هيثم السحماوي
حق الإنسان في التربية والتعليم
يعتبر حق التربية والتعليم هو جواز السفر لأي أمة أو دولة للتطور والتقدم والازدهار،وهو أفضل الاستثمارات التي تخلق مجتمعات سليمة فكريا وصحيا وانسانيا .
وأهم الاستثمارات على الإطلاق لأنه مرتبط بالاستثمار في أهم عنصر في الدول وهو عنصر الإنسان، وتوجد علاقة طردية بين مستوى تعليم هذا الإنسان وبين اي تطور او تقدم تطمح إليه الدولة وتحقيق مكانة بين الدول، بمعنى أنه كلما كانت جودة التعليم المقدمة للأفراد متقدمة وجيدة، كلما أنتجت العملية التعليمية أشخاص على مستوى عالي من التطور والتحضر، مما أدى في النهاية إلى خلق مجتمع متقدم ومتحضر مما انعكس بالإيجاب على كل الأصعدة سواء على صعيد الدولة أو الأمة أوالعالم بأسره، والعكس صحيح فكلما كان مستوى التعليم متردي ومتدهور في الدولة كلما أنتج أشخاص سيئون يفتقدون الحد الأدنى من مقومات الإنسان المتحضر الصالح ،وكانوا خطرا على مجتمعهم وعلى الانسانية كلها، واصبحوا أرض خصبة لزراعة الأفكار المتطرفة والسلوكيات الغير متحضرة…الخ من التهديدات والمخاطر” فالجهل هو آفة كل شئ”..
وتعمل الأمم المتحدة جاهدة ليس فقط علي توفير هذا الحق لكل إنسان وإنما تقديمه با المستوى والجودة اللازمين .
ومن بين أجهزة الأمم المتحدة التي تعمل على ذلك منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (UNESCO) .
وتنص المادة 26 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على التالي ” التعليم حق لأي شخص“.
وجاء ايضا في المادتين الثالثة عشر والرابعة عشر في ميثاق الحقوق الاقتصادية والثقافية والاجتماعية الدولية، والمادتين الثامنة والعشرين والتاسعة والعشرين من قانون حقوق الطفل، وهذا بسبب ضرورة تطوير البشر بشكل عام باستخدام التعليم، والتعليم بشكل واع هو ما يساعد في الوصول إلى كافة القيم والمعرف الواسعة بالتراث الثقافي وما يقاربه.
وللأسف الشديد تعاني شعوب العالم العربي فيما يتعلق بهذا الأمر من مشكلتان كبيرتان الاولي: حرمان العديد من الأشخاص بنسب مُرعبة من الحصول على هذا الحق من الأساس ،والمشكلة الثانية هي عدم توفر ولو الحد الأدنى من جودة التعليم اللازمة بالنسبة لمن حصلوا عليه ، وبالتالي تصبح الغاية هي مجرد الحصول على شهادة فقط بأي شكل من الأشكال للحصول على وظيفة ، وكنوع من أنواع المظاهر الإنسانية اللازمة (البرستيج ) دون الاهتمام بمضمون العملية التعليمية ومخرجاتها وتشكيلها لشخصية الإنسان ووعيه..وهو خطر كبير على أي مجتمع وسبب كافي للتخلف والبعد عن ركب الحضارة..
ولقد كان من بين جهود الأمم المتحدة في هذا الشأن إبرام الاتفاقية الدولية الخاصة بمنع التمييز في الحصول علي حق التعليم التي أقرها المؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة في دورته الحادية عشرة، المنعقدة في باريس والتي أعلن اختتامها يوم 15 كانون الأول/ديسمبر.وجاءت الاتفاقية تتكون من تسعة عشر مادة . وقد جاء في ديباجة الاتفاقية التأكيد على الآتي :
أن من بين أهداف منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة، بموجب ميثاقها التأسيسي، هدف إقامة التعاون بين الأمم بغية دعم الاحترام العالمي لتمتع كل فرد بحقوق الإنسان والمساواة في فرص التعليم،
ومن واجب منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة بناء على ذلك، ومع احترامها تنوع النظم الوطنية للتربية، لا أن تجرم أي شكل من أشكال التمييز في التعليم فحسب، بل أن تعمل أيضا على تكافؤ الجميع في الفرص والمعاملة في مجال التعليم..
وبناء عليه فالواجب ان تنفذ كل دولة هذه النصوص وتوفر التعليم الجيد اللازم لأفرادها،وفق لاساليب وبرامج ونظم التعليم الحديثة والمتطورة .هذا بالنسبة للدول
وبالنسبة للأفراد ففي حالة عدم قيام الدولة بواجبها على الوجه المطلوب في هذا الشأن، فعلى الأفراد أن يجاهدون في توفير التعليم الجيد لأنفسهم ولأبنائهم ، بإيمان تام بأن أفضل ما يمكن أن يقدمونه لأبنائهم وأعظم شئ علي الاطلاق هو التربية والتعليم الجيدين..