بقلم” هيثم السحماوي
( زمان التركية)-حظر التعذيب وكل ضروب المعاملة اللاإنسانية
هذا الحق من حقوق الإنسان ثابت بشكل مطلق وعام وغير ُمبرر تحت أي ظرف من الظروف او مبرر من المُبررات، بل وفي الأوقات العادية من خلال بنود ونصوص حقوق الإنسان وفي اوقات الحروب ايضا من خلال بنود ونصوص القانون الدولي الإنساني، وهذا الأمر ضروري يستلزمه الحد الأدنى من الكرامة الإنسانية، ومحظور فعله ضد أي أحد سواء كان من قبل الحكومات او الافراد العاديين تجاه بعضهم البعض، ولا تبرره أي علاقة مهما كانت مثل الابوة او الزوجية او الامومة او غيرها من العلاقات والروابط الاخرى ، بل ولا يبرره حتى سلوك الشخص الإجرامي، بمعنى أن مرتكب جريمة مهما كبرت فهو يحاكم وفقا للقانون على سلوكه الإجرامي الذي اقترفه، ولا يجوز أن يتخذ ما فعله الإجرامي ذريعة لاخضاعه لأي نوع من أنواع التعذيب وانتهاك كرامته الإنسانية بأي شكل من الأشكال.
وتسعى الأمم المتحدة من خلال مختلف أجهزتها في العمل على الحفاظ على الكرامة الإنسانية للشخص وحمايتها من كل الانتهاكات خاصة تلك التي تشكل انتهاكا صارخا وجرما واضحا في حق الإنسان كا التعذيب وغيره من ضروب المعاملات اللا إنسانية .
وتعد من ضمن جهود الأمم المتحدة في هذا الإطار اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملات أو العقوبات القاسية او اللاانسانية او المهينة،وقد اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة وفتحت باب التوقيع والتصديق عليها والانضمام إليها في القرار 39/46 المؤرخ في 10 كانون الأول / ديسمبر 1984، تاريخ بدء النفاذ: 26 حزيران/ يونيه 1987،وفقا للمادة 27 (1).
وتتكون هذه الاتفاقية من ثلاثة أجزاء وثلاثة وثلاثين مادة ، توضح المادة الأولى منهم ماهية التعذيب كالاتي: ” أى عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد ،جسديا كان أم عقليا،يلحق عمدا بشخص ما بقصد الحصول من هذا الشخص،أو من شخص ثالث،على معلومات أو على اعتراف،أو معاقبته على عمل ارتكبه أو يشتبه في انه ارتكبه ،هو أو شخص ثالث أو تخويفه أو إرغامه هو أو أى شخص ثالث – أو عندما يلحق مثل هذا الألم أو العذاب لأى سبب يقوم على التمييز أيا كان نوعه،أو يحرض عليه أو يوافق عليه أو يسكت عنه موظف رسمي أو أي شخص يتصرف بصفته الرسمية ولا يتضمن ذلك الألم أو العذاب الناشئ فقط عن عقوبات قانونية أو الملازم لهذه العقوبات أو الذي يكون نتيجة عرضية لها.
2- لا تخل هذه المادة باى صك دولي أو تشريع وطني يتضمن أو يمكن أن يتضمن أحكاما ذات تطبيق أشمل.”
ثم تأتي المادة الثانية من هذه الاتفاقية بنص قوي يضع النقاط على الحروب فيما يتصل بهذه الجريمة في فقرتها الثالثة فتقول:
1- تتخذ كل دولة طرف اجراءات تشريعية أو ادارية أو قضائية فعالة أو أية إجراءات أخرى لمنع أعمال التعذيب في أي إقليم يخضع لاختصاصها القضائي
2-لا يجوز التذرع باية ظروف استثنائية أيا كانت، سواء أكانت هذه الظروف حالة حرب أو تهديدا بالحرب أو عدم استقرار سياسي داخلي أو اية حالة من حالات الطوارئ العامة الاخرى كمبرر للتعذيب.
3- لا يجوز التذرع بالأوامر الصادرة عن موظفين أعلى مرتبة أو عن سلطة عامة كمبرر للتعذيب.”
وتوجد العديد من النصوص الدولية الأخرى التي تتصدى لهذه الجريمة، حيث تنص المادة 5 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة 7 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، على عدم جواز تعرض أحد للتعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، اضافة الى اتفاقية جنيف لعام 1994.
ومصر تعد من أوائل الدول التي وقعت علي هذه الاتفاقية ومن ثم فهي ملتزمة بها.
والحقيقة أن الحماية للإنسان من خطر تعرضه لهذه الجريمة البشعة يتحقق بأمرين أولا: التربية والتعليم على احترام الشخص وتقديسه لحقوق الإنسان وكرامة اخيه الانسان، ثانيا العقوبات الرادعة لكل من ينتهك هذا الحق ويعرض اخيه الانسان لأي لون من الوان واشكال هذا الانتهاك والاعتداء على كرامته الإنسانية، وفي ذلك تنص المادة العاشرة من الاتفاقية علي:
“1- تضمن كل دولة إدراج التعليم والإعلام فيما يتعلق بحظر التعذيب على الوجه الكامل في برامج تدريب الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين سواء أكانوا من المدنيين أو العسكريين، والعاملين في ميدان الطب، والموظفين العموميين أو غيرهم ممن تكون لهم علاقة باحتجاز أي فرد معرض لأى شكل من أشكال التوقيف أو اعتقال أو سجن أو باستجواب هذا الفرد أو معاملته.
2- تضمن كل دولة طرف إدراج هذا الحظر في القوانين والتعليمات التي يتم إصدارها فيما يختص بواجبات ووظائف مثل هؤلاء الأشخاص.”..