هيثم السحماوي
مكافحة الإرهاب وحقوق الإنسان
تعتبر قضية مكافحة الإرهاب قضية في غاية الاهمية؛ وذات صلة وثيقة بحماية حقوق الإنسان، حيث أنه بمكافحة الإرهاب لن يتم حماية حق او حقين من حقوق الإنسان ولكن ستتم حماية معظم حقوقه ؛ فضلا عن حماية اصل التمتع بهذه الحقوق وهو الحق في الحياة ، الحق الاول من حقوق الإنسان، والذي تهدده جريمة الإرهاب بمختلف انواعها واشكالها وفي كل البلدان.
فأول ما تضر به الجريمة الإرهابية هو الحق في الحياة والحق في سلامة وأمن هذه الحياة ، لذا قضية الإرهاب قضية ذات صلة وثيقة وجوهرية بموضوع حقوق الإنسان.
وقد ازدادت خطورة التهديدات الإرهابية على حقوق الإنسان بعد اعتماد عملياتها على التطور التكنولوجي مما ادي الي ظهور نوعا جديدا خطيرا للإرهاب وهو الإرهاب الالكتروني ، وبات تأثير انتشاره واضحا سواء داخل الدول وخارجها، فهناك آلاف المواقع التي تشرح كيفية تصنيع الحزام الناسف أو القنبلة من البيت، ولم يعد الأمر يقتصر على ذلك وفقط وإنما امتد ليشمل الشرح لكيفية تصنيع متفجرات تحتوي على مواد محرمة دوليا، لا يقل تأثيرها على المتفجرات المحرمة دوليا.
ومن التطورات الخطيرة التي خلفها التطور التكنولوجي فيما يتعلق بالجريمة الإرهابية، هو ارتكاب العمليات الإرهابية عن طريق جرائم الإنترنت ، بحيث أصبحت الاخيرة تمثل رعبا وخوفا وتهديدها للأفراد والدول معا، نعم ، فالأمر ليس هينا، حيث أن شن هجوم او القيام بعملية قرصنة الكترونية يمكن ان تسبب في شل حركة دولة بأكملها .
وإضافة لكل ذلك توجد الطامة الكبرى وهو زيادة انتشار الإرهاب النووي.
والحقيقة أن الأمم المتحدة تقوم بدورا كبيرا تجاه مكافحة الإرهاب عن طريق مختلف اجهزتها وبطرق عديدة ، ومن أجهزة الأمم المتحدة التي تعمل على مكافحة هذه الجريمة والوقاية منها :
مجلس الأمن
الجمعية العامة للأمم المتحدة
لجنة الارهاب الدولي
مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة
وتاريخيا قد بدأت الأمم المتحدة الاهتمام بمكافحة الإرهاب في بداية الستينات بناءا على مبادرة امينها العام حينذاك كورت فالديهايم، الذي اقترح أن تنظر المشكلة تلك في أعقاب حوادث كبرى كان أبرزها الهجوم على مطار اللد في اسرائيل ، واغتيال عدد من الرياضيين الإسرائيليين في دورة الألعاب الأولمبية بميونخ.
وجاءت أحداث الحادي عشر من سبتمبر التي وقعت بالولايات المتحدة الامريكية ، لتمثل نقلة جديدة وغير مسبوقة في تصدي الأمم المتحدة لجريمة الإرهاب سواء بالمكافحة أوسبل الوقاية المختلفة .
وقد اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة بتوافق الآراء استراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب في 8 أيلول/ سبتمبر 2006. وهي استراتيجية عالمية فريدة لتعزيز الجهود الوطنية والإقليمية والدولية لمكافحة الإرهاب. وتستعرض الجمعية العامة الاستراتيجية كل عامين، مما يجعلها وثيقة حية تتوافق مع أولويات الدول الأعضاء في مكافحة الإرهاب.
وفي استراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب، أكدت الدول الأعضاء من جديد أن تعزيز وحماية حقوق الإنسان للجميع وسيادة القانون أمر أساسي بالنسبة لجميع عناصر الاستراتيجية. وفي الركيزة الرابعة من خطة عمل الاستراتيجية، أكدت الدول الأعضاء من جديد أن قرار الجمعية العامة 60/158 يوفر الإطار الأساسي لـ ”حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب“. وبالإضافة على ذلك، أكدت قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بالإرهاب ومكافحته، بما فيها القرارات 1456 (2003) و 1624 (2005) و 1805 (2008) و 2129 (2013) و 2178 (2014) و 395 (2017) و 2396 (2017)، على لزوم أن تمتثل جميع تدابير الدول الأعضاء في مجال مكافحة الإرهاب بالتزاماتها بموجب القانون الدولي، ولا سيما القانون الدولي لحقوق الإنسان، والقانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي للاجئين.
وفي وجهة نظري أن أخطر انواع الإرهاب هو الإرهاب الفكري او العقائدي الذي ينبغي التصدي له بالفكر والحوار،ومختلف السبل والطرق الأخرى التي تتم بإجراء حوار مع بعض من هؤلاء والرد على اعتقاداتهم وأفكارهم المختلفة بشكل علمي وفكري منهجي قويم، وهنا أذكر أحد الحوارات الهامة التي تمت مع إرهابيون يرتكبون جرائمهم بناء على سند و فكر عقائدي يؤمنون به ، حوار أجراه ودونه في كتابة (في طريق الأذى) الإعلامي الكبير يسري فودة .
هذه نبذة مختصرة جدا عن هذا الموضوع الأكثر من هام؛ في سياق الحديث عن الأمم المتحدة وحقوق الإنسان ، وسيأتي الحديث مفصلا عن موضوع الإرهاب في دراسات أخرى مستقلة أحدها سيكون من خلال رسالتي للدكتوراه التي تعمل على إتمامها الان ، وعنوانها ( دور الأمم المتحدة في مكافحة الإرهاب الدولي)
قمت بتسجيل خطة بحثها بكلية الحقوق عام 2020 .