نيويورك (زمان التركية)ــ نشرت صحيفة “واشنطن إكزامينر” مقالا يركز على زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى الولايات المتحدة، وما يحاول القيام به هناك، حيث شبه كاتب المقال مايكل روبين المتخصص في قضايا الشرق الأوسط، الرئيس التركي بالرئيس العراقي الراحل صدام حسين، وقال إن أردوغان يسعى من خلال تحركاته الخارجية “المزيفة” إلى تلميع صورته في الغرب، لكي يصرف الأنظار عما يقوم به من أعمال ديكتاتورية داخل تركيا.
وقد جاء في المقال:
لقد وصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى الولايات المتحدة يوم السبت الماضي بعد أن أنهى لقائه مع نظرائه الروس والإيرانيين والصينيين.ومن المتوقع أن أردوغان سيلقي كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة اليوم الثلاثاء الموافق 20 من شهر سبتمبر، وذلك طبقا لما صرح به مكتبه، وبالطبع فإن جدول أعماله خلال تلك الزيارة ستكون مزدحمة فمن “المرجح أن يستقبل الرئيس أردوغان ممثلين المنظمات غير الحكومية ايات المتحدة الامريكية، وكذلك سيلتقي ممثلين عن المنظمات اليهودية، فسيحضر الحفل الذي ينظمه مجلس الأعمال التركي الأمريكي بحضور “قادة الجالية اليهودية”، وسيكونون ساذجين إن فعلوا ذلك، فأردوغان يعتبرهم أغبياء مفيدين لغسل وتلميع صورته، وفي الوقت نفسه يسعى إلى استعادة شرعيته بعد أن قام حراسه الشخصيون بمهاجمة المعارضين لحكومته ونظامه في قلب العاصمة واشنطن، لكن الآن هو يحاول استخدام الصور الفوتوغرافية مع اليهود البارزين ليغطي دعمه المستمر للجماعات الإرهابية.
والحقيقة التاريخية تؤكد لنا أن أردوغان ليس أول زعيم يتبنى مثل هذه الإستراتيجية الساخرة، فقبل ما يقرب من 40 عامًا أرسل الرئيس العراقي صدام حسين نزار حمدون، الدبلوماسي الشاب ذو الشخصية الكاريزمية إلى الولايات المتحدة، في الوقت الذي صنفت فيه وزارة الخارجية الأمريكية العراق كراعٍ للإرهاب في عام 1979 إلا أنها رفعت التصنيف بعد ذلك بعامين حيث سعت إدارة ريغان إلى تصوير صدام على أنه معتدل مقارنة بآية الله الخميني في إيران، ولكن كانت العلاقات فاترة فلقد عاش اليهود العراقيون الرعب في 27 سبتمبر 1969 عندما شنق النظام البعثي تسعة يهود في وسط بغداد بينما حشد قرابة نصف مليون يهودي ليشاهدوا هذا الإعدام الجماعي، كما قام نظام صدام برعاية مجموعات إرهابية فلسطينية مختلفة مثل منظمة أبو نضال وجبهة التحرير الفلسطينية التي قامت باختطاف سفينة الرحلات البحرية أكيل لاورو عام 1985 والتي تم فيها قتل اليهودي الأمريكي ليون كلينجوفر.
وجاء حمدون ليقدم وجها جديدا لنظام صدام ويلمع صورته فأقام حفلات عشاء على شرف أعضاء الكونجرس اليهود وقادة المجتمع اليهودي، وكما صرح أحد ضيوف تلك الحفلات لصحيفة واشنطن بوست، قائلا : لقد كانت أمسية رائعة ومناقشات ممتعة للغاية وكان الجميع مرتاحون للغاية “فقد كان المشهد هو “وجود ستيف سولارز عضو الكونجرس اليهودي مع مؤيدين للإسرائيليين من حوله، يتحدث مع عربي من العراق.” لم تكن هذه الحفلات بريئة ولا بدافع الحب، ففي الحقيقة أراد صدام أن يتجنب المساءلة عن دكتاتوريته ورعايته الإرهاب، وبالطبع فقد أيضا الحضول على الأسلحة الأمريكية.
وكان صدام يتودد إلى اليهود الأمريكيين لاعتقاده أنهم، وراء هياكل السلطة الرسمية لواشنطن وأنهم من يحركون الخيوط وراء الستار.
أردوغان لا يختلف كثيرا عن صدام حسين، فقبل سنوات وبعد وقت قصير من تولي أردوغان منصبه أزعجه مقال كتبته، وبدلاً التواصل معي بصفتي صانع سياسة أمريكي من خلال السفارة التركية كالمعتاد، بدلاً من ذلك اشتكى إلى الجالية اليهودية التركية، المقيمة في أمريكا والتي نقلت بدورها كلماته إليّ، وإن قمنا بتحليل ما يحدث فسنجد أن الانخراط المزعوم مع الجالية اليهودية لفترة استمرت عقدين من الزمن لم تكن كافية لتغيير سياسات أردوغان، فقبل ثلاث سنوات فقط أطلق أردوغان على إسرائيل اسم “روح هتلر” وخلال الأشهر الماضية وبينما برر المسؤولون الإسرائيليون إعادة العلاقات الكاملة مع تركيا بوعد من أردوغان بتقييد أنشطة حماس داخل تركيا، نجد أن أردوغان خالف ذلك الوعد، حيث أصبحت اسطنبول الآن المركز المالي والتشغيلي للجماعة الإرهابية المعادية لإسرائيل.
الجدير بالذكر أيضا أن اليهود ليسوا الهدف الوحيد لهذه الاستراتيجية التي يتبعها أردوغان، فكما صرح أيكان إردمير مدير أبحاث الشؤون الدولية في رابطة مكافحة التشهير، أن مرارًا وتكرارًا استخدم أردوغان التقاط الصور مع زعماء دينيين من مجتمعات الأقلية المسيحية لحماية نفسه من عواقب الانتهاكات الدينية التي يمارسها داخل تركيا.
إن قادة الجالية اليهودية يجعلون أنفسهم يتزينون أمام معادٍ للسامية غير نادم يحاول تلميع صورته ولكنه غير راغب في إصلاح أفعاله أو تغيير سياساته.