بقلم هيثم السحماوي
حق المحبوس والمسجون في معاملة إنسانية
من أسف أن يعتبر البعض الحديث عن هذا الموضوع نوعا من المثالية أو أنه حديث مناسب لعالم المدينة الفاضلة،ووجهة النظر هنا أن محور الحديث هنا مجرم، فكيف يكون محلاً للحديث عن حقوقه وإثارة موضوع المعاملة الانسانية بشأنه فيكفي الجرم الذي ارتكبه في حق الآخرين وحق المجتمع الذي أسقط عنه أي رأفة أو رحمة يمكن ان يُعامل بها !!؟؟
وهذه وجهة نظر غير صحيحة على الإطلاق، وتتنافي وأُسس العدالة ومبادئ حقوق الإنسان .
أولا: فيما يتعلق بحقوق المحبوسين احتياطيا ، أو بمعني أخر هؤلاء ممن لم يثبت ادانة بحقهم، فالمبدأ العام الحاكم لمعاملتهم ووضعهم هو “أن المتهم برئ حتى تثبت إدانته ” وهي ليست مجرد جملة سينمائية او عبارة محفوظة وفقط ، وانما كما ذكرت هي المبدأ الحاكم للمعاملة مع المحبوس احتياطياً، الذي مازال لم يدان بعد، وهذا الحبس يجب أن يكون استثناء و لأقصر فترة زمنية ممكنة طبقا لقواعد لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب ولجنة حقوق الإنسان.
أما فيما يتعلق بحقوق السجناء وهم الذي ثبتت في حقهم الادانة طبقا لأحكام قضائية، ففيما يتعلق بحقوقهم فأشير هنا إلى عدة نقاط أجد أنه من الأهمية بمكان معرفتها:
- هذا المسجون له كامل الحقوق المنصوص عليها في هذا الشأن وليس علي الإطلاق شخصا مستباحا بلا حقوق نتيجة للجرم الذي ارتكبه، ولكن نتيجة الجرم الذي ارتكبه كل ماعليه هو قضاء العقوبة المقررة بالحكم القضائي في بيئة مناسبة ومن خلال معاملة إنسانية. والمبدأ المستقر في العدالة الجنائية هو:” عدم جواز معاقبة الشخص عن الفعل الواحد مرتين”.
- وضروري هنا ادراك ان العقوبة تهدف إلى ثلاثة أشياء الاولي هي أخذ حق من ارتكب الجرم في حقه او حقهم والثانية أخذ حق المجتمع ايضا وتحقيق “الردع العام” وهاتان الغايتان يحققهما وجود الشخص في محبسه وفق العقوبة المقررة، اما الغاية الثالثة فهي تأهيل هذا الشخص حتى عندما يخرج للحياة بالمجتمع يكون عضوا صالحا به وإنسانا سويا، وهذا يتأتى اولاً عن طريق المعاملة الانسانية التي يلقاها هذا السجين في محبسه والتقدير الإنساني لحالته ثم عن طريق البرامج التأهيلية والإصلاحية والتعليمية التي يتلقاها بالسجن.
- مسألة أن من حكم عليه بالحكم فهو قطعا المدان يرد عليها استثناءات ، وهنا ترد المقولة الشهيرة التي تعبر عن واقع احيانا ” ياما في الحبس مظاليم ” فالقاضي عندما يحكم هو يحكم للأ قوي حجة من خلال الاوراق وادلة الثبوت التي أمامه ولا يملك الاطلاع على بواطن الناس وضمائرهم.
وبالنسبة لدور الأمم المتحدة في هذه القضية فلقد حرصت المنظمة على وضع
القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء تلك التي أوصى باعتمادها مؤتمر الأمم المتحدة الأول لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين المعقود في جنيف عام 1955،وأقرها المجلس الاقتصادي والاجتماعي بقراريه 663 جيم (د-24) المؤرخ في 31 تموز/يوليو 1957 و 2076 (د-62) المؤرخ في 1 أيار/مايو 1977.
والتي فيها الحديث عن الضوابط والشروط التي يجب أن تتوفر في مكان سجن الشخص ، وضرورة توفير ما يساعده في الاهتمام بنظافته الشخصية ،وتوفير الخدمات الطبية اللازمة له، والطعام المناسب، والاهتمام بممارسته للرياضة، وطريقة إتصال مناسبة بالعالم الخارجي، توفير التعليم والترفيه، وفي حالة عمل السجين فينبغي أن يكون عملاً مناسبا له ….الخ من ضوابط وإجراءات يجب أن تراعي في معاملة المسجون وبيئة السجن..