي في المادة الأولى النص على أن: (جميع الناس يولدون أحرارًا ومتساوين في الكرامة والحقوق، وهم قد وهبو العقل والوجدان ، وعليهم أن يعاملو بعضهم البعض بروح الإخاء)
ومما يترتب على احترام هذا الحق واجب الامتناع عن إرتكاب جريمة التنمر، نعم هي كما وصُفت جريمة وانتهاك لكرامة الآخرين مهما كان ارتكاب هذه الجريمة تحت مبرر المزح أو غيره من مبررات ، فاالتنمر جريمة أخلاقية وقانونية وإنسانية ، وكذلك تجرم كل انواع التعديات اللفظية او الفعلية الأخري التي تحط من كرامة الآخرين .
احترام القانون :
أتذكر حوارًا دار بيني وبين أستاذي الفاضل الدكتور وسيم السيسي وسألته فيه كيف يمكننا أن نتحول إلى أمة اكثر تحضرًا وتقدمًا واستأذنته أن تكون الإجابة في جمل بسيطة فأعطاني الإجابة في كلمة وقال الحل يكمن في سيادة القانون وذكر لي أن سقراط لما حكم عليه بالإعدام وشرب السُم ،هيئ له تلاميذه طريقا للهرب فرفض قائلا أن كسر القانون يؤدي إلى الفوضى ، فقال له تلاميذه لكن هذا قانون ظالم ، فقال لهم القانون الظالم يعدل بقانون عادل ولكن ليس بكسره لأن كسر القانون يؤدي إلى الفوضى.
وفي ذلك يقول أيضًا عالم السياسة والأقتصاد جونار ميردال (Gunnar Myrdal)الحائز على جائزة نوبل عام 1974 في الاقتصاد ، في حديثه عن الدول الرخوة أي الدول الفاشلة (the soft state ) ذكر في كتابه الصادر عام 1968، الذي ذكر فيه أن دول جنوب آسيا وعموم الدول النامية تعتبر دول رخوة لعامل مشترك بينها جميعا وهو غياب سيادة القانون.
تقديس حياة الآخرين وأمنهم وخصوصياتهم وسلامتهم:
ويترتب على ذلك أمور عديدة منها الامتناع عن تصوير أحد بدون إذنه، ولو تم التصوير فيكون النشر على مواقع التواصل الإجتماعي أو غيرها بإذن أخر غير إذن التصوير، ولا يجوز بأي حال من الأحوال تسجيل المكالمات للآخرين مهما كان السبب والغاية، والتجسس على حياة الغير، والتدخل في حياتهم ،أو التعليق على أفعالهم أو الاساءة اليهم بأي شكل، أو إلصاق الشائعات بالغير، أو التطلع لمعرفة أسرار الأخرين أو الإطلاع على عوراتهم ، أو ابتزاز الأخر بأي شكل… الخ من أفعال أو أقوال تمثل تعديا على حياة الأخرين وخصوصياتهم وسلامتهم..
وليسمح لي القارئ الفاضل أن أكمل هذا الموضوع في المقال القادم ..