(زمان التركية)ــ قدمت صحيفة “نيوزماكس” الأمريكية، تحليليًا بقلم الصحفي الأمريكي جافين واكس، يلقي الضوء على الأسباب الخفية وراء معارضة الرئيس التركي أردوغان، رغبة كلا من السويد وفنلندا الانضمام إلى حلف الناتو.
وقد جاء في المقال:
تم إخفاء فضيحة غسيل أموال ضخمة، لها تداعيات مدمرة على الأمن القومي لدول حلف الناتو والجغرافيا السياسية، الأمر الذي يُظهر كيف يتم إخضاع قوة عالمية مثل منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) من قبل جهات فاعلة خبيثة داخل الحلف.
فيكتور إكس، السويدي واللاجئ بالولايات المتحدة، دق ناقوس الخطر، بعد أن كشف عن الفساد المالي الدولي الذي تتورط فيه بعض المؤسسات السويدية، هذا الكشف الذي كاد أن يقضي على حياته، لا سيما ما أعلنه بشأن فضيحة غسيل الأموال غير المشروعة التي تغذيها القوة التركية في جميع أنحاء الغرب، وهو ما دعاه لرفع دعوى قضائية بقيمة 4.2 مليار دولار في محكمة نيويورك للمطالبة بمساءلة سويدبانك وفولكسام و SEB والتي تعد أكبر المؤسسات المالية في السويد، فيما يتعلق بتعاملاتهم الفاسدة وغير المشروعة مع بعض المسؤولين الأتراك.
وقد قدم فيكتور إكس أدلة دامغة تظهر أن القطاع المالي السويدي قد غسل مليارات الدولارات المكتسبة في تجارة المخدرات الدولية من خلال استثمارات العقارات والبنية التحتية، واليوم فيكتور إكس يخضع للحماية الشديدة من الشرطة الأمريكية لحمايته من الأعمال الانتقامية التي أطلقها الذراع اليمنى للرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس الوزراء السابق لتركيا بن علي يلدريم.
ولكن ما علاقة ذلك بعدم رغبة تركيا انضمام السويد وفنلندا لحلف الناتو، بعد أن أطلقت روسيا عمليتها العسكرية الخاصة الجارية في دونباس، اختارت دولتان غربية كانتا قد اختارتا في السابق التخلي عن عضوية الناتو، السويد وفنلندا، التقدم بطلب للانضمام لحلف شمال الأطلسي ونظرًا لطبيعة هيكل حلف الناتو والذي يتطلب اتفاقًا بالإجماع لقبول أعضاء جدد، فقد انتهز أردوغان الزعيم الذي لا يخشى أبدًا تأكيد سلطته على الساحة العالمية اللحظة لتضييق الخناق أكثر على السويد، واستخدام الأكراد ذريعة لذلك حيث يطالب أردوغان علنًا بأن تقوم السويد بتسليم 73 سجينًا سياسيًا لمواجهة محاكمات صورية في دولته “الإسلامية” لكن هذا لا يمكن الدفاع عنه لأن المحكمة العليا السويدية قد رفضت بالفعل طلبات تسليم 19 من هؤلاء الأفراد، وسيحاكم الباقون بشكل فردي في المحاكم السويدية لتسليم المجرمين، ورغم معرفة أردوغان التامة للوضع إلا أنه يطرح هذا الطلب غير المعقول كذريعة لمنع السويد من الانضمام إلى الناتو.
ومن المعروف أن دول الناتو تمنح الملاذ الأمن بانتظام للاجئين الأكراد ويقدر عدد اللاجئين الأكراد داخل دول الناتو بأنه أكبر من عدد اللاجئين الأكراد في السويد بعدة مرات، حيث يبلغ عدد اللاجئين الأكراد في ألمانيا 1.2 ، أما في فكلا من فرنسا وهولندا فيقدر عدد اللاجئين الأكراد بين مليون إلى 1.5 مليون كردي، بينما عدد اللاجئين الاكراد في السويد يبلغ حوالي 83000 نسمة فقط، لكن أردوغان يمتنع عن اتخاذ موقف متشدد ضد أي من دول الناتو ويركز جهوده على السويد.
الأمر الذي يعطي مزاعم فيكتور إكس سياقًا إضافيًا لدوافع تركيا في عرقلة طموحات السويد في الناتو، حيث يمتد مخطط غسيل الأموال التركي الذي وصفه بالتفصيل والمتورط فيه اليد اليمنى لأردوغان ورئيس الوزراء التركي السابق بن علي يلدريم ، الذي كانت شركته العائلية متورطة بشكل وثيق في الفضيحة، ووفقًا لشهادة فيكتور إكس فإن الأموال تأتي إلى حد كبير من تهريب المخدرات بين النخب في كل من تركيا وفنزويلا.
وبحسب وصف فيكتور إكس فإن تركيا هي صاحبة أكبر عملية تهريب مخدرات في التاريخ، والحقيقة فإن هذا الادعاء يدعمه رئيس المافيا التركي المنفي سادات بكر.
إن تركيا تستخدم الحياد الرسمي الذي تمارسه دول مثل السويد وفنلندا لجعلها شريكة في جرائمها ، وبينما يدفع العدوان الروسي هذه الدول نحو الناتو ، مما يعرض وضع تركيا الراهن للخطر.
وإذا نظر للأمر من هذه الزاوية سنجد أن شهادة فيكتور إكس لا تكشف فقط عن كيفية تأثير أموال المخدرات التركية على الجغرافيا السياسية فحسب، بل تُظهر أيضًا كيف يشارك القادة الغربيون في تمثيلية دولية عندما يتعلق الأمر بانضمام السويد وفنلندا إلى الناتو.
إن فيكتور إكس وعمله كوكيل مصرفي ساعد عملائه في إنشاء حسابات مصرفية ذات امتيازات ضريبية في بلدان أخرى، مثل لوكسمبورغ أو سنغافورة أو دبي، ونقل الأصول بينهم، ورغم أنه لم يساعد النخبة الثرية في إخفاء الأموال القذرة لكنه أصبح خبيرًا في فتح الحسابات المصرفية، وإنشاء هياكل معقدة للشركات وأصبح على علم بالخطوات الأخرى التي تؤدي إلى إخفاء الأموال والكيفية التي يتم بها غسيل الأموال على نطاق واسع، لذلك عندما أعلن المدعي العام ميريك جارلاند أن وزارة العدل كانت تنشئ فرقة عمل لتعقب أصول الأوليغارشية الروسية الأمر الذي لم يحدث تماما، وهو ما دعى فيكتور إكس للتعليق على الأمر بإنه إما بسبب عدم الكفاءة أو لأن إدارة بايدن تريد فقط أن تبذل جهدًا رمزيًا للكاميرات ضد الروس، على غرار الطريقة التي يعاني بها الناتو بسبب قضية غسيل الأموال التركية التي لا يريد أحد التحدث علنا عنها أو مساسها.
وقد أجرى فيكتور إكس مقابلة مع رئيسة الوزراء السويدية ماجدالينا أندرسون وجهاً لوجه في واشنطن العاصمة وشرح لها الحل الذي يمكن اتباعه فيما يتعلق بموضوع غسيل أموال النخبة السياسية التركية والمتورط فيه بعض من أكبر المؤسسات المالية السويدية لكنه لا يتوقع قبول طلبه.
إن القادة السياسيون يحتاجون إلى التوقف عن الكذب على العالم والبدء في الحديث عن القضية الحقيقية وهي قضية غسيل الأموال التي حددها فيكتور إكس بتفاصيل جادة أمام المحاكم الأمريكية.
كما تحتاج وسائل الإعلام إلى البدء في محاسبة قادتها السياسيين وإلقاء الضوء على فضيحة غسيل الأموال هذه، بدلاً من دفع عناوين الأخبار المثيرة حول روسيا المصممة لجذب الانتباه وتغذية الروايات الملائمة، وبدون ذلك لن يكون لدى السويد وفنلندا أي فرصة للانضمام إلى الناتو على الإطلاق، بل وستستمر الأزمة الجيوسياسية الحالية في التفاقم.