(زمان التركية)-نشرت صحيفة “الجارديان (The Guardian)” الإنجليزية مقالة تغطي فيها الحكم الذي حكمت به المحكمة التركية بحبس رئيس بلدية اسطنبول وذلك في سياق من سيترشح في مواجهة أردوغان ومن من المنافسين السياسيين الموجودون على الساحة بقدرته أن يحصد أصوات الأغلبية في ظل تشتت المعارضة التركية ومحاولاتها تنظيم صفوفها في مواجهة الحزب الحاكم .
ولقد تصدرت الصحافة التركية والدولية خبر ما حكمت به محكمة تركية على رئيس بلدية اسطنبول بالسجن لأكثر من عامين وقرارها بمنعه من ممارسة السياسة في خطوة وصفها أنصاره بأنها محاولة ذات دوافع سياسية لتهميش دوره كمنافس بارز للرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وقد حكم على أكرم إمام أوغلو بالسجن لمدة عامين وسبعة أشهر و 15 يومًا بتهمة وصف أعضاء المجلس الأعلى للانتخابات في تركيا بـ “الحمقى” في بيان صحفي قبل ثلاث سنوات، ومن جانبه فلم يحضر إمام أوغلو أي جلسات محاكمة أو جلسة النطق بالحكم ، ومن المتوقع أن يستأنف الحكم، و سيسمح له الاستئناف بالبقاء في منصبه كرئيس بلدية، و لكنه سيظل مثقلًا بجلسات المحكمة لمدة تصل إلى عام ونصف بينما تتجه البلاد نحو انتخابات عامة.
ويمثل الحكم أحدث خطوة في حملة قمع ضد شخصيات بارزة من حزب الشعب الجمهوري ، المنافس الرئيسي لأردوغان في التصويت في الإنتخابات المتوقع إجرائها بعد قرابة ستة أشهر، وفي وقت سابق من هذا العام تم منع كنعان كفتانجي أوغلو رئيس فرع حزب الشعب الجمهوري في اسطنبول ، من ممارسة السياسة وحكم عليه بالسجن خمس سنوات مع وقف التنفيذ بتهمة إهانة الجمهورية التركية وأردوغان في تغريدات اتهم فيها أردوغان بالسرقة من المال العام.
وفي نفس السياق من التضييق على المعارضة السياسية فمن المتوقع أنه خلال يناير القادم من المقرر أن تقرر المحاكم التركية ما إذا كان سيتم منع حزب الشعب الديمقراطي ذي الأغلبية الكردية من ممارسة السياسة أم لا .
ومن جانبه فقد أعلن مكتب رئيس البلدية قبل فترة وجيزة من النطق بالحكم أن “أصوات 16 مليون من سكان اسطنبول قيد المحاكمة” إنهم يسعون إلى حرمان رئيس بلدية اسطنبول من حقوقه السياسية.
وبعد ذلك خاطب إمام أوغلو مؤيديه الذين تجمعوا أمام مبنى البلدية. وقال “هذا القرار وصمة عار على القضاء التركي” ، وبالفعل فإنه أقوى تعبير عن حقيقة وضع القضاء التركي قد تحول إلى أداة لمعاقبة المعارضين، وذلك كله يدل على أن القضاء التركي ليس لديه هدف لتحقيق العدالة والديمقراطية في البلاد “، وأضاف: “لن نرضخ لهذا الفساد، هذه الأنواع من الألعاب لن تقف في طريقي – لن أشعر بالفزع أو الاستسلام ” .
وردد أنصار إمام أوغلو هتافات “ذات يوم سيسأل حزب العدالة والتنمية بزعامة أردوغان، وسترد حقوق الشعب ” كما رددوا هتاف: “الحقوق والقانون والعدالة” وهم يلوحون بالأعلام التركية، أما الشارع التركي فيرى أن الحكم هو انتكاسة على الديمقراطية لا سيما وأن رئيس البلدية جاء عبر الانتخابات وكما صرح أحد المواطنين معلقا على ما حدث بقوله: ” أرى أن الأمر عبارة عن سرقة الأصوات التي منحها ملايين الأشخاص بمحض إرادتهم، هذا لا ينتهي هنا، سننزل إلى الشوارع وسنسمع أصواتنا عبر الإنترنت، هذه ليست سوى حملة ما قبل الانتخابات لحزب العدالة والتنمية الذي يفقد السلطة “، بينما صرح مواطن آخر بقوله: “نحن نعيش في بلد لا قانون فيه ولا عدالة”.
وقد وصل إمام أوغلو إلى السلطة في موجة دعم في عام 2019 حيث فاز مرتين، حيث ألغى مجلس الانتخابات النتيجة الأصلية بعد شكاوى من حزب العدالة والتنمية، و في بيان صحفي في ذلك العام قال إمام أوغلو: “عندما نفكر في ما حدث في ذلك الوقت ،فإن الذين ألغوا انتخابات 31 مارس هم حمقى ” و كان هذا هو التعليق الذي أثار الجدل ضده، وقد منح انتصار إمام أوغلو في عام 2019 حزب الشعب الجمهوري السيطرة على أكبر مدينة في تركيا والتي تشكل 40٪ من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد ، في ضربة رمزية لأردوغان ، الذي شغل سابقًا نفس المنصب قبل إقالته من منصبه وسجنه لمدة أربعة أشهر. وقد عارض مسؤولو حزب العدالة والتنمية رئاسة بلدية إمام أوغلو، وعارضوا جهوده لإجراء تغييرات كبيرة وبدء مشاريع منافسة لتقويض برنامجه، وقد صرح إمام أوغلو لصحيفة الغارديان في مقابلة في مايو / أيار الماضي بقوله “تم حظر جميع قراراتنا” .
وقد تجمع أنصار رئيس البلدية أمام مجلس المدينة وهم يأملون اليوم أن يتحوّل قرار منعه من العمل السياسي إلى نتائج عكسية وأن يتحول إلى خطوة أخرى من الدعم له ليفوز في انتخابات الرئاسة التركية. وهذا ما صرح به أحد أنصار إمام أوغلو حيث قال “هذا ظلم – ونحن نريد العدالة، بالطبع أشعر بالأسف لهذا القرار، لكنني أعتقد أنه يمكن أن يعطيه دفعة في السياسة”.