(زمان التركية)-شهدت تركيا تساؤلات حول الجهة التي حصلت منها حكومة حزب العدالة والتنمية، على مبلغ ضخم قدره 24 مليار دولار، تم استخدامه في تمويل عجز الحساب الجاري، فكيف ومن أين عثر وزير المالية التركي نور الدين النبطي على 24.4 مليار دولار؟
الفاينانشيال تايمز فحصت القضية، في تقرير بعنوان “من يغذي تركيا؟”، الأمر الذي استفز وزير المالية نور الدين نبطي وعلق على التقرير بسخرية، متهما الصحيفة وكل من يدقق في الشأن التركي، بأنه شخص فضولي، قائلا “الاستثمار في نموذج الاقتصاد التركي يعني المزيد من: الإنتاج، التوظيف ،الصادرات، والنمو”.
وبالطبع لم تكن تلك المرة الأولى التي يلقي فيها نبطي تصريحات غير مفهومة ومربكة للأسواق داخل تركيا، ففي يناير الماضي، عندما طلب منه أحد المحاورين التليفزيونيين تقديم تفاصيل أكثر عن مبادرة وقف انهيار الليرة التركية، أجاب النبطي بقوله “لن أعطيك رقمًا الآن، ولكن هل يمكنك النظر في عيني؟ ماذا ترى؟… إن الاقتصاد هو ذلك البريق الذي يلمع في العيون”.
تم إدراج مبلغ 24.4 مليار دولار في بيانات الحساب الجاري في الفترة من يناير إلى يوليو في الحساب الجاري التركي، ورغم أنه يوجد بند صافي الأخطاء والسهو، و يمكن أحيانًا تفسير هذه التدفقات النقدية غير المبررة بمجرد قيام النظراء الأجانب بتنظيم وجرد بياناتهم المالية الخاصة، ولكن هذا الرقم أكبر بكثير من أن من وضعه تحت هذا البند، حيث كان إجمالي المبلغ لنفس الفترة من العام الماضي 10.2 مليار دولار فقط، حينما ازدهرت السياحة مجددا في تركيا، إلا أن دخل السياحة هذا العام يبلغ 16.4 مليار دولار خلال السبعة أشهر الماضية.
ليام بيتش من كابيتال إيكونوميكس، صرح لصحيفة فاينانشيال تايمز أن هذا المبلغ ربما يكون ناتجًا عن تدفقات رأس المال التي تم تسجيلها بشكل خاطئ سواء من بيع الذهب أو إيداع العملات الأجنبية، كذلك يمكن إرجاعه إلى سوء تسجيل تجارة الخدمات وبالطبع يمكن أن يكون ناتجا عن التهريب، و الأمر غير واضح على الإطلاق.
قال بيتش: “من الصعب معرفة ما يجري بالضبط، لكن من الواضح أن هذا قد قدم دعمًا رئيسيًا لعجز الحساب الجاري هذا العام، وإذا انعكست هذه التدفقات غير المبررة، فسوف يسلط الضوء مرة أخرى على تغطية الاحتياطيات المنخفضة في تركيا”. .
بينما تساءل تيموثي آش من شركة BlueBay Asset Management عما إذا كانت البنوك التركية راضية تمامًا عن قبول خروج الأموال من روسيا الخاضعة للعقوبات، وعقب بأنه من المفترض أن تلقي الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي نظرة فاحصة على هذا الأمر.
وفي الوقت نفسه فمثل هذه التدفقات الواردة إلى البنوك الحساب الجاري التركية، تعزز من الوضع المالي التركي الذي عانى من عجز قدره 36.7 مليار دولار في العام المنتهي في نهاية تموز / يوليو، كما إنها تساعد البنك المركزي على منع الليرة التركية المحاصرة من الدخول في هبوط آخر.
ولكن دعونا أن نتذكر أن مجموعة العمل المالي (FATF) التي تتخذ من باريس مقراً لها في أكتوبر من العام الماضي – والتي أنشأتها مجموعة G7 للاقتصادات المتقدمة مستهدفة الدفاع عن النظام المالي العالمي ضد غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، كانت قد وضعت تركيا على “القائمة الرمادية” حيث خلصت هيئة الرقابة الدولية إلى أن تركيا فشلت في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وقد صرح ماركوس بليير، رئيس مجموعة العمل المالي في مؤتمر صحفي خاص، بقوله إن تركيا، أكبر دولة يتم تخفيض تصنيفها في المراجعة المعلنة ،وأنها بحاجة إلى معالجة “قضايا الإشراف الخطيرة ” في قطاعيها المصرفي والعقاري، ومع تجار الذهب والأحجار الكريمة.
ولكن دعونا أولا نتذكر يونيو من العام الماضي حيث تم اصدار قانون “إعفاء الثروة” في تركيا، وهو القانون الذي يتيح للأفراد والشركات بادخال الأموال النقدية والذهب والعملات الأجنبية والأوراق المالية وغيرها من الأصول المحتفظ بها في الخارج والتي لم يتم الكشف عنها سابقًا، أو الإعلان عن الأصول المحتفظ بها في تركيا، دون مواجهة أي استجواب حول مصدر أصولهم أو تكبد أية غرامة ضريبية، وبينما فرضت الإصدارات السابقة من القانون غرامة ضريبية صغيرة على الأصول التي تم الكشف عنها، إلا أن القانون الحالي لم يطبق أية رسوم على الإطلاق.
ومن جانبها فقد صرحت أويا أوزرسلان، رئيسة منظمة الشفافية الدولية في تركيا معلقة على القانون لقناة الجزيرة: بقولها أنه “بالنظر إلى أن غسيل الأموال يتطلب ارتكاب جرائم أخرى مثل المخدرات والإرهاب وما إلى ذلك، وانتظار فرصة لدخول النظام المالي بصورة طبيعية ليتم غسيله ، فإن هذا الأمر يعد بالغ الخطورة”.
كما علق النائب عن حزب الشعب الجمهوري أردوغان توبراك لقناة الجزيرة بقوله “لا نعرف مقدار الثروة التي تم تقنينها نتيجة قرارات العفو واللوائح الأخيرة” ولا نعرف “ما مقدار المال والذهب والمجوهرات والأشياء الثمينة الأخرى التي تم جلبها إلى البلاد؟ لم تعد القيمة الإجمالية للأصول متاحة للجمهور ”
فهل تحولت تركيا خلال السنوات الأخيرة عبر السياسات المالية المغلوطة إلى دولة لا تكافح غسيل وتهريب الأموال بل تسعى إلى جلب كل الأموال التي تحتاج إلى غسيل لتدخل نظامها المالي؟
ويظل السؤال الأولي مطروح ومتروك بدون أية إجابة من أين وكيف حصلت تركيا على مبلغ 24 مليار دولار.
https://www.intellinews.com/istanbul-blog-turkey-s-24bn-question-256791/