ماهر المهدى
(زمان التركية)-بدون مقدمات , السنوات القادمة قد تستحق – عن جدارة – لقب سنوات الشك . فالمقدمة كانت سنوات العقد الماضي كاملة – وربما زادت على ذلك – وهى مقدمة كافية ، من حيث المضمون ومن المدة أيضا . وعوامل أو أركان الشك هى :
التقدم العلمى السريع في مختلف المجالات والذى ينعكس سريعا على كل معاملات الحياة – سواء أردنا أو لم نرد -لأن التقدم يكشف لاعيننا جوانبا كانت ربما أمامنا ولكن كانت خفية وصارت واجبة الظهور ومستحقة للتعامل والاستخدام والتطبيق . ثم الصراعات الكثيرة حول العالم والتى تغيرت ملامحها وأدواتها ، وان بقيت على جوهرها من حيث كونها صراعات بشرية تهدف إلى البقاء والى النصر والى السيطرة والى السؤدد والى الاستحواذ على الموارد والى الاستمرارية والديمومة . ثم غرق المواطن العادى في الديون الشخصية وفى طلباته واحتياجاته وأمنياته المتزايدة وفى تحديات الحياة المتجددة المتصاعدة . ثم تضخم آثار الصراعات واتساع نطاق آثارها ، بحيث أثرت بعض الصراعات – وما زالت تؤثر – على العالم كله تقريبا ، لمنعها أو تعطيلها لبعض سلاسل الإمداد الحيوية العاملة في مجالى الغذاء والطاقة .
والأمثلة كثيرة ومرئية ومسموعة طوال اليوم وملء وسائل الإعلام المختلفة المتابعة لتطور الصراعات وتطور آثارها عن قرب . ثم امتداد الاضطرابات الداخلية – المتصلة بالتنافس على السلطة والوصول إلى الحكم – الى دول متقدمة من دول العالم الأول التى لم يكن أحد – في الغالب – يتصور أن يرى فيها محاولات للانقلاب على النظم وعلى القوانين للاحتفاظ بالحكم والاستمرار في السلطة بالاستعانة بالأنصار والتابعين السياسيين والمتعاطفين المتحمسين لمبادىء وأفكار الزعيم . ثم ظهر التضخم الكبير في دول كثيرة – بما في ذلك بعض الدول المتقدمة من دول العالم الأول – وارتفاع الأسعار – بصفة عامة – بشكل غير مسبوق وربما غير متوقع . ثم ظهور طبقة من الأغنياء الجدد عظيمي الثراء المتعطشين للانفاق غير الرشيد ،
ربما للاحتفال بهذا الثراء الغريب وحبا في المظاهر وفى الشهرة أكثر مما هو استخفاف بحسابات الثروة وأسس إدارتها وتنميتها وتعظيمها والاستمتاع بها وتأهيلها للانتقال لأجيال تالية تعيش منها ولها وتصنع منها مستقبلا . ثم ارتفاع تكلفة التعليم النظامى وتدهور مستوى التعليم – في ذات الوقت – وظهور التطبيقات الجيدة الميسرة للتعليم الذاتى وللكثير من المنافع الإنسانية الأخرى ، ومن أمها التجارة على الانترنت أو أونلاين كما يحب البعض . ثم إعلان بعض الدول عن حيازتها لأسلحة لم يعلن عنها ولم تعرف من قبل وتتمتع بقدرات قتالية وتدميرية خطيرة ،
واتجاه العالم الى مواجهات غير معروفة العواقب وقد تبدو حتمية في وقت ما . ثم ظهور ما قد يكون سلسلة من الأوبئة الفيروسية الضارية الفتاكة بالانسان وسريعة الانتشار والوصول إلى الشعوب والى الطبقات الاجتماعية المختلفة حول العالم في يسر وسهولة . ثم استمرار تمسك بعض أنظمة الحكم القديمة بالبقاء في السلطة بكل الطرق – رغم كل التغيرات الجارفة التى يشهدها العالم – ثقة في تفضيل الانسان للحاضر المستقر على مخاطر التغيير والتغير وعلى الوخول في مسارات المستقبل غير المحسوب .