ماهر المهدى
(زمان التركية)-خرجت الى البلكون لألقى نظرة على الطريق فى انتظار زائر ما ، وما أن نظرت إلى سقف البلكون حتى فوجئت برشح للمياه وسقوط الطلاء الأبيض النظيف عند ملتقى بلكون شقتى ببلكون جارى بالدور الأعلى .
ولما دققت النظر ، وجدت أن سقف البلكون قد تشرب بمياه كثيرة لا أدرى من أين ولا كيف جاءت . وقد سبق لماسورة المياه العذبة التى تمر داخل العمارة أن تشققت قبل حوالى الشهر وأغرقت شقة جار لى حتى فاضت من شقة الحار الى شقتى ، وقدر الله ولطف بنا ونجوت – بفضل الله – من شر غرق شقتى بالمياه . فلما رأيت سقف البلكون مشبعا بالمياه التى أسقطت دهان الحائط ، لم أصدق لوهلة ما أرى ، فأنا لم أكد أخلص من حادث سابق حتى أرى ما أرى في البلكون . وأسرعت أطلب بواب العمارة لنعرف سبب رشح المياه وإيجاد حل سريع له .
نظر البواب اللطيف الى حيث أشرت له ثم فغر فاهه من الدهشة وقال : صحيح يا بيه . أما غريبة ، لابد أنها شقة الجيران بالدور الثانى وهم يقضون إجازة الصيف بالساحل الشمالى الآن . وبتدقيق النظر وجدت أن الماء يسقط على حافة سقف بلكون شقتى من خرطوم صرف لمياه التكييف بالدور الثالث وليس بالدور الثانى . وقد استغربت أن تكون نقاط المياه المتساقطة من هذا الخرطوم هى السبب في إفساد دهانات الحائط في بلكون شقتى ،
لكن اذا عرف السبب بطل العجب كما يقولون . فبينما اندمجت وبواب العمارة في محاولة البحث عن أى مصادر أخرى لتساقط المياه على سقف بلكون شقتى ونحن واقفان أمام مدخل العمارة أقبل علينا رجل لطيف بدا عائدا لتوه من عمله الى بيته ، فرحب البواب بالرجل اللطيف وقدم الرجل الى كما قدمنى الى الرجل الذي لم يكن – لحسن الحظ – سوى الجار الساكن بالدور الثالث بالعمارة . أى كان الرجل هو الرجل المنشود في تلك اللحظة ، فلم أصدق أن الرجل المطلوب يقف أمامى .
فاسرعت أشرك الجار اللطيف في أزمة سقف بلكون شقتى وأزمة تساقط المياه عليه وسقوط دهانات الحائط . وقد أسقط في يد الجار اللطيف الذي بالطبع لم يكن يعلم بتساقط مياه صرف أحد التكييفات الخاصة بشقته على الجيران وبصفة مستمرة ومنتظمة . وحار الرجل في كيفية تبرير موقفه ووعد بعلاج الأمر فورا ، ومضى كل منا الى حاله وأنا أكثر ارتياحا لاكتشاف مصدر المشكلة وقرب التوصل إلى حلها .
وفى اليوم التالى ، اتصلت بالبواب لأعرف تطورات علاج المياه المتساقطة ، فبدا البواب الطيب أكثر دهشة واستغرابا ، وقال : الإهمال يا سعادة البيه الإهمال الإهمال هو المسؤول . وأردف بواب العمارة تصور سيادتك : ان سبب كل هذه المياه هو ترك الجار بالدور الثالث لجهاز التكييف بالصالون دائرا على مدار الساعة ، لتظل الشقة باردة الجو ويتغلب الجار على حرارة الجو وصعوبة الصيف . وراح البواب يتساءل : ولكن يا بيه ، ألا يمكن لهذا التكييف دائم العمل أن يشتعل في هذا الجو القائظ ويؤدى إلى حريق بالشقة والعمارة ؟؟