لندن ﴿زمان التركية)_سلط تفرير لصحيفة الجارديان الإنجليزية الضوء على حالة الرعب التي تسيطر على اللاجئين السوريين في تركيا، نتيجة للتقارب التركي السوري لإعادة العلاقات بين الحكومتين، بعد عقد من العداء.
التقارب سيكون على حساب اللاجئين السوريين في تركيا، حيث ينتمي أغلبهم للمعارضة السورية، وكذلك الأكراد الذين تستهدفهم تركيا في الشمال السوري وتريد القضاء عليهم.
وقد جاء في التقرير:
لم يعد أردوغان يسعى للإطاحة بالأسد، الأمر الذي يثير قلق المعارضة السورية، والمنفيين الأكراد من اصل تركي الذين يخشون الإعادة القسرية إلى تركيا، وقد عبر المعارضيين السوريين عن قلقهم من التحركات التركية لتطبيع العلاقات مع دمشق، وسط مزاعم بأن المبادرات ستؤدي إلى مبادلات ديموغرافية جماعية وعودة قسرية لملايين اللاجئين.
وكما صرح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال عطلة نهاية الأسبوع، وكذلك تصريحات المسؤولين السياسيين في الحكومة وعبر وسائل الإعلام حيث تحول الخطاب الذي تتبناه الدولة بشكل ملحوظ وذلك تحت عنوان يردد كثيرا وهو يتمثل في “لا يمكن قطع الحوار السياسي أو الدبلوماسية بين الدول”.
يوم الثلاثاء صرح وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أن أنقرة لن تضع “شروطا للحوار” مع سوريا، كما صرح لإذاعة هابر جلوبال بقوله إن “البلاد -سوريا- بحاجة إلى تطهيرها من الإرهابيين … الناس بحاجة إلى أن يكونوا قادرين على العودة”، وكانت هذه التصريحات أوضح إشارة على أن تركيا شرعت في سياسة جديدة تهدف إلى تحقيق استقرار الأسد ، بعد أن كانت من أبرز المؤيدين الإقليميين للإطاحة به لأكثر من عقد من الزمان.
وقد جاءت تلك التصريحات عشية الذكرى التاسعة لأكبر فظاعة حدثت أثناء الحرب السورية حيث قتل ما يقرب من 1300 مدني بالغاز في منطقة للمعارضة بريف دمشق الخارجي في 21 آب / أغسطس 2013.
إلا ان المتابع للوضع السوري يعي جيدا، أن كلا من روسيا وإيران دفعت الأسد إلى تحقيق نصر باهظ الثمن، في ساحات القتال في البلاد، وبينما تتمتع الدولتان وتركيا الآن بمصلحة بارزة في دولة ممزقة بعد حرب انهكت سوريا تماما حيث أصبحت أجزاء كبيرة من سوريا خارج سيطرة الحكومة المركزية، ففي الشمال الغربي استمرت مدافع الحرب في الاشتعال هذا الأسبوع، حيث استهدفت الغارات الجوية الروسية يوم الاثنين 13 موقعًا مختلفًا في محافظة إدلب، حيث تتمركز المعارضة المناهضة للأسد في البلاد ،بالإضافة إلى أولئك الذين أجبروا على مغادرة منازلهم، هذا في الوقت الذي انتقلت فيه الطائرات النفاثة المستخدمة لقصف سوريا إلى صراع جديد حيث تكثف روسيا ضرباتها الجوية في أوكرانيا اليوم.
ومن جانب تركيا فقد سبق أن عارض أردوغان بشدة التفجيرات الروسية في إدلب، حيث كان لتركيا نفوذ كبير لكن الهجمات الجديدة لم تلق أي رد فعل من أنقرة ، التي اقتربت أكثر من رؤية فلاديمير بوتين لحل الأزمة السورية في الأشهر الأخيرة، ويرى المحللون أن الزعيم التركي تم ثنيه عن شن توغل جديد في شمال شرق سوريا الكردي الشهر الماضي بعد التحدث إلى بوتين خلال قمة في سوتشي، بعد أن فشل في الفوز بمباركة بوتين أو مباركة أمريكا، و بدا أن أردوغان يسعى إلى الدبلوماسية مع سوريا، ولكن في نفس الوقت تم شن ضربات بطائرات بدون طيار ضد من قال مسؤولو مخابراته إنهم متمردين أكراد، وضربت إحدى هذه الضربات مباراة كرة طائرة بالقرب من مدينة الحسكة الأسبوع الماضي مما أسفر عن مقتل أربع فتيات وإصابة سبع أخريات.
من جهة أخرى فإن الجماعات الكردية في الشمال الشرقي والمدعومة من حزب العمال الكردستاني والولايات المتحدة الامريكية تستعد اليوم لتوغل تركي جديد، يخشون أنه يهدف إلى خلق مجال نفوذ تركي جديد على طول الحدود، حيث تسعى أنقرة إلى نقل اللاجئين العرب الذين تم استضافتهم في تركيا خلال العقد الماضي إلى هناك، وحيث يواجه أردوغان انتخابات العام المقبل وتشهد تركيا تصاعد المشاعر المناهضة للاجئين، في الوقت الذي يكافح هو فيه للتعامل مع الاقتصاد المتدهور والاضطرابات الاجتماعية المستعرة، وهو ما دعى أنقرة للإعلان بالفعل عن خطط لإعادة ما يصل إلى مليون لاجئ إلى سوريا، ومولت بناء منازل في المناطق الواقعة بين الأكراد في الشمال الغربي والشمال الشرقي مما أدى فعليًا إلى خلق فجوة بينهم.
ومن غير المرجح أن يحدث الاتصال المباشر مع الأسد قريبًا، لكن من المتوقع أن يستأنف المسؤولون الحكوميون تعاونهم ومن المرجح عودة التعاون الاستخباراتي بين البلدين، وقد صرح مسؤول كبير مقيم في بيروت بأنه “سيتم تنفيذ التطبيع بين البلدين على مراحل” وأضاف بقوله إن “الرسائل من الأتراك واضحة للغاية، إنهم يريدون التعامل مع خطر حزب العمال الكردستاني، ولدى الأسد الآن بعض النفوذ معهم للمرة الأولى، لكن كل ذلك تم من خلال بوتين، ولذلك فستكون هناك خطوات كبيرة للتطبيع “، وبينما لا يزال أكثر من نصف سكان سوريا قبل الحرب نازحين داخليًا أو خارج الحدود السورية، حيث لا يزال معظمهم غير راغبين في العودة ، مشيرين إلى المخاطر التي يشكلها مسؤولو النظام في الداخل، كما يعتقدون أن خطوة عودتهم إلى سوريا ستؤثر عليهم بصورة سلبية خاصة من الناحية المالية.
أما رد الفعل الكردي فيمكن فهمه من تصريحات المسؤولين الأكراد حيث وصف مسؤول كردي كبير في شمال شرق سوريا يوم الاثنين، التقارب التركي مع الأسد “خدعة”، كما صرحت إلهام أحمد عضو المجلس التنفيذي للمنطقة بقولها إن “تركيا لم تدعم الثورة السورية قط، بل استخدمتها لخدمة أجندتها التوسعية القائمة على الاستعمار والتغييرات الديموغرافية، واستخدمت تركيا اللاجئين السوريين”.
وبينما تصر الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية على أن سوريا لا تزال غير آمنة للعودة إليها بالنسبة للذين فروا من الاضطهاد طوال الحرب، إلا أنه من جهة أخرى كما هو وضع اللاجئين السوريين في تركيا اليوم، فقد تغيرت لهجة اللبنانين أيضا تجاه اللاجئين السوريين حيث تحولت مواقف المجتمع في لبنان إلى العدائية، وفي بعض المناطق اضطر اللاجئون للاختباء لتجنب الاعتقال.