ماهر المهدى
(زمان التركية)-القواعد محفوظة ، والكل يعلم والطريق واضح . والسيارات الجديدة – مثل السيارات القديمة – بلا أضواء وبلا إشارات وتسير في كل حارات المرور ، من اليمين الى اليسار ومن اليسار إلى اليمين ، كأننا في حياة تجريبية . وسيارة التاكسي الساقطة الأرفف مكسورة الفوانيس تسابق الجميع في جنون ، وكأنها تسير وحيدة على الطريق . والميكروباص المشحون بالناس كمراكب الهجرة غير المشروعة يسابق التاكسي ويسابق الجميع فى جنون شاب صغير لا يحمل رخصة للقيادة وربما لن يحملها قريبا ،
ايثارا لروح المغامرة على ملل اتباع النظام . القواعد موجودة ومحفوظة ، وسيارات النقل تسير فى تراقص مع رأس السائق الساقطة على التليفون المحمول فى الكف الخشن المشقوق المعروق المغموس في الرمل والطين والشحم والزيوت بشرف وأمانة . والسيارة الأنيقة باهظة الثمن تلتقط صور السلفى لهذا الوجه الجميل ، بينما تزعق أبواق السيارات وتدين السلفى ومحبى السلفى وحق المرأة في القيادة . وأعمال البناء على جانبى الطريق تعد بطريق أفضل ،
ولكنها تعبىء الجو بالتراب الأسود والأبيض والرمادى والرمال الصفراء . والسيارات تتشح بطبقات من التراب على وجوهها أجمعين ، كأنها تتخلى عن زينتها وتتنكر للساعات القادمة لأسباب خاصة أو مجهولة . والطريق يختنق بمزيد من السيارات ثم يتوقف عن التنفس ، بينما تتصاعد ألسنة الدخان الأسود على امتداد البصر وتحاول أن تفصح عن شىء ما أو واقعة ما ، أو تحاول أن تنذر القادمين أو هكذا قد يبدو للناظرين عبر غلالات وسحابات التراب . الناس
يقطعون الطريق في محاولة لعبور الطريق في كل اتجاه ، وكوبرى المشاة الجديد هنا وهناك يتمنى أن يعبره إنسان وألا يصبح خيالا يخيف المشاة ، ولكن أمانيه ما زالت في علم الغيب ومازالت كبارى المشاة وحيدة تئن فى وحدتها . فبعض الناس يرى في السمنة فضيلة وجمالا ، ويرى في الرياضة سخفا ومعنى أجوفا ، ويرى في صعود السلم الى ممر آمن لعبور الطريق مشقة لا داعى لها . ودراجات الديليفرى النارية تقطع الطريق طولا وعرضا وفى عكس الاتجاه دون تردد ودون حذر ودون وقاية مما هو ضرورة لراكبى الدراجات النارية خاصة . الدراجات النارية تعشق السير في عكس الاتجاه وتحلم نهارا وعلى الطريق بأبطال أفلام التمرد ونجوم السينما الكاسرين لعصا الطاعة على أوراق السيناريوهات وفى مشاهد المغامرة المرسومة ، ولا يكادون يفصلون – على ما قد يبدو – بين السينما والطريق العام .