بقلم هيثم السحماوي
حق العيش في بيئة إنسانية
حق الانسان في العيش ببيئة انسانية نظيفة امنة علي صحته البدنية والنفسية والعقلية،هو حق من حقوق الإنسان التي يوجد بينها وبين تقدم المجتمع وتطوره وتحضره علاقة طردية فكلما كان الإنسان ينعم ببيئة نظيفة خالية من التلوث البصري والسمعي والغذائي وكافة أشكال التلوث الأخرى كلما ساعد ذلك على تكوين انسان متحضر راقٍ مفيد لمجتمعه، مما ينعكس بالإيجاب على تقدم المجتمع وتطوره بشكل عام، وايضا هذا الحق له علاقة وطيدة بحق الانسان في الصحة بل والحق في الحياة .
و مسألة الحفاظ على البيئة ليست من قبيل الرفاهيات كما يعتقد البعض، والأخطار التي تهدد البيئة ليست مجرد أضغاث أحلام للمهتمين بالشأن البيئي، وإنما هي واقع بات يهدد الجميع، ولعلي ما شاهدناه مؤخرا وما يعاني منه العالم أجمع من انتشار الأمراض والفيروسات المعدية، التي كان من بينها فيروس كورونا المدمر(COVID- 19)الذي راح ضحيته الآلاف حول العالم من جميع الدول كبيرها وصغيرها اقواها وأضعفها، والآن فيروس جدري القرود، ثم قضية التغير المناخي التي بدت تلوح في الأفق منذ فترة و باتت تهدد حياة الإنسان على الأرض،والتي وفقا لاتفاقية المناخ التي استضافتها باريس عام 2015، الذي اتفقت فيه 195 دولة على احتواء الاحتباس الحراري “نهائيا” بما لا يزيد عن +2 درجة مئوية حتى عام 2100، وإذا أمكن +1.5 درجة، في حين أن العلماء والخبراء في المناخ يقولون أن التغير المناخي المتوقع يتراوح مابين 3 الى 4 درجة مئوية.
ويضاف الي ذلك ايضا المشكلة الكبيرة التي لا يكاد تُلقي لها بالا الدول النامية ، وهي كارثة فقدان التنوع البيولوجي التي باتت تهدد العالم أيضا .
كل هذا وغيره جعل البعض يغيرون موقفهم ويضعوا قضية الحفاظ على البيئة في موضعها الصحيح وهو أنها قضية مرتبطة ببقاء الإنسان ذاته، بينما لايزال البعض الأخر يجهلون أو يتجاهلون حقيقة الأمر وهم في سهوهم يعمهون.
وتولي الأمم المتحدة اهتماما كبيرا بهذا الحق سواء بطريق مباشر أو غير مباشر، ويعد برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP) وهو جهة النشاط المعني بالبيئة والتابع لمنظمة الأمم المتحدة ، وأنشئ وقت انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة لبيئةالإنسان في مدينة ستوكهولم بالسويد في يونيو العام (1972)، ويقع مقره في مدينة نيروبي في كينيا، ولدي البرنامج ستة مكاتب إقليمية في مناطق مختلفة من العالم.
وقد تأسس برنامج الأمم المتحدة للبيئة لتشجيع قيام شركات لرعاية البيئة على نحو يتيح للأمم والشعوب تحسين نوعية حياتها دون إضرار بنوعية حياة الأجيال المقبلة، كما يقيم الانشطة الدولية والفعاليات مثل يوم البيئة العالمي في 5 يونيو من كل عام.
وأولويات البرنامج الرئيسية تشمل:
- لدي البرنامج نظام الرصد والتقييم والإنذار المبكر في مجال البيئة حول العالم.
- تشجيع النشاط البيئي حول العالم وزيادة الوعي المجتمعي بالقضايا البيئية.
- تبادل المعلومات عن التكنولوجيات السليمة بيئيا وإتاحتها للجميع.
- تقديم المشورة التقنية والقانونية والمؤسساتية للحكومات والمنظمات الإقليمية.
وقضية البيئة أيضا كباقي حقوق الإنسان التي لا تعد أمرا داخليا خاصا بكل دولة وفقط لا يتعدى إلى غيرها من الدول ، وإنما أصبح على عكس ذلك تماما فيتعدى أثره ليؤثر على البشرية جمعاء وخطره يهدد الوجود البشري ذاته .
ومن ثم فيجيب لحماية انفسنا وغيرنا والعالم اجمع ان يهتم أولي الأمر من قادة الدول ومنظمة الأمم المتحدة بتفعيل الإجراءات والاتفاقيات الدولية الخاصة بحماية البيئة داخل كل دولة ، ولا يقتصر الأمر على مجرد إنشاء هيئات ومنظمات مختصة بالبيئة وعقد الاتفاقيات والمؤتمرات التي تمتلئ باالكلام المنمق والعبارات الرنانة فقط دون أن يمتد أثرها لتنفيذ أفعال واتخاذ الإجراءات اللازمة، وإنما هي عبارات أُعدت سلفا من قبل من لديهم مهارات عالية في أعداد كلمات مؤثرة ، يقولها من لا يؤمن بها، ويتخذ القرار من لا يفهم ولا يقدر حجم المشكلة على افضل احتمال، والمطالبين بالتنفيذ هم في وادي آخر لا علاقة له بهؤلاء، وبالتالي فيجب على منظمة الأمم المتحدة أولا: التوعية اللازمة بخطورة وجدية القضية ثم المتابعة الدقيقة لتنفيذ الدول بالتزاماتها في هذا الإطار، حيث انه مع الاسف الشديد ان بعض الدول باتت تتخذ هذا الموضوع حجة جديدة ومدخلا لتلقي المساعدات والمعونات الدولية وهي في قرارة نفسها ما زالت لا تأخذ الموضوع على محمل الجد ولا توليه الاهتمام والتقدير المستحق .
ويظل دور الفرد هو الأساس كما هو في كل قضية ، وأن يبدأ الإنسان بنفسه في القيام بدوره على أكمل وجه في الحفاظ على البيئة .