بقلم: ماهر المهدي
التساؤلات تتفجر على امتداد الصراع الروسي الأوكراني – الأوروبي – الأمريكى ، سواء مباشرة أو نتاجا لمواقف وأحداث معينة أو غير مباشرة وذلك بالنظر إلى الصورة كاملة . من هذه التساؤلات التى أصبحت ملحة حقيقة اليوم سؤال يختص بامدادات الطاقة الروسية الهامة المختلفة والتى تشمل الغاز والبترول والطاقة النووية .
فاذا كان الغرب أو المعسكر الغربى يحاول اليوم جاهدا قطع صلاته ومعاملاته بروسيا – وخاصة في مجال الطاقة بأنواعها المختلفة – ولا يستطيع في الواقع القيام بهذه المهمة ، لا بسهولة ولا بصعوبة حتى الآن ، فلماذا سمح لنفسه أن يعتمد على تلك الواردات حتى باتت جزءا حيويا من حياة ومن أمان ومن قدرات هذا المعسكر ؟ فهل طغت المصلحة الاقتصادية طوال السنين والعقود الماضية على سائر المصالح والأهداف الأخرى وتركت الاحتياطات والمحاذير – بشأن مخاطر وتقلبات المستقبل التى قد تعترى العلاقات بين المعسكرين الشرقى والغربى – للظروف والمقادير لتقرر ما تشاء اذا ما وقع المحذور وليكن ما يكون ؟ أما أن عناصر المعسكر الغربى فشلت حينذاك في التوصل الى اتفاق يشأن هذه النقطة ورأى المعسكر الغربى – حينذاك – أن يترك القرار بشأن واردات الطاقة من روسيا لقرار كل دولة ، لنصل اليوم الى الوضع الراهن ؟
واذا كان الأمر كذلك ، فكيف لم تحرك السنون والعقود والباحثون والباحثات أصحاب القرارات الراكدة وتهز حالة الانتظار الطويلة من أجل قرار أو قرارات واضحة ومناسبة بشأن الاعتماد على واردات الطاقة المختلفة من روسيا ، خاصة وأن العلاقات بين المعسكرين الشرقى والغربى أو تحديدا بين روسيا والمعسكر الغربى لم تتبدل ورودا وأزهارا ولم تسقط أشواكها وان سقطت جدران وأنظمة وزعامات منذ نهاية الحرب العالمية الثانية .
فلم تبشر تطورات الأحداث عبر السنين والعقود السبعة الماضية بحالة من الوئام والتقارب الميمون بين روسيا والمعسكر الغربى بل رصدت روسيا كعدو أول طوال السنين وحتى اليوم – وفقا لتصريحات وكتابات المسؤولين الغربيين – وهو الأمر الذي يؤكده العزم الغربى المجتمع على هذه العقوبات المهولة المفروضة الآن على روسيا وعلى هذا الكم الهائل من المساعدات المتباينة المقدمة الى أوكرانيا في مواجهة روسيا وعلى مزيد من التهديد والوعيد بمزيد من العقوبات ومزيد من الدعم والمساندة المتطورة لأوكرانيا .
ان هذا الارتباط الغربى القوى بواردات الطاقة الروسية الى الحد الذي قد يعجز معه البعض عن التخلى عنها – على الأقل لسنوات طويلة قادمة رغم كل النذر والمحاذير والتنبؤات الواضحة بمواجهات قادمة ومحتملة مع روسيا – قد يبدو عملا غريبا يحتاج إلى البحث وإلى الدراسة المعمقة لنعرف كيف يفكر المعسكر الغربي المتقدم ، وكيف يمكن للأزمة الروسية الأوكرانية الراهنة أن تتطور لاحقا ، وكيف يخطط المعسكر الغربى لمستقبله .