أنقرة (زمان التركية)ــ نشر موقع “المونتر” تقريرا يرصد حالة الركود التي تشهدها مفاوضات التطبيع بين مصر وتركيا، حيث يبرز التمدد التركي في ليبيا المجاورة، كأزمة بالنسبة للقاهرة.
التقرير كتبه الصحفي المصري محمد صبري، وهو صحفي عمل في العديد من وسائل الإعلام، بما في ذلك وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية الرسمية، وهو متخصص في الشؤون الدولية، وقد جاء فيه:
منذ قرابة العامين وهناك مفاوضات دبلوماسية بين مصر وتركيا للتقارب، بعد قرابة عقد من الأزمة الدبلوماسية بين البلدين بسبب التحركات التركية في المنطقة، لا سيما الجولات الدبلوماسية التي عقدت خلال العام الماضي حيث وضعت مصر عدة شروط لإعادة تطبيع العلاقات بين البلدين، إلا أن تلك التحركات الدبلوماسية شهدت تطورا من نوع أخر حيث صرح وزير الخارجية المصري سامح شكري في 29 أكتوبر/ تشرين الأول أن المحادثات مع تركيا لرأب الصدع الدبلوماسي المستمر بين البلدين منذ سنوات قد توقفت، بسبب السياسات التركية في ليبيا المجاورة.
وصرح شكري لقناة العربية السعودية أن “المحادثات مع تركيا لم تستأنف لعدم وجود تغير في الممارسات التركية” وتابع أن “القضية الرئيسية المثيرة للقلق هي أن القوات الأجنبية لم تغادر ليبيا بعد ولم يتم تتخذ أي إجراءات حاسمة لتحقيق هذا الهدف”.
ولقد تراجعت العلاقات بين مصر وتركيا في عام 2013 بعد الإطاحة بالرئيس القادم من الإخوان المسلمين محمد مرسي، حيث كانت أنقرة من الداعمين الرئيسيين لجماعة الإخوان المسلمين، والتي أدرجتها القاهرة على القائمة السوداء كجماعة إرهابية.
وخلال العام الماضي أجرت مصر وتركيا جولتين من المحادثات الاستكشافية في محاولة لإصلاح العلاقات المتصدعة، وكانت نقطة الخلاف الرئيسية بين الخصمين الإقليميين هي وجود القوات التركية في ليبيا، حيث تعد أنقرة حليفًا رئيسيًا للحكومة التي تتخذ من طرابلس مقراً لها، بينما تدعم القاهرة البرلمان الذي يتخذ من شرق ليبيا مقراً له.
كما تصاعد التوتر مرة أخرى بين البلدين الشهر الماضي بعد أن وقعت تركيا اتفاقا مع الحكومة التي تتخذ من طرابلس مقرا لها يسمح بالتنقيب عن النفط والغاز في مياه البحر الأبيض المتوسط الليبية، وهو ما دعى مصر لاتخاذ موقف بهذا الشأن حيث انتقدت مصر الاتفاق النفطي قائلة إن الحكومة التي تتخذ من طرابلس مقرا لها ليس لديها أي تفويض لتوقيع اتفاقات يمكن أن تؤثر على مستقبل ليبيا.
جليل حرشاوي، الخبير في شؤون ليبيا من المعهد الملكي للخدمات المتحدة وهو مركز أبحاث دفاعي وأمني، قال: إن أنقرة لم تبذل جهودًا ملموسة لتحقيق تقارب حقيقي مع القاهرة، وأضاف أن “أنقرة لم تتطوع بتقديم أي حل وسط على الإطلاق، فلقد تحدثت بالفعل عن الاقتراب من مصر ووكلائها الليبيين، ولكن على العكس، فقد حافظت تركيا على قوتها وأدوات قوتها في طرابلس” وأضاف أنه “في الواقع، ترغب تركيا في التوسع خارج الإقليم الشمالي الغربي لليبيا من أجل جني ثمار أكبر بشكل أسرع”.
بينما يرى المراقبون في اتفاق النفط التركي الليبي محاولة من جانب أنقرة لإفساح المجال لجهود قبرص واليونان وإسرائيل ومصر لتطوير غاز شرق البحر المتوسط، ففي نهاية المطاف تركيا مستورد صاف للطاقة ودولة عبور، وفي الوقت نفسه دافع وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو عن اتفاق بلاده النفطي مع طرابلس، متهمًا مصر باستخدام الاتفاقية كسبب لإبطاء عملية التطبيع الهشة، حيث صرح جاويش أوغلو بقوله “لسنا الطرف المسؤول عن بطء محادثات المصالحة، نحن مخلصون في محاولة تطبيع العلاقات معهم، لكن كما يقولون فإن رقصة التانغو تتطلب اثنين”.
ويرى وزير الخارجية السابق محمد العرابي يعتقد أن علاقات مصر مع تركيا ستشهد فترة من الركود في المستقبل القريب، فمصر لا تتسرع في عقد صفقة مع تركيا، وأن القاهرة عندما ترى سياسات تركية تتناسب مع وجهات نظر القاهرة فحينها فقط ستتحسن العلاقات”، لكن عرابي يستبعد تصعيد الموقف بين مصر وتركيا بشأن الوضع في ليبيا كما حدث في 2020، وقد ختم تصريحه بالقول إن “العالم الآن ضد الوجود العسكري التركي في ليبيا، ولا أعتقد أنهم قادرون على تعزيز وجودهم هناك بسبب المعارضة العالمية”.